إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تحت اجنحة البرزخ ج13

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحت اجنحة البرزخ ج13

    تركني وحيداً وذهب.. وذهب بريق كلّ الأشياء، وساد الظلام، فما عدتُ أرى شيئاً، ولا أسمع صوتاً، وغمرتني وحشةٌ شديدةٌ، وتحيرت إلى أيّ جهة أقصد، وإلى أيّ طرف أخطو، لقد كان الحال مَهُولاً والمستقبل مجهولاً، ولعلّ هذا مقدمة العذاب ... إنجلَى الظلام وأقبلَ عليَّ كائنان عملاقان أسودان كسواد القير، لا يُرى منهما شيء غير شراراتٍ تخرج من عينَيْهما وحلقَيْهما، وشراراتٍ أخرى تخرج من عصايتهما الملتهبتَين. دَنَيا منّي حتى وصلاني وأنا في حالة خوفٍ شديدٍ، فمسكني أحدهما من رأسي والآخر من قدمي وحملا بي سريعاً كالبرق إلى وادٍ كبيرٍ عميقٍ يصعد منه دخانٌ أسودٌ عظيم . لقد كان الوادي عظيماً لدرجة أنّ له سُوراً ضخماً لم أتمكن من تمييز حدّاً لنهايته لا من أعلى ولا من يمينٍ ولا من يسارٍ! إقتربنا منه، فانفتح لنا بابه الذي لو إجتمعَت آلافٌ مؤلّفةٌ من البشر لِفتحه ما تمكنوا منه . دخلنا، وإذا بأصوات صراخٍ وعويلٍ لنساءٍ ورجال.. وغمرَت مشامي رائحةٌ كريهةٌ نتنة! فقلتُ للمأمورين معي : 🔹ما هذا المكان الذي جلبتُمَاني إليه ولعلّكما إشتبهتما في شخصي ؟ قال أحدهما : 🔸نحن ملائكة الغضب، لا نشتبه بأحدٍ قَط، وفوقنا رقيبٌ نأخذ منه الأمر، ورقيبُنا عليه رقيب حتى يلي الأمر إلى الجليل الأعلى، ألَمْ تقرأ في القرآن الكريم {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} أمّا الآخر فقال : 🔸وهذا وادي خُصِّص لعذاب العاصّين، ولا بدّ لك من قضاء بعض أنواع العذاب فيه حتى تنقى من ذنوبك . قال كلامَه وضربني بعصاه على رأسي فاشعل ناراً، وصرختُ صرخةً عظيمةً، وضربني الآخر على بطني فالتهبَت هي الأخرى . ذهبا عنّي وبقيت أتَلَوى وأحشائي تحترق حتى بدأت أسمع توَغُل النار فيها.. بأي حالٍ سيئةٍ كنتُ وأيّ آلام تحملت، بل أيّ صراخٍ صرخت وما من مجيب، واستغثت وما من مغيث . لقد كان إحساسي بحرارة النار إحساس من حضر فيها فهو داخلها لا من أخبروه عنها فهو يتخيلها.. وشتّان بين الإثنين! بقيت بهذه الحالة ساعات شغلني ألمي فيها عمّا حولي ، فلما هدأت النار وعاد جلدي كما كان نظرت يميناً و شمالاً فرأيت وادياً ليس له حدود قد انتشر فيه آلاف من ملائكة الغضب بأشكال مختلفة مرعبة يحملون سياطاً مختلفة منها الغليظ والنحيف، وبعضها من نار وبعضها من مواد أخرى أجهلها، وهناك مجاميع أخرى تحمل مقامِع من حديد مُحمّر.. قَدِم عليّ ملكان ظهرا فجأةً فلا أعلم من أيّ جانب أتَيَا! إقتربا مني