إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف يمكن التوفيق بين المعجزة وبين القوانين التي تحكم عالم المادة؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف يمكن التوفيق بين المعجزة وبين القوانين التي تحكم عالم المادة؟؟

    بسم الله الرحمن الرحيم وسلام على عباده الذين اصطفى:
    من الامثلة على ذلك:
    عندما جعل الله النار محرقة بشرائط عالم المادة :
    وعندما يتحول الماء الى بخار وفق شرائط
    قال تعالى ولن تجد لسنة الله تحويلا الاية 43 سورة فاطر.
    ثم كيف تم تعطيل قانون الاحراق في نار نمورد على سيدنا ابراهيم عليه السلام . وتتحول العصى الى ثعبان عند سيدنا موسى عليه السلام, مالذي جرى افيضو علينا كما افاض الله عليكم
    سوال /الى استاذ المنطق والفلسفة: سماحة الشيخ الاستاذ مقداد الربيعي دام الله توفيقه.

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    افضل ما قرأت في مقام الاجابة عن سؤالكم اخي هو ماقاله السيد الطباطبائي (رحمه الله) في تفسيره العظيم وخلاصة قوله ان المعاجز هي امور ممكنة في ذاتها فهي ليست ممتنعة كاجتماع النقيضين مثلا وهذه المعاجز الخارقة للطبيعة في الحقيقة هي لم تخرق قانون العلية العام بل هي تؤكده الا ان لها اسباب غير معروفة فالاثر الحاصل له اكثر من علة احدها معروف والاخر خفي والمعجزة تحقق الاثر من خلال سببه الخفي .
    قال (قدة): معنى الآية المعجزة في القرآن و ما يفسر به حقيقتها
    و لا شبهة في دلالة القرآن على ثبوت الآية المعجزة و تحققها بمعنى الأمر الخارق للعادة الدال على تصرف ما وراء الطبيعة في عالم الطبيعة و نشأة المادة لا بمعنى الأمر المبطل لضرورة العقل.
    و ما تمحله بعض المنتسبين إلى العلم من تأويل الآيات الدالة على ذلك توفيقا بينها و بين ما يتراءى من ظواهر الأبحاث الطبيعية "العلمية" اليوم تكلف مردود إليه.
    و الذي يفيده القرآن الشريف في معنى خارق العادة و إعطاء حقيقته نذكره في فصول من الكلام.
    1 - تصديق القرآن لقانون العلية العامة
    إن القرآن يثبت للحوادث الطبيعية أسبابا و يصدق قانون العلية العامة كما يثبته ضرورة العقل و تعتمد عليه الأبحاث العلمية و الأنظار الاستدلالية، فإن الإنسان مفطور على أن يعتقد لكل حادث مادي علة موجبة من غير تردد و ارتياب.
    و كذلك العلوم الطبيعية و سائر الأبحاث العلمية تعلل الحوادث و الأمور المربوطة بما تجده من أمور أخرى صالحة للتعليل، و لا نعني بالعلة إلا أن يكون هناك أمر واحد أو مجموع أمور إذا تحققت في الطبيعة مثلا تحقق عندها أمر آخر نسميه المعلول بحكم التجارب كدلالة التجربة على أنه كلما تحقق احتراق لزم أن يتحقق هناك قبله علة موجبة له من نار أو حركة أو اصطكاك أو نحو ذلك، و من هنا كانت الكلية و عدم التخلف من أحكام العلية و المعلولية و لوازمهما.
    و تصديق هذا المعنى ظاهر من القرآن فيما جرى عليه و تكلم فيه من موت و حياة و رزق و حوادث أخرى علوية سماوية أو سفلية أرضية على أظهر وجه، و إن كان يسندها جميعا بالآخرة إلى الله سبحانه لفرض التوحيد.
    فالقرآن يحكم بصحة قانون العلية العامة بمعنى أن سببا من الأسباب إذا تحقق مع ما يلزمه و يكتنف به من شرائط التأثير من غير مانع لزمه وجود مسببه مترتبا عليه بإذن الله سبحانه و إذا وجد المسبب كشف ذلك عن تحقق سببه لا محالة.
