بسم الله الرجمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
اللهم صل على محمد وال محمد
- مما يثير الدهشة كثرة أوجه الشبه بين الوهابية والخوارج في ما شذوا به عن جماعة المسلمين ، حتى أنه ليخيل للدراسة أن هؤلاء من أولئك وإن تباعد بينهم الزمن ومن أوجه الشبه والتوافق بين الطائفتين :
- أ - شذ الخوارج عن جميع المسلمين فقالوا : إن مرتكب الكبيرة كافر . وشذ الوهابية فكفروا المسلمين على ما عدوه من الذنوب ( أنظر كشف الشبهات لمحمد بن عبد الوهاب ، وتطهير الاعتقاد للصنعاني ).
- ب - حكم الخوارج على دار الإسلام إذا ظهرت فيها الكبائر أنها دار حرب ، وحل منها ما كان يحل لرسول الله (صلى الله عليه واله ) من دار الحرب ، أي تهدر دماؤهم وأموالهم . وهكذا حكم الوهابية على دار الإسلام وإن كان أهلها من أعبد الناس لله تعالى وأكثرهم صلاحا ، إذا كانوا يعتقدون جواز السفر لزيارة قبر النبي ومشاهد الصالحين ويطلبون منهم الشفاعة . ويلاحظ في النقطتين معا أن الوهابية شر من الخوارج ، فالخوارج نظروا إلى أمور أجمع المسلمون على أنها كبائر ، بينما ركز الوهابية على أعمال ليست هي من الذنوب أصلا ، بل هي من المستحبات التي عمل بها السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم لا خلاف .
- ج - تشابه الوهابية والخوارج في التشدد في الدين والجمود في فهمه . فالخوارج لما قرأوا قوله تعالى ( إن الحكم إلا لله ) قالوا : من أجاز التحكيم فقد أشرك بالله تعالى ، واتخذوا شعارهم ( لا حكم إلا لله ) كلمة حق يراد بها باطل ، فقولهم هذا جمود وجهل كبير ، فالتحكيم في الخصومات ثابت في القرآن الكريم وفي بداهة العقول وفي السنة النبوية وسيرة الرسول والصحابة والتابعين . وكذلك الوهابية لما قرأوا قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وقوله تعالى : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) و ( لا يشفعون إلا لمن ارتضى ) ، قالوا : إن من قال بجواز طلب الشفاعة من النبي والصالحين فقد أشرك بالله ، ومن قصد زيارة النبي وسأله الشفاعة فقد عبدة واتخذه إلها من دون الله ، فكان شعارهم ( لا معبود إلا الله ) و ( لا شفاعة إلا لله ) ، وهي كلمة حق يراد بها باطل ، وهي جمود أيضا وجهل كبير ، وجواز هذه الأمور ثابت في سيرة الصحابة والتابعين .
- د - قال إبن تيمية : ( الخوارج أول بدعة ظهرت في الإسلام فكفر أهلها المسلمين واستحلوا دماءهم ) ( مجموعة الفتاوى 13 : 20 ) وهكذا كانت بدعة الوهابية وهي آخر بدعة ظهرت في الإسلام .
- هـ - الأحاديث الشريفة التي صحت في الخوارج ومروقهم من الدين ، انطبق بعضها على الوهابية أيضا . . ففي الصحيح عنه (صلى الله عليه واله) قال : ( يخرج أناس من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، سيماهم التحليق ) . ( صحيح البخاري - كتاب التوحيد - باب 57 ح / 7123 ) قال القسطلاني في شرح هذا الحديث : ( من قبل المشرق : أي من جهة شرق المدينة كنجد وما بعدها ) . ( إرشاد الساري 15 : 626 طبعة دار الفكر سنة 1410 ه ) ونجد هي مهد الوهابية وموطنها الأول الذي منه ظهرت وانتشرت . . وأيضا فإن حلق الرؤوس كان شعارا للوهابية يأمرون به من اتبعهم وحتى النساء . ولم يكن هذا الشعار لأحد من أهل البدع قبلهم ، لذا كان بعض العلماء المعاصرين لظهور الوهابية يقولون : ( لا حاجة إلى التأليف في الرد على الوهابية ، بل يكفي في الرد عليهم قوله (صلى الله عليه واله) : ( سيماهم التحليق ) فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم ) . ( فتنة الوهابية لزيني دحلان : 19 ).