وحملاني إلى غرفةٍ مليئةٍ بصفوف الملائكة الذين اصطّفوا بشكلٍ مرتبٍ ومنتظم، وهم ينظرون إلى ملك عظيم الخلقة قد تصدَّرهم وتقدَّم عليهم، ويبدو أنه زعيمهم... ألقياني أمامه وتحدثا معه بحديثٍ لم أفهمه وخرجا وبقيت أنظر إليه كالذليل بين يديه أرتجف خوفاً منه . أومَأ إلى ملكين آخرَين فأتيا سريعاً وحملاني إلى غرفةٍ أخرى، إذ جاءنا فيها ملك يحمل لوحاً علّقه في عنقي وقال : إنّ هذا اللوح يحمل أعمالك السيئة صغيرها وكبيرها سوى ما تُبتَ منه، مع توضيح جزاء كلٍّ منها من العذاب ونوعه ودرجته ومدّته، كما يحوي صفاتك وملكاتك السيئة التي لم تزل باقية بسبب عدم اقتلاعها من جذورها في الدنيا.. أجبته قائلاً: 🔹 وهل يمكن لي معرفتها ؟ نعم يمكن لك ذلك حملني إلى غرفة أخرى، ودخلنا فيها فرأيت ملكا قد وضع أمامه لوحاً عظيماً، فلما رآني قال للمأمور معي : ما اسمه؟ ما رمزه ؟ ذكر المأمور إسمي الكامل ورقم طويل تتخلله أحرف وكلمات لم أفهمها، بعدها خاطبني الملك قائلاً: اجلس هنا! وأشار إلى كرسي كان في الغرفة فجلست عليه وقال : هل ترى هذا الكتاب ؟ 🔸 نعم أراه، ولكن ليس بكتابٍ كما أعرفه 🔹 ليس بالضرورة أن يكون كتاب البرزخ بنفس صورته في عالَم الدنيا بل يكفي أن يؤدي وظيفة مشابِهة لِما كان يؤديها، فيُطلق عليه هذا الإسم، توقفَ قليلاً ثم استأنفَ كلامه فقال: إنّ كلّ إنسان يدخل هذا الوادي مقداراً معلوماً من العذاب وفترة تتناقص مع كل فترة تمضي عليه، وهذه المدّة لا تزيد ولا تنقص إلّا بإذن الله، كما أنّ ذلك مرتبط بما تركتَه في دنياك من صدقةٍ جاريةٍ أو أعمالٍ سيئةٍ لم يزَل أثرها في الدنيا قائِماً. 🔸قل لي بالله عليكَ كم سأبقى أسيراً عندكم في هذا الوادي المُرعِب ؟ نظرَ إلى الكتاب وتمعَّن فيه، ثم قال : 🔹 إننا مأمورون طِبق هذا الكتاب بحبسِك مدّة إحدى وخمسين سنة وثمانية أيام و ... لم يُكمل الملك حديثه بعد أن إلتفَت حولي لأنه رآني قد أُغشِيَ عليّ، ولولا تماسُك الكرسيّ لسقطتُ منه! ثم أفقتُ وقلت له بصوتٍ ضعيفٍ متقطِّع ولهجة آيسٍ معترِض : 🔸 بأيّ ذنبٍ كل هذه المدّة فإنني تبت إلى الله توبةً خالِصةً قبل خمس سنين، وسعيت جاهداً في طاعة الله ورعاية حقوق الناس و ... قاطعني الملك وقال : 🔹 صحيحٌ ما تقول ولولا توبتك هذه لكان لا بدّ لك من اللَّبثِ هنا آلاف السنين! بل وقد يمتدّ عذابك الى يوم الحشر الأكبر! ولكن بسبب #توبتك_الخالصة سُجلَت لك هذه المدّة القصيرة جداً! 🔸 إحدى وخمسون سنة تقول عنها مدّة قصيرة ؟!! 🔹 نعم قصيرةٌ جداً نسبةً إلى فترات غيرك، ولولا علمي بدرجة ايمانك وتقواك ما أجبتك على أسئلتك ولا أظهرت لك هذا الإحترام، وبسبب ذلك الإيمان ستكون درجة عذابك قليلة لو قارنتها بغيرك.. 