بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
اللهم صل على محمد وال محمد
(النهي عن العُجْب)
وإيّاك بُنيّ والْعجب، فإنّه آفة الدِّين، ومُفني العمل، ومُورِدُك في الهَلَكات. ألا ترى أنّ صاحب عيسى عليه السّلام لمّا قال ـ كعيسى عليه السّلام ـ : « بسم الله » بصحّة اليقين منه، ومشى على الماء خلف عيسى عليه السّلام، فدخله العُجب بنفسه، فقال: هذا عيسى عليه السّلام رُوح الله يمشي على الماء، وأنا أمشي على الماء، فما فضله علَيَّ ؟! رمس في الماء، فاستغاث بعيسى عليه السّلام، فقال له عيسى عليه السّلام: « لقد وضعتَ نفسَك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه، فمقَتَكَ الله على ما قلتَ، فتُبْ إلى الله تعالى ممّا قلت » فتاب الرجل وعاد إلى مرتبته التي وضعه الله تعالى فيها.
فعليك بُنيّ بحِفظ نفسك من العجب، والوضع للنفس في غير الموضع الذي وضعك الله فيه.
(طَلب العلم)
أوصيك بُنيّ بطلب العِلم، فإنّه مضافاً إلى كَونه ممّا يتوقّف عليه أداء الواجبات على ما هي عليها، وترك المحرّمات، وفرضاً من الله سبحانه وتعالى يجب امتثاله فيه، ويحرم مخالفته، قد قامت الضرورة على حُسنه وفضله وشرفه وعلوّ درجته، وارتفاع مرتبته، وسموّ مكانه، وجلالة قدره، وقد تطابق العقل والنقل على فضله.
(النهي عن القنوط والأمن من مكر الله)
وإيّاك بُنيّ والقنوط من رحمة الله سبحانه، والأَمْنَ مِن مَكرِه، فإنّهما من الكبائر المسخطة للرب، وفي كلّ منهما استصغار له تعالى.
وقد شاهدنا بعض المذنبين لم يَقنَع الشيطانُ منه بارتكاب المعصية، بل وسوسَ
إليه حتى قَنَّطه من رحمة الله سبحانه، وحصل له اليأس من أن يتوب الله تعالى عليه، فترك التوبة لذلك.. فجمع بين أصل المعصية وبين معصية أخرى كبيرة ـ وهي القنوط ـ وبين تَرْك التوبة الواجبة الماحية للذنب.
(عليك بالتواضع)
وعليك بُنيّ بالتواضع حتّى تنال به خير الدنيا والآخرة، فقد ورد أنّ التواضع يزيد صاحبه رفعة، وأنّ فيه الشرف، وبه تَعْمر الحكمة، وأنّه مزرعة الخُشوع والخشية والحياء، وأنّه لا يسلم الشرف التامّ الحقيقيّ إلاّ للمتواضع في ذات
الله، وأنّ الله تعالى لَيُباهي الملائكة بالذين يتواضعون، وأنّ ما مِن أحدٍ من وُلد آدم عليه السّلام إلاّ وناصيته بيد مَلَك، فإنْ تكبّر جذب بناصيته إلى الأرض، ثمّ قال له: تواضعْ وَضَعكَ اللهُ، وإنْ تواضع جذب بناصيته، وقال له: ارفعْ رأسك رَفَعَك الله، ولا وضعك بتواضعك لله . وأنّ الله تعالى إنّما اصطفى موسى عليه السّلام لكلامه؛ لتواضعه وكونه أذلّ خلقه نفساً، فجعله أرفعهم شأناً في عصره، وأنّ المتواضعين أقرب الناس إلى الله تعالى.
تعليق