- و - جاء في الحديث النبوي الشريف في وصف الخوارج : ( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ) ( ذكره إبن تيمية في مجموعة الفتاوى 13 : 32 ) . وهذا هو حال الوهابية تماما فلم يشنوا حربا إلا على أهل القبلة ، ولم يعرف في تاريخهم أنهم قصدوا أهل الأوثان بحرب أو عزموا على ذلك ، بل لم يدخل ذلك في مبادئهم وكتبهم التي امتلأت بوجوب قتال أهل القبلة.
- ز - روى البخاري عن إبن عمر أنه قال في وصف الخوارج : ( إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار ، فجعلوها على المؤمنين ) ( صحيح البخاري - كتاب استتابة المرتدين - باب 5 ) وورد عن إبن عباس أنه قال : ( لا تكونوا كالخوارج ، تأولوا آيات القرآن في أهل القبلة ، وإنما أنزلت في أهل الكتاب والمشركين ، فجعلوا عليهم فسفكوا الدماء وانتهبوا الأموال ) ، وهذا هو شأن الوهابية ، انطلقوا إلى الآيات النازلة في عبدة الأوثان فجعلوها على المؤمنين ، بهذا امتلأت كتبهم ، وعلية قام مذهبهم .
حوار بين سني ووهابي . قال الوهابي : إن كتب الحنابلة هي كتب الوهابية ، فما تنكر منها ؟ وليس لك أن تؤاخذهم إلا بما تجده صريحا في كتبهم ، ولا عبرة بنقل الخصم . قال السني : ما تقول في القرامطة ؟ قال الوهابي : كفار ملاحدة . قال السني : إنهم يزعمون أن مذهبهم مذهب أهل البيت ، وأن كتب أهل البيت هي كتبهم ، فهل تجد في كتب أهل البيت إلا الحق والنور ؟ قال الوهابي : إن القرامطة كذبوا ، وهؤلاء نقلة التاريخ يثبتون كفر القرامطة وزورهم . قال السني : هل ترى قيام الحجة بنقل أهل التاريخ ؟ قال الوهابي : نعم ، فإن الشافعي صريح بأن نقلهم جماعة عن جماعة أحب ألية من نقل أهل الحديث واحدا عن واحد . قال السني : إذن يجب أن تقبل مني من نقل المؤرخين المشاهدين للوهابية ما هو صريح في كفرهم وأضاف : أن فعل المرء حجة ودليل علية وإن كذبه لسانه ، فالقرامطة لما استحلوا دماء المسلمين وأموالهم لم تبق شبهة في كفرهم ، وكذلك سادتك . فغضب الوهابي ولم يدر ما يقول . قال السني : ما تقول في ما ورد في الخوارج ومروقهم وأنهم كلاب النار ، وشر قتلى تحت أديم السماء ؟ قال الوهابي : إن المجموع يفيد العلم القطعي بمروق الخوارج واستحقاقهم غضب الله ، ولكنهم هم الذين قتلهم علي بالنهروان ، وليس الوهابية منهم . قال السني : بم استحق أولئك غضب الله ، أبكونهم يحقر الصحابة صلاتهم في جنب صلاتهم ، وصيامهم في جنب صيامهم ؟ قال الوهابي : لا قال السني : أبسبب زهدهم وتقشفهم وقراءتهم القرآن يقومونه كالقدح ، وقولهم من قول خير البرية ؟ ( جاء في الحديث في وصف الخوارج : ( يقولون من قول خير البرية ) أي أنهم يقولون بألسنتهم الحق ) قال الوهابي : لا قال السني : فبماذا إذن ؟ . . فتلعثم الوهابي . . فقال السني : ما ذاك إلا باستحلالهم دماء المسلمين وأموالهم ، وتكفيرهم لهم ، مع ادعائهم أنهم هم المسلمون وحدهم ، ولا شك أن من اتصف بما اتصفوا به يستحق ما استحقوا بتلك الصفة .
تعليق