بسم الله الرحمن الرحيم
في الاحسان
كان الإمام الصادق عليه السلام على جانب كبير من سمو الأخلاق، فقد ملك القلوب، وجذب العواطف بهذه الظاهرة الكريمة التي كانت امتداداً لأخلاق جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي سما على سائر النبيين بمعالي أخلاقه.
وكان من مكارم أخلاق الإمام وسمو ذاته أنه كان يحسن إلى كل من أساء إليه، وقد روي أن رجلا من الحجاج توهم أن هميانه قد ضاع منه، فخرج يفتش عنه فرأى الإمام الصادق عليه السلام يصلي في الجامع النبوي فتعلق به، ولم يعرفه، وقال له: أنت أخذت همياني..؟.
فقال له الإمام بعطف ورفق: ما كان فيه؟..
قال: ألف دينار ، فأعطاه الإمام ألف دينار، ومضى الرجل إلى مكانه فوجد هميانه فعاد إلى الإمام معتذراً منه، ومعه المال فأبى الإمام قبوله وقال له: شيء خرج من يدي فلا يعود إلي.
فبهر الرجل وسأل عنه، فقيل له: هذا جعفر الصادق، وراح الرجل يقول بإعجاب: لا جرم هذا فعال أمثاله. إن شرف الإمام عليه السلام الذي لا حدود له هو الذي دفعه إلى تصديق الرجل ودفع المال له.
وقال عليه السلام: إنا أهل بيت مروءتنا العفو عمن ظلمنا.
وكان يفيض بأخلاقه الندية على حضار مجلسه حتَّى قال رجل من العامة: والله ما رأيت مجلساً أنبل من مجالسته.
عن أخي حماد البشير قال كنت عند عبد الله بن الحسن وعنده أخوة الحسن بن الحسن فذكرنا أبا عبد الله عليه السلام فنال منه، فقمت من ذلك المجلس فأتيت أبا عبد الله عليه السلام ليلاً فدخلت عليه وهو في فراشه... فخبرته بالمجلس الذي كنا فيه وما يقول حسن.
فقال يا جارية: ضعي لي ماء فأتى به فتوضأ وقام في مسجد بيته، فصلى ركعتين ثم قال: يا رب إن فلاناً أتاني بالذي أتاني عن الحسن وهو يظلمني وقد غفرت له، فلم يزل يلح في الدعاء على ربه ثم التفت إليّ فقال: أنصرف رحمك الله ثم زاره بعد ذلك.
عن الزمخشري، في ربيع الأبرار عن الشقراني مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: خرج العطاء أيام المنصور وما لي شفيع فوقفت على الباب متحيراً وإذا بجعفر بن محمد قد أقبل فذكرت له حاجتي فدخل وخرج وإذا بعطائي في كمه، فناولني إياه، وقال: إن الحسن من كل أحد حسن وإنه منك أحسن لمكانك منا، وإن القبيح من كل أحد قبيح وإنه منك أقبح، لمكانك منا: قال سبط بن الجوزي: وإنما قال له ذلك لأنه كان يشرب الشراب فوعظه على وجه التعريض وهذا من أخلاق الأنبياء.منقول.
تعليق