🔸 وبماذا سوف تعذبونني ؟ نظر مرةً أخرى إلى الكتاب وقال : 🔹نحن مأمورون طِبق هذا الكتاب بإدخالك في مئة وسبعة وثلاثين نوعاً من العذاب، و أنا أشاهد فيه صفاتٍ سيئة لم تزل فيك وإن كانت بدرجةٍ ضعيفة، من قُبَيل التكبّر والعُجب والرياء وصفاتٍ مختلفة أخرى. توقف قليلاً ثم استمر في حديثه فقال: ❗️ كان عليك #مراقبة نفسك في الدنيا و #محاسبتها قبل أن تُحاسب الآن، كما أنك تستهين بذنوبك الصغيرة ولم تتب منها، وكان يصيبُك شيءٌ من العُجب في طاعتك، ولديك أعمال حسنة أديتها لله لكن خالَطها الرياء دون أن تشعر به.. توقف مرةً أخرى وتمعَّن في الكتاب وقال : 🔹 وأرى في أعمالِك أيضاً ظُلمَك لولدك خمساً وأربعين مرة ولزوجتك سبعاً وخمسين مرة، وإسرافاً في نِعَم الله أربعاً وتسعين مرة، وأكلك مال حرام خمساً وستين مرة و..... قاطعته معترِضاً: 🔸 عن أيّ مالٍ حرامٍ تتحدث ؟! إني سعَيْتُ جاهداً على عدم أخذ دينار واحد حرام، فمن أين أتَيْتَ بذلك ؟ إنني أرى الخطأ في كتابكم هذا!! أجابني بهدوءٍ رُغم جرأتي على إتّهامِهم بالخطأ في كتابهم هذا! 🔹 إنّك كنتَ تعمَل مهندساً وتتقاضى راتباً شهرياً مقابل ثمان ساعات عمل يومياً ، ولديك خمس وستون حالة انشغلت فيها بأمورٍ شخصيةٍ أثناء وقت عملك وبدون رخصةٍ من صاحب العمل وقد أثر ذلك على إنتاجية الشركة وإن كان بشكل غير ملحوظ . توقف قليلاً ثم قال : لا أرى من الضروري ذِكر تفاصيل أكثر! فلا بدّ من قضاء هذه المدّة بأي حال كان! ولكن لعلّه يصِل إليك شيئاً من أهل الدنيا يُخفّف عنك العذاب ويُنقِص من مدّة مُكوثك، أو لعلّ لديك من الأعمال الحسنة ما تسمح لك بنيل شفاعة الشافعين.. سلَّمتُ أمري الى الله طوعاً أو كرهاً، و قلت لهم: إحملوني إلى حيث يشاء ربّي .... #يتبع
    اللهم
    يا ولي العافية اسئلك العافية

    ودوام العافية وتمام العافية
    وشكر العافية
    عافية الدين والدنيا والاخرة بحق محمد وعترته الطاهرة

  • #2
    اللهم نجنا من مرديات الفتن في الدنيا والاخرة ، ووفقنا لاكتساب الحسنات وجنبنا ارتكاب السيئات بعونك يامعين الصالحين ، ان عالم البرزخ عالم الحساب والعقاب لما تمثلناه بصفات بأنفسنا واعمال قمنا بها فعلينا تدارك مافاتنا والبدء بجهاد النفس لننقي صفاتنا السيئة ونكسبها بصفات الطيبة لنتجنب العذاب في البرزخ والقبر ، القصة مترابطة وتفاصيله مرتبة ومحكمة الاحداث ومستفيضة الحبكات ودقيقة النتائج بوركت السيد والاستاذ عباس اللاوندي على هذه القصة المؤثرة وجعلها في ميزان حسانتك ان شاء الله

    تعليق

    يعمل...
    X