بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
ما هي حكمة وجوب الصوم؟
اللهم صل على محمد وآل محمد
ما هي حكمة وجوب الصوم؟
للصوم أبعاد متعددة وآثار غزيرة مادية ومعنوية في وجود الإنسان، وأهمها البعد الأخلاقي، التربوي.
من فوائد الصوم الهامة "تلطيف" روح الإنسان، و"تقوية" إرادته، و"تعديل" غرائزه.
على الصائم أن يكف عن الطعام والشراب على الرغم من جوعه وعطشه، وهكذا عليه أن يكف عن ممارسة العمل الجنسي، ليثبت عملياً أنه ليس بالحيوان الأسير بين المعلف والمضجع، وأنه يستطيع ان يسيطر على الجامحة
وعلى اهوائه وشهواته.
الأثر الروحي والمعنوي للصوم يشكل أعظم جانب
من فلسفة هذه العبادة. مثل الإنسان الذي يعيش إلى جوار أنواع الأطعمة والأشربة، لا يكاد يحس بجوع أو عطش حتى يمدّ يده إلى مالذّ وطاب كمثل شجرة تعيش إلى جوار نهر وفير المياه، ما إن ينقطع عنها الماء يوماً حتى تذبل وتصفرّ.
أما الأشجار التي تنبت بين الصخور وفي الصحاري المقفرة، وتتعرض منذ أوائل إنباتها إلى الرياح العاتية، وحرارة الشمس المحرقة حيناً، وبرودة الجوّ القارصة حيناً آخر، وتواجه دائماً أنواع التحديات،
فإنها أشجار قوية صلبة مقاومة. والصوم له مثل هذا الأثر في نفس الإنسان، فبهذه القيود المؤقتة يمنحه القدرة وقوة الإرادة وعزيمة الكفاح، كما يبعث في نفسه النور والصفاء بعد أن يسيطر على غرائزه الجامحة.
بعبارة موجزة: الصوم يرفع الإنسان من عالم البهيمية
إلى عالم الملائكة
وعبارة {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} في سورة البقرة الآية 183
تشير إلى هذه الحقائق.
وهكذا الحديث المعروف: "الصَّوْمُ جَنَّةٌ مِنَ النَّارِ"
يشير إلى هذه الحقائق.
وعن الإمام علي (عليه السلام) عن رسول الله
(صلى الله عليه السلام)
أنه سئل عن طريق مجابهة الشيطان، قال:
"الصَّوْمُ يُسَوِّدُ وَجْهَهُ، وَالصَّدَقَةُ تُكْسِرُ ظَهْرَهُ، وَالحُبُّ فِي اللهِ وَالْمُواظبَةُ عَلَى الْعَمَلِ الصّالِحِ يَقْطَعُ دابِرَهُ،
وَالإِسْتغْفَارُ يَقْطَعُ وَتِينَهُ".
وفي نهج البلاغة عرض لفلسفة العبادات،
وفيه يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
"وَالصِّيَامَ ابْتِلاَءً لإِخْلاَصِ الْخَلْقِ".
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآلهِ وسلم) قال:
"إنَّ لِلْجَنَّةِ بَاباً يُدَّعَى الرَّيَّانْ، لاَ يَدْخُلُ فِيهَا إِلَّا الصَّائُمُونَ"
يقول المرحوم الصدوق في "معاني الأخبار" معلقاً على هذا الحديث:
إنما سمي هذا الباب بالريّان لأن مشقة الصائم إنما تكون في الأغلب من العطش، وعندما يدخل الصائمون من هذا الباب يرتوون حتى لا يظمأوا بعده أبداً.
الأثر الإجتماعي للصوم لا يخفى على أحد.
فالصوم درس المساواة بين أفراد المجتمع. الموسرون يحسون بما يعانيه الفقراء المعسرون، وعن طريق الاقتصاد في استهلاك المواد الغذائية يستطيعون أن يهبوا لمساعدتهم.
قد يمكن تحسيس الأغنياء بما يعانيه الفقراء عن طريق الكلام والخطابة، لكن المسألة حين تتخذ طابعاً حسّيّاً عينيّاً لها الأقوى والأبلغ، الصوم يمنح هذه المسألة الهامة الإجتماعية لوناً حسياً،
لذلك يقول الإمام الصادق (عليه السلام) في جواب عن سؤال بشأن علّة الصوم:
"إنَّما فَرَضَ اللهُ الصَّيَامَ لِيَسْتَويَ بِهِ الغَنِيُّ وَالفَقِيرُ، وَذَلِكَ إنَّ الغَنِيَّ لَمْ يَكُنْ لِجِدَ مَسَّ الجُوعِ فَيَرحَمَ الفَقِرَ، وَإنَّ الغَنِيَّ كُلَّمَا أرَادَ شَيْئاً قَدَرَ عَلَيْهِ فَأرَادَ اللهُ تَعَالى أنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ خَلْقِهِ،
وَأنْ يُذِيقَ الغَنِيَّ مَسَّ الجُوعِ وَالألمِ،
لِيَرُقَّ عَلى الضَّعِفِ وَيَرْحَمَ الجَائِعَ".
ترى، لو أن الدول الغنية في العالم صامت عدّة أيام في السنة وذاقت مرارة الجوع، فهل يبقى في العالم كل هذه الشعوب جائعة؟!
تعليق