    2 - إثبات القرآن ما يخرق العادة
    ثم إن القرآن يقتص و يخبر عن جملة من الحوادث و الوقائع لا يساعد عليه جريان العادة المشهودة في عالم الطبيعة على نظام العلة و المعلول الموجود، و هذه الحوادث الخارقة للعادة هي الآيات المعجزة التي ينسبها إلى عدة من الأنبياء الكرام كمعجزات نوح و هود و صالح و إبراهيم و لوط و داود و سليمان و موسى و عيسى و محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنها أمور خارقة للعادة المستمرة في نظام الطبيعة.
    لكن يجب أن يعلم أن هذه الأمور و الحوادث و إن أنكرتها العادة و استبعدتها إلا أنها ليست أمورا مستحيلة بالذات بحيث يبطلها العقل الضروري كما يبطل قولنا الإيجاب و السلب يجتمعان معا و يرتفعان معا من كل جهة و قولنا الشيء يمكن أن يسلب عن نفسه و قولنا: الواحد ليس نصف الاثنين و أمثال ذلك من الأمور الممتنعة بالذات كيف؟ و عقول جم غفير من المليين منذ أعصار قديمة تقبل ذلك و ترتضيه من غير إنكار و رد و لو كانت المعجزات ممتنعة بالذات لم يقبلها عقل عاقل و لم يستدل بها على شيء و لم ينسبها أحد إلى أحد.
    على أن أصل هذه الأمور أعني المعجزات ليس مما تنكره عادة الطبيعة بل هي مما يتعاوره نظام المادة كل حين بتبديل الحي إلى ميت و الميت إلى الحي و تحويل صورة إلى صورة و حادثة إلى حادثة و رخاء إلى بلاء و بلاء إلى رخاء، و إنما الفرق بين صنع العادة و بين المعجزة الخارقة هو أن الأسباب المادية المشهودة التي بين أيدينا إنما تؤثر أثرها مع روابط مخصوصة و شرائط زمانية و مكانية خاصة تقضي بالتدريج في التأثير، مثلا العصا و إن أمكن أن تصير حية تسعى و الجسد البالي و إن أمكن أن يصير إنسانا حيا لكن ذلك إنما يتحقق في العادة بعلل خاصة و شرائط زمانية و مكانية مخصوصة تنتقل بها المادة من حال إلى حال و تكتسي صورة بعد صورة حتى تستقر و تحل بها الصورة الأخيرة المفروضة على ما تصدقه المشاهدة و التجربة لا مع أي شرط اتفق أو من غير علة أو بإرادة مريد كما هو الظاهر من حال المعجزات و الخوارق التي يقصها القرآن.
    و كما أن الحس و التجربة الساذجين لا يساعدان على تصديق هذه الخوارق للعادة كذلك النظر العلمي الطبيعي، لكونه معتمدا على السطح المشهود من نظام العلة و المعلول الطبيعيين، أعني به السطح الذي يستقر عليه التجارب العلمي اليوم و الفرضيات المعللة للحوادث المادية.
    إلا أن حدوث الحوادث الخارقة للعادة إجمالا ليس في وسع العلم إنكاره و الستر عليه، فكم من أمر عجيب خارق للعادة يأتي به أرباب المجاهدة و أهل الارتياض كل يوم تمتلىء به العيون و تنشره النشريات و يضبطه الصحف و المسفورات بحيث لا يبقى لذي لب في وقوعها شك و لا في تحققها ريب.
    و هذا هو الذي ألجأ الباحثين في الآثار الروحية من علماء العصر أن يعللوه بجريان أمواج مجهولة إلكتريسية مغناطيسية فافترضوا أن الارتياضات الشاقة تعطي للإنسان سلطة على تصريف أمواج مرموزة قوية تملكه أو تصاحبه إرادة و شعور و بذلك يقدر على ما يأتي به من حركات و تحريكات و تصرفات عجيبة في المادة خارقة للعادة بطريق القبض و البسط و نحو ذلك.
    و هذه الفرضية لو تمت و اطردت من غير انتقاض لأدت إلى تحقق فرضية جديدة وسيعة تعلل جميع الحوادث المتفرقة التي كانت تعللها جميعا أو تعلل بعضها الفرضيات القديمة على محور الحركة و القوة و لساقت جميع الحوادث المادية إلى التعلل و الارتباط بعلة واحدة طبيعية.
    فهذا قولهم و الحق معهم في الجملة إذ لا معنى لمعلول طبيعي لا علة طبيعية له مع فرض كون الرابطة طبيعية محفوظة، و بعبارة أخرى إنا لا نعني بالعلة الطبيعية إلا أن تجتمع عدة موجودات طبيعية مع نسب و روابط خاصة فيتكون منها عند ذلك موجود طبيعي جديد حادث متأخر عنها مربوط بها بحيث لو انتقض النظام السابق عليه لم يحدث و لم يتحقق وجوده.
    الى ان يقول : و هذا يحتمل وجهين: أحدهما أن يتوسل تعالى إليه من غير سبب مادي و علة طبيعية بل بمجرد الإرادة وحدها، و ثانيهما أن يكون هناك سبب طبيعي مستور عن علمنا يحيط به الله سبحانه و يبلغ ما يريده من طريقه إلا أن الجملة التالية من الآية المعللة لما قبلها أعني قوله تعالى، قد جعل الله لكل شيء قدرا تدل على ثاني الوجهين فإنها تدل على أن كل شيء من المسببات أعم مما تقتضيه الأسباب العادية أو لا تقتضيه فإن له قدرا قدره الله سبحانه عليه، و ارتباطات مع غيره من الموجودات، و اتصالات وجودية مع ما سواه، لله سبحانه أن يتوسل منها إليه و إن كانت الأسباب العادية مقطوعة عنه غير مرتبطة به إلا أن هذه الاتصالات و الارتباطات ليست مملوكة للأشياء أنفسها حتى تطيع في حال و تعصي في أخرى بل مجعولة بجعله تعالى مطيعة منقادة له.
    الى ان يقول: -
    فقد تبين من الفصول السابقة من البحث أن المعجزة كسائر الأمور الخارقة للعادة لا تفارق الأسباب العادية في الاحتياج إلى سبب طبيعي و أن مع الجميع أسبابا باطنية و أن الفرق بينها أن الأمور العادية ملازمة لأسباب ظاهرية تصاحبها الأسباب الحقيقية الطبيعية غالبا أو مع الأغلب و مع تلك الأسباب الحقيقية إرادة الله و أمره، و الأمور الخارقة للعادة من الشرور كالسحر و الكهانة مستندة إلى أسباب طبيعية مفارقة للعادة مقارنة للسبب الحقيقي بالإذن و الإرادة كاستجابة الدعاء و نحو ذلك من غير تحد يبتني عليه ظهور حق الدعوة و أن المعجزة مستندة إلى سبب طبيعي حقيقي بإذن الله و أمره إذا كان هناك تحد يبتني عليه صحة النبوة و الرسالة و الدعوة إلى الله تعالى و أن القسمين الآخرين يفارقان سائر الأقسام في أن سببهما لا يصير مغلوبا مقهورا قط بخلاف سائر المسببات.
    فإن قلت: فعلى هذا لو فرضنا الإحاطة و البلوغ إلى السبب الطبيعي الذي للمعجزة كانت المعجزة ميسورة ممكنة الإتيان لغير النبي أيضا و لم يبق فرق بين المعجزة و غيرها إلا بحسب النسبة و الإضافة فقط فيكون حينئذ أمر ما معجزة بالنسبة إلى قوم غير معجزة بالنسبة إلى آخرين، و هم المطلعون على سببها الطبيعي الحقيقي، و في عصر دون عصر، و هو عصر العلم، فلو ظفر البحث العلمي على الأسباب الحقيقية الطبيعية القصوى لم يبق مورد للمعجزة و لم تكشف المعجزة عن الحق.
    و نتيجة هذا البحث أن المعجزة لا حجية فيها إلا على الجاهل بالسبب فليست حجة في نفسها.

    تعليق

    يعمل...
    X