فقط قال الله وقال الرسول فكيف لم تتفق المذاهب الاربعة
الله عز وجل يقول ((أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ))[1]
فالله عز وجل يتكلم عن الشريعة ويقول أن الذي يكون من غير الله عز وجل يكون فيه اختلاف كبير ونرى إنكم لم تتفقوا في مسألة حتى وصل الحال أنكم لا تكادون تتفقون في مسالة واحدة في الصلاة فالمذاهب الأربعة مختلفة عن بعضها اختلافا شديدا .
أولا : الصلاة
الصلاة عمود الدين إذا قبلت قبل ما سواها ولكن نرى اختلافات شديدة جدا في أجزاء الصلاة ولكن للاختصار نذكر بعضها .
الفاتحة : اختلفت المذاهب الأربعة في الفاتحة فقد ذهب الأئمة الثلاث مالك واحمد والشافعي على ان الفاتحة في جميع الركعات فرض , بحيث لو تركها المصلي عامدا في ركعة من الركعات بطلت صلاته بخلاف الإمام ابو حنيفة ان قراءة الفاتحة في الصلاة ليست فرض وإنما هي واجب , وان شئت قل سنة مؤكدة فان تركها صلاته لا تبطلوالمفروض عند الأحناف مطلق القراءة لا قراءة الفاتحة بخصوصها فيمكن ان يقرأ أي صورة بدل الفاتحة[2] .
أما بالنسبة للقراءة : فقد صرح الإمام أبا حنيفة قراءة الفاتحة باللغة الغير عربية ( الفارسية ) مع عدم التمكن من قراءتها بالعربية خلاف الأئمة الثلاثة[3] .
الركوع : بالاتفاق فرض واختلفوا الأئمة الأربعة بكيفيتها[4] .
السجود : فهو فرض بالاتفاق واختلفوا في القدر المصحح السجود[5] .
التشهد : فرض عند الشافعية والحنفية قالوا التشهد الأخير واجب , المالكية قالوا سنة[6] .
وقد اختلفوا بألفاظ التشهد :
الحنفية قالوا : إن ألفاظ التشهد هي : " التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
المالكية قالوا : إن ألفاظ التشهد هي : " التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
الشافعية قالوا : إن ألفاظ التشهد هي : " التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله .
الحنابلة قالوا : إن التشهد الأخير هو : " التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أ لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صلي على محمد[7] .
أما بالنسبة للتسليم للخروج من الصلاة :
اتفق ثلاثة من الأئمة على أن الخروج من الصلاة بعد تمامها لا بد أن يكون بلفظ : السلام وإلا بطلت صلاته وخالف الحنفية في ذلك فقالوا : إن الخروج من الصلاة يكون بأي عمل مناف لها حتى ولو بنقض الوضوء ولكن لفظ السلام واجب لا فرض[8] .
أما صيغة السلام :
الحنفية - قالوا : إن الخروج من الصلاة بلفظ السلام ليس فرضا بل هو واجب .
الحنابلة قالوا : يفترض أن يسلم مرتين بلفظ : السلام عليكم ورحمة الله بهذا الترتيب وهذا النص وإلا بطلت صلاته .
الشافعية قالوا : لا يشترط الترتيب في ألفاظ السلام فلو قال : عليكم السلام صح مع الكراهة .
المالكية قالوا : لا بد في الخروج من الصلاة أن يقول : السلام عليكم . بهذا الترتيب . وبهذا النص . ويكفي في سقوط الفرض عندهم أن يقولها مرة واحدة[9] .
فأيهما صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
ثانيا : وطأ الدبر
نرى أنكم اختلفتم في مسالة وطأ الدبر وقلتم ان وطأ الدبر محرم و يستوجب طلاق الزوجة وبذلك نرى بعض علمائكم يرونها جائزة وهناك من أئمتكم من يصرح انه يمارسها كالإمام مالك .
يقول الإمام الشافعي : ذهب بعض أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن إلى إحلاله وآخرون إلى تحريمه.[10]
عبد الله بن عمر مذهبه وقوله بجواز وطأ الدبر مما لا إشكال فيه .
