إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معاناة الشيعة في عهد معاوية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معاناة الشيعة في عهد معاوية

    بسم الله الرحمن الرحيم


    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    واضطهدتالشيعة أيام معاوية اضطهاداً رسمياً في جميع أنحاء البلاد ، وقوبلوا بمزيد منالعنف والشدة .فقدانتقم منهم معاوية كأشد ما يكون الانتقام قسوةً وعذاباً ، فقد قاد مركبة حكومتهعلى جثث الضحايا منهم .
    وقدحكى الإمام الباقر ( عليه السلام ) صوراً مريعة من بطش الأمويِّين بشيعة آل البيت( عليهم السلام ) .
    فيقول( عليه السلام ) : ( وَقُتلت شيعتُنا بكل بلدة ، وقُطعت الأيدي والأرجل علىالظِّنَّة ، وكان من يُذكَر بِحُبِّنا ، والانقطاع إلينا ، سُجن ، أو نُهب مَالُهُ، أو هُدمت دَارُه ) .
    وتحدث بعض رجالالشيعة إلى محمد بن الحنفية عَمَّا عانوه من المحن والخطوب قائلين : ( فما زال بناالشَّين في حُبِّكم ، حتى ضربت عليه الأعناق ، وأبطلت الشهادات ، وشُرِّدنا فيالبلاد وأوذينا ) .
    وقدكانت الشيعة تشكِّل خطراً على حكومة معاوية ، فاستعمل معهم أعنف الوسائل وأشدهاقسوة من أجل القضاء عليهم .
    ومنبين الإجراءات القاسية التي استعملها ضِدَّهم ما يلي :
    الإجراءالأول : القتل الجماعي :

    أسرفمعاوية إلى حَدٍّ كبير في سفك دماء الشيعة ، فقد عهد إلى الجلادين من قادة جيشهبِتَتَبّع الشيعة وقتلهم حيثما كانوا .
    وقدقتل بسر بن أبي أرطاة - بعد التحكيم - ثلاثين ألفاً ، عدا من أحرقهم بالنار .
    وقتلسمرة بن جندب ثمانية آلاف من أهل البصرة .
    وأمازياد بن أبيه فقد ارتكب أفظع المجازر ، فقطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون ، وأنزلبالشيعة من صنوف العذاب ما لا يوصف لِمَرارته وقسوته .
    وعمدمعاوية إلى إبادة القوى المفكرة والواعية من الشيعة ، وقد ساق زُمراً منهم إلىساحات الإعدام ، وأثكل أمَّهاتهم ، وأنزل الحِداد في بيوتهم ، وفيما يلي بعضهم :
    1- حِجر بن عَدِي ( رضوان الله عليه ) :
    فَقدرفع حجر بن عدي علم النضال ، وكافح عن حقوق المظلومين والمضطهدين ، وسحق إرادةالحاكمين من بني أمية ، الذين تلاعبوا في مقدرات الأمة ، وحوَّلوها إلى مزرعةجماعية لهم ، ولعملائهم ، وأتباعهم .
    لقداستهان حجر من الموت ، وسخر من الحياة ، واستلذَّ الشهادة في سبيل عقيدته .
    وامتحنحجر كأشَدِّ ما تكون المِحنة قسوة حينما رأى السلطة تُعلِنُ سَبَّ الإمام علي (عليه السلام ) ، وترغم الناس على البراءة منه ، فأنكر ذلك ، وجاهر بالردِّ علىوُلاة الكوفة .
    واستحلَّزياد بن أبيه دَمه ، فألقى عليه القبض ، وبعثه مخفوراً مع كوكبة من إخوانه إلىمعاوية ، وأُوقِفوا في ( مرج عذراء ) .
    فصدرتالأوامر من دمشق بإعدامهم ، ونفَّذَ الجلاَّدون فيهم حكم الإعدام ، فخرَّت جثَثُهمعلى الأرض ، وهي مُلفَّعة بدم الشهادة والكرامة ، تضيء للناس معالم الطريق نحوحياة أفضل ، لا ظلم فيها ولا طغيان .
    2- رَشيد الهجري ( رضوان الله عليه ) :
    وفيفترات المحنة الكبرى التي منيت بها الشيعة في عهد ابن سمية ، تَعرَّض رشيد الهجريلأنواع المحن والبلوى .
    فقدبعث زياد شرطته إليه ، فلما مَثُلَ عنده صاح به : ما قال لك خَليلُك - يعني :عَلياً - أنا فاعلون بك ؟
    فأجابهبصدق وإيمان : تقطعون يدي ورجلي ، وتصلبوني .
    فقالالخبيث مستهزئاً وساخراً : أما والله لأكذِّبن حديثه ، خَلُّوا سبيله .
    وخَلَّتالجلاوزة سراحه .
    وندمالطاغية ، فأمر بإحضاره فصاح به : لا نجد شيئاً أصلح مما قال صاحبك ، إنك لا تزالتبغي لنا سوءاً إن بقيت ، اقطعوا يديه ورجليه .
    وبادرالجلادون فقطعوا يديه ورجليه ، وهو غير حافل بما يعانيه من الآلام .
    ويقولالمؤرخون : إنه أخذ يذكر مثالب بني أمية ، ويدعو إلى إيقاظ الوعي والثورة ، مماغاظ ذلك زياداً ، فأمر بقطع لسانه الذي كان يطالب بالحق والعدل ، وينافح عن حقوقالفقراء والمحرومين .
    3- عمرو بن الحَمْق الخزاعي ( رضوان الله عليه ) :
    ومنشهداء العقيدة الصحابي العظيم عمرو بن الحمق الخزاعي ، الذي دعا له النبي ( صلىالله عليه وآله ) أن يمتِّعَه الله بشبابه .
    واستجابالله دعاء نبيه ، فقد أخذ عمرو بعنق الثمانين عاماً ، ولم تر في كريمتِه شعرةبيضاء .
    وتأثَّرعمرو بِهَدي أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وأخذ من علومهم ، فكان من أعلام شيعتهم.
    وفيأعقاب الفتنة الكبرى التي مُنيت بها الكوفة في عهد الطاغية زياد بن سمية ، شعرعمرو بتتبُّع السلطة له ، ففرَّ مع زميله رفاعة بن شداد إلى الموصل ، وقبل أنينتهيا إليه كَمِنا في جبل لِيَستَجِمّا فيه .
    وارتابتالشرطة ، فبادرت إلى إلقاء القبض على عمرو ، أما رفاعة ففرَّ ولم تستطع أن تلقيعليه القبض .
    وجيءبعمرو مخفوراً إلى حاكم الموصل عبد الرحمن الثقفي ، فرفع أمره إلى معاوية ، فأمرهبطعنه تسع طعنات بمشاقص ، لأنه طعن عثمان بن عفان .
    وبادرتالجلاوزة إلى طعنه ، فمات في الطعنة الأولى ، واحتُزَّ رأسه الشريف ، وأرسل إلىطاغية دمشق ، فأمر أن يُطاف به في الشام .
    ويقولالمؤرخون : إنه أول رأس طِيفَ به في الإسلام .
    ثمأمر به معاوية أن يُحمل إلى زوجته السيدة آمنة بنت شريد ، وكانت في سجنه ، فلمتشعر إلا ورأس زوجها قد وضع في حجرها .
    فذعرتوكادت أن تموت ، وحُمِلت من السجن إلى معاوية ، وجرت بينها وبينه محادثات دَلَّتعلى ضِعَة معاوية ، واستهانته بالقِيَم العربية والإسلامية القاضية بمعاملة المرأةمعاملة كريمة ، ولا تؤخذ بأي ذنب يقترفه زوجها ، أو غيره .
    4- أوفى بن حصن ( رضوان الله عليه ) :
    وكانأوفى بن حصن من خيار الشيعة - في الكوفة - ، وأحد أعلامهم النابهين ، وهو من أشدِّالناقمين على معاوية ، فكان يذيع مساوئه وأحداثه .
    ولماعلم به ابن سمية أوعز إلى الشرطة بإلقاء القبض عليه ، ولما علم أوفى بذلك اختفى .
    وفيذات يوم استعرض زياد الناس ، فاجتاز عليه أوفى ، فَشكَّ في أمره ، فسأل عنه ،فأُخبِر باسمه .
    فأمربإحضاره ، فلمَّا مَثُل عنده سأله عن سياسته ، فعابها وأنكرها ، فأمر زياد بقتله ،فهوى الجلادون عليه بسيوفهم وتركوه جثة هامدة .
    5- عبد الله الحضرمي ( رضوان الله عليه ) :
    وكانمن أولياء الإمام علي ( عليه السلام ) ، ومن خُلَّص شيعته ، كما كان من شرطةالخميس ، وقد قال له الإمام ( عليه السلام ) في يوم الجمل :
    ( أبشِر يا عبد الله، فإنك وأباك من شرطة الخميس ، لقد أخبرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) باسمكواسم أبيك في شرطة الخميس ) .
    ولماقُتل الإمام ( عليه السلام ) جزع عليه الحضرمي ، وبنى له صومعة يتعبَّد فيها ،وانضم إليه جماعة من خيار الشيعة .
    فأمرابن سمية بإحضارهم ، ولما مَثَلوا عنده أمر بقتلهