"بسم الله الرحمن الرحيم"
"والصلاة على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آلهِ الطيبين الطاهرين"
"الطريق إلى حب الله أو القلب السليم"
::::::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::
يبدأ الطريق إلى حب الله في نفس النقطة التي يبدأ فيها ترك حب الدنيا.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله):
"حب الدنيا وحب الله لا يجتمعان في قلب أبداً"
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام):
"كيف يدعي حب الله من سكن قلبه حب الدنيا".
وهكذا نستنتج ــ والله العالم ــ أن الحب التام المكتمل لله تعالى
لا يجتمع مع حب الدنيا في قلب أبداً،
وبمقدار ما يتحرر الإنسان من أسر حب الدنيا يفوز بنعمة
حب الله تعالى،
أما إذا سكن حب الدنيا قلبه واستقر فيه فإنه لن يتذوق حلاوة حب الله تعالى على الإطلاق،
ولعل الحديث التالي
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يؤكد ذلك:
يقول عليه السلام:
"كما أن الشمس والليل لا يجتمعان،
كذلك حب الله وحب الدنيا لا يجتمعان"
ومن الواضح أن زوال الليل تدريجي، وكذلك طلوع الشمس وغلبة ضوئها.. كذلك حب الله وحب الدنيا...
وعنه عليه السلام:
"من أحب لقاء الله سلا عن الدنيا".
ولفظة "سلا" التي لا يتحقق مضمونها إلا تدريجياً بالإضافة إلى ما يكتفيه من معاناة تشير إلى هذا التدرج الطبيعي...
وإذا بلغ السلو عن الدنيا درجة
"بغض الدنيا" و "الإكثار من ذكر الموت"
ترتب عليه حب الله للإنسان، وهو أسمى من حب الإنسان لله.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله):
"من أكثر ذكر الموت أحبه الله".
وعن عيسى (عليه السلام):
"ابغضوا الدنيا يحببكم الله".
ومن الطبيعي أن الدنيا التي نؤمر ببغضها هي الدنيا الحرام التي تجتمع مع المعاصي ـ
أما الدنيا الحلال ـ التي هي طريق إلى رضوان الله تعالى فنحن مأمورون بالحرص عليها "تمن الحياة لتطيع لا لتعصي".
ومن الواضح أن الطريق إلى حب الله أو القلب السليم،
طويل،
مليء بالكبد محفوف بالمخاطر،
ولذا اعتبر
"الجهاد الأكبر"
ويتوقف "سلوكه" على:ـ
1ـ معرفة الواقع.
2ـ "وتطهير القلب".
أما الأول فلأن الواقع غيب أكثر من كونه شهادة، فعالم الشهادة إذا قيس بعالم الغيب لا يكاد يذكر، والواقعي الوحيد في هذا الوجود هو الذي يدرك هذه الحقيقة فيعطي الدنيا كل ما تستحق، ويعطي الآخرة كل ما يستطيع، فيزهد في الدنيا ويكتفي بأخذ "نصيبه"منها.. وهذا يعني أنه يرصد كل
"ما آتاه الله"
للآخرة أي يبذله في سبيل الله تعالى فيعمل على إعمار الدنيا كما أراد سبحانه يقارع الظلم وينتصر للمستضعفين والمحرومين باعتبار ذلك جزء من العبادة التي أمر بها الحق عزّ وجلّ.
هذا هو الواقعي الوحيد.. ومن عداء واهمون ورجعيون، متخلفون.
وأما الثاني ـ تطهير القلوب ـ فلأن عدم تطهيره وتزكيته هو سبب الإنزلاق والإنحدار في دركات حب الدنيا والرضا بها والإطمئنان إليها.
والزبير، وخالد بن معمر، وشبث بن ربعي وأضرابهم من أوضح المصاديق المؤكدة لهذه الحقيقة، اللهم ارزقنا حسن العاقبة..
ولا يسقط المسلم في هوة سوء العاقبة فجأة وبلا مقدمات.. بل ثمة عوامل تتفاعل في قلبه ونفسه حتى يواجه هذا المصير الكارثة.. هذه العوامل هي الأمراض القلبية في مجالي المعتقد والأخلاق.. وما لم يحظ قلب كلٍ منا بالرعاية الدائمة في هذين المجالين فإنه مهدد بسوء العاقبة دون شك.
{ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله}
[سورة الروم:10]
***:::::::::::::::::::::::::::::***
**::::::::::::::::::::::**
*:::::::::::::::::*
والصلاة والسلام على محمد وآلهِ أجمعين
تعليق