ما أخرجه الطبري في تفسيره حيث قال : حدثني يعقوب ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا إبن عون ، عن نافع ، قال : كان إبن عمر إذا قُريء القرآن لم يتكلم ، قال فقرأت ذات يوم هذه الآية : ) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ([11]، فقال : أتدري فيمن نزلت هذه الآية ؟ قلت : لا، قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن.[12]
وهذا الخبر أخرجه في صحيحه عن إسحاق بن راهويه مبهما ، حيث قال: حدثنا إسحاق ، أخبرنا النضر بن شميل ، أخبرنا إبن عون ، عن نافع قال: (( كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوما، فقرأ سورة البقرة حتى إنتهى الى مكان قال: تدري فيم أنزلت ؟ قلت : لا، قالت: أنزلت في كذا وكذا ، ثم مضى)).[13]
قال الحافظ ابن حجر : (( وقد عاب الإسماعيلي صنيع البخاري ، فقال : جميع ما أخرج عن ابن عمر مبهم ل فائدة فيه)).[14]
وأخرجه الحافظ الكبير إسحاق بن راهويه في مسنده بنفس السند الذي نقله عنه البخاري في صحيحه حتى إذا انتهى إلى قوله تعالى : ) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (، فقال: أتدرون فيما أنزلت هذه الآيـــة ؟ قلت لا. قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن)).[15]
ومما تقدم اتضح أن الخبر مما لا كلام في صحته، بل هو على شرط البخاري ومسلم، بل أخرجه البخاري وإن نقله مبهما.
قال الطبري أيضا : حدثني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم أبو مسلم ، قال حدثنا أبو عمر الضرير ، قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم صاحب الكرابيسي ، عن إبن عون ، عن نافع ، قال : (( كنت أمسك على إبن عمر المصحف ، إذ تلا هذه الآية ) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (، فقال : أن يأتيها في دبرها)).[16]
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور : وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده ، والطبراني في الأوسط ، والحاكم وأبو نعيم في المستخرج بسند حسن عن إبن عمر قال: ((إنما نزلت ) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ …( الآية ، رخصة في إتيان الدبر)).[17]
قال أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار : حدثنا أبو قرة محمد بن حميد بن هشام الرعيني ، قال حدثنا أصبغ بن الفرج ، وأبو زيد بن أبي العمر ، قالا : قال: أبو القاسم، وحدثني مالك بن أنس ، قال : حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن أبي الحباب سعيد بن يسار ، أنه سأل إبن عمر عنه، يعني عن وطئ النساء في أدبارهن ، فقال: لا بأس به.[18]
قال النسائي في السنن الكبرى : أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي ، قال : أخبرنا معن ، قال حدثني خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت ، عن يزيد بن رومان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، أن إبن عمر كان لا يرى بأساً أن يأتي الرجل امرأته في دبرها. قال معن : وسمعت مالكاً يقول : ما علمته حرام.[19]
يقول الحافظ الفقيه محمد بن جرير الطبري في كتابه اختلاف الفقهاء :
(( واختلفوا في إتيان النساء في أدبارهن بعد إجماعهم أن للرجل أن يتلذذ من بدن المرأة بكل موضع منه سوى الدبر ، فقال مالك: لا بأس بأن يأتي الرجل امرأته في دبرها كما يأتيها في قبلها، حدثنا بذلك يونس ، عن إبن وهب ، عنه)).[20]
وقال ابن قدامة في المغني :
(( ولا يحل وطئ الزوجة في الدبر في قول أكثر أهل العلم…)).
إلى أن قال : (( ورويت إباحته عن إبن عمر ، وزيد بن أسلم ، ونافع ، ومالك، وروي عن مالك أنه قال: ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال، وأهل العراق من أصحاب مالك ينكرون ذلك)).[21]
وأخرج الخطيب في رواة مالك ، عن أبي سليمان الجرجاني قال: (( سألت مالك بن أنس عن وطئ الحلائل في الدبر؟ فقال لي: الساعة غسلت رأسي منه)).[22]
هنا الإمام مالك يعترف انه فعلها واغتسل منها .
وقال القرطبي في تفسيره : وذكر إبن العربي أن إبن شعبان أسند جواز هذا القول إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين، وإلى مالك من روايات كثيرة في كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن.[23]
والإمام الشافعي يراها حلال
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور : وأخرج الطحاوي والحاكم في مناقب الشافعي والخطيب عن محمد بن عبد الله بن الحكم أن الشافعي سئل عنه؟ فقال: ما صح عن النبي (ص) في تحليله ولا تحريمه شيء والقياس أنه حلال.[24]
وهذا الخبر أخرجه عن الحاكم البيهقي في معرفة السنن والآثار حيث قال : وأما الحكاية التي أخبرنا بها أبو عبد الله الحافظ في آخرين، قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال: سمعت محمد بن عبد الله بن الحكم يقول : سمعت الشافعي يقول : ليس فيه عن رسول الله (ص) في التحريم والتحليل حديث ثابت، والقياس أنه حلال.[25]
وممن يراها حلالا عدة من فقهاء السنة وهم :
محمد بن كعب القرظي وهو احد كبار فقهاء السنة المعتمدين .
محمد بن المنكدر التيمي أحد كبار فقهاء التابعين المعتمد عليهم عند السنة ، قال بشأنه الذهبي: الإمام، الحافظ ، القدوة ، شيخ الإسلام.[26] وقال فيه مالك : سيد القرَّاء.[27] وقال إبن حجر: ثقة فاضل.[28]
عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة وهو أحد كبار فقهاء التابعين المعتمد عليهم عند السنة ، قال الذهبي: وكان عالماً مفتيا، صاحب حديث وإتقان، معدود في طبقة عطاء، ولي القضاء لابن الزبير، والأذان أيضا.[29] وقال ابن حجر: أدرك ثلاثين من الصحابة، ثقة، فقيه.[30]
يتبع
الله عز وجل يقول ((أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ))[1]
فالله عز وجل يتكلم عن الشريعة ويقول أن الذي يكون من غير الله عز وجل يكون فيه اختلاف كبير ونرى إنكم لم تتفقوا في مسألة حتى وصل الحال أنكم لا تكادون تتفقون في مسالة واحدة في الصلاة فالمذاهب الأربعة مختلفة عن بعضها اختلافا شديدا .
أولا : الصلاة
الصلاة عمود الدين إذا قبلت قبل ما سواها ولكن نرى اختلافات شديدة جدا في أجزاء الصلاة ولكن للاختصار نذكر بعضها .
الفاتحة : اختلفت المذاهب الأربعة في الفاتحة فقد ذهب الأئمة الثلاث مالك واحمد والشافعي على ان الفاتحة في جميع الركعات فرض , بحيث لو تركها المصلي عامدا في ركعة من الركعات بطلت صلاته بخلاف الإمام ابو حنيفة ان قراءة الفاتحة في الصلاة ليست فرض وإنما هي واجب , وان شئت قل سنة مؤكدة فان تركها صلاته لا تبطلوالمفروض عند الأحناف مطلق القراءة لا قراءة الفاتحة بخصوصها فيمكن ان يقرأ أي صورة بدل الفاتحة[2] .
أما بالنسبة للقراءة : فقد صرح الإمام أبا حنيفة قراءة الفاتحة باللغة الغير عربية ( الفارسية ) مع عدم التمكن من قراءتها بالعربية خلاف الأئمة الثلاثة[3] .
الركوع : بالاتفاق فرض واختلفوا الأئمة الأربعة بكيفيتها[4] .
السجود : فهو فرض بالاتفاق واختلفوا في القدر المصحح السجود[5] .
التشهد : فرض عند الشافعية والحنفية قالوا التشهد الأخير واجب , المالكية قالوا سنة[6] .
وقد اختلفوا بألفاظ التشهد :
الحنفية قالوا : إن ألفاظ التشهد هي : " التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
المالكية قالوا : إن ألفاظ التشهد هي : " التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
الشافعية قالوا : إن ألفاظ التشهد هي : " التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله .
الحنابلة قالوا : إن التشهد الأخير هو : " التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أ لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صلي على محمد[7] .
أما بالنسبة للتسليم للخروج من الصلاة :
اتفق ثلاثة من الأئمة على أن الخروج من الصلاة بعد تمامها لا بد أن يكون بلفظ : السلام وإلا بطلت صلاته وخالف الحنفية في ذلك فقالوا : إن الخروج من الصلاة يكون بأي عمل مناف لها حتى ولو بنقض الوضوء ولكن لفظ السلام واجب لا فرض[8] .
أما صيغة السلام :
الحنفية - قالوا : إن الخروج من الصلاة بلفظ السلام ليس فرضا بل هو واجب .
الحنابلة قالوا : يفترض أن يسلم مرتين بلفظ : السلام عليكم ورحمة الله بهذا الترتيب وهذا النص وإلا بطلت صلاته .
الشافعية قالوا : لا يشترط الترتيب في ألفاظ السلام فلو قال : عليكم السلام صح مع الكراهة .
المالكية قالوا : لا بد في الخروج من الصلاة أن يقول : السلام عليكم . بهذا الترتيب . وبهذا النص . ويكفي في سقوط الفرض عندهم أن يقولها مرة واحدة[9] .
فأيهما صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
ثانيا : وطأ الدبر
نرى أنكم اختلفتم في مسالة وطأ الدبر وقلتم ان وطأ الدبر محرم و يستوجب طلاق الزوجة وبذلك نرى بعض علمائكم يرونها جائزة وهناك من أئمتكم من يصرح انه يمارسها كالإمام مالك .
يقول الإمام الشافعي : ذهب بعض أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن إلى إحلاله وآخرون إلى تحريمه.[10]
عبد الله بن عمر مذهبه وقوله بجواز وطأ الدبر مما لا إشكال فيه .
ما أخرجه الطبري في تفسيره حيث قال : حدثني يعقوب ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا إبن عون ، عن نافع ، قال : كان إبن عمر إذا قُريء القرآن لم يتكلم ، قال فقرأت ذات يوم هذه الآية : ) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ([11]، فقال : أتدري فيمن نزلت هذه الآية ؟ قلت : لا، قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن.[12]
وهذا الخبر أخرجه في صحيحه عن إسحاق بن راهويه مبهما ، حيث قال: حدثنا إسحاق ، أخبرنا النضر بن شميل ، أخبرنا إبن عون ، عن نافع قال: (( كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوما، فقرأ سورة البقرة حتى إنتهى الى مكان قال: تدري فيم أنزلت ؟ قلت : لا، قالت: أنزلت في كذا وكذا ، ثم مضى)).[13]
قال الحافظ ابن حجر : (( وقد عاب الإسماعيلي صنيع البخاري ، فقال : جميع ما أخرج عن ابن عمر مبهم ل فائدة فيه)).[14]
وأخرجه الحافظ الكبير إسحاق بن راهويه في مسنده بنفس السند الذي نقله عنه البخاري في صحيحه حتى إذا انتهى إلى قوله تعالى : ) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (، فقال: أتدرون فيما أنزلت هذه الآيـــة ؟ قلت لا. قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن)).[15]
ومما تقدم اتضح أن الخبر مما لا كلام في صحته، بل هو على شرط البخاري ومسلم، بل أخرجه البخاري وإن نقله مبهما.
قال الطبري أيضا : حدثني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم أبو مسلم ، قال حدثنا أبو عمر الضرير ، قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم صاحب الكرابيسي ، عن إبن عون ، عن نافع ، قال : (( كنت أمسك على إبن عمر المصحف ، إذ تلا هذه الآية ) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (، فقال : أن يأتيها في دبرها)).[16]
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور : وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده ، والطبراني في الأوسط ، والحاكم وأبو نعيم في المستخرج بسند حسن عن إبن عمر قال: ((إنما نزلت ) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ …( الآية ، رخصة في إتيان الدبر)).[17]
قال أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار : حدثنا أبو قرة محمد بن حميد بن هشام الرعيني ، قال حدثنا أصبغ بن الفرج ، وأبو زيد بن أبي العمر ، قالا : قال: أبو القاسم، وحدثني مالك بن أنس ، قال : حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن أبي الحباب سعيد بن يسار ، أنه سأل إبن عمر عنه، يعني عن وطئ النساء في أدبارهن ، فقال: لا بأس به.[18]
قال النسائي في السنن الكبرى : أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي ، قال : أخبرنا معن ، قال حدثني خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت ، عن يزيد بن رومان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، أن إبن عمر كان لا يرى بأساً أن يأتي الرجل امرأته في دبرها. قال معن : وسمعت مالكاً يقول : ما علمته حرام.[19]
يقول الحافظ الفقيه محمد بن جرير الطبري في كتابه اختلاف الفقهاء :
(( واختلفوا في إتيان النساء في أدبارهن بعد إجماعهم أن للرجل أن يتلذذ من بدن المرأة بكل موضع منه سوى الدبر ، فقال مالك: لا بأس بأن يأتي الرجل امرأته في دبرها كما يأتيها في قبلها، حدثنا بذلك يونس ، عن إبن وهب ، عنه)).[20]
وقال ابن قدامة في المغني :
(( ولا يحل وطئ الزوجة في الدبر في قول أكثر أهل العلم…)).
إلى أن قال : (( ورويت إباحته عن إبن عمر ، وزيد بن أسلم ، ونافع ، ومالك، وروي عن مالك أنه قال: ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال، وأهل العراق من أصحاب مالك ينكرون ذلك)).[21]
وأخرج الخطيب في رواة مالك ، عن أبي سليمان الجرجاني قال: (( سألت مالك بن أنس عن وطئ الحلائل في الدبر؟ فقال لي: الساعة غسلت رأسي منه)).[22]
هنا الإمام مالك يعترف انه فعلها واغتسل منها .
وقال القرطبي في تفسيره : وذكر إبن العربي أن إبن شعبان أسند جواز هذا القول إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين، وإلى مالك من روايات كثيرة في كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن.[23]
والإمام الشافعي يراها حلال
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور : وأخرج الطحاوي والحاكم في مناقب الشافعي والخطيب عن محمد بن عبد الله بن الحكم أن الشافعي سئل عنه؟ فقال: ما صح عن النبي (ص) في تحليله ولا تحريمه شيء والقياس أنه حلال.[24]
وهذا الخبر أخرجه عن الحاكم البيهقي في معرفة السنن والآثار حيث قال : وأما الحكاية التي أخبرنا بها أبو عبد الله الحافظ في آخرين، قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال: سمعت محمد بن عبد الله بن الحكم يقول : سمعت الشافعي يقول : ليس فيه عن رسول الله (ص) في التحريم والتحليل حديث ثابت، والقياس أنه حلال.[25]
وممن يراها حلالا عدة من فقهاء السنة وهم :
محمد بن كعب القرظي وهو احد كبار فقهاء السنة المعتمدين .
محمد بن المنكدر التيمي أحد كبار فقهاء التابعين المعتمد عليهم عند السنة ، قال بشأنه الذهبي: الإمام، الحافظ ، القدوة ، شيخ الإسلام.[26] وقال فيه مالك : سيد القرَّاء.[27] وقال إبن حجر: ثقة فاضل.[28]
عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة وهو أحد كبار فقهاء التابعين المعتمد عليهم عند السنة ، قال الذهبي: وكان عالماً مفتيا، صاحب حديث وإتقان، معدود في طبقة عطاء، ولي القضاء لابن الزبير، والأذان أيضا.[29] وقال ابن حجر: أدرك ثلاثين من الصحابة، ثقة، فقيه.[30]
يتبع
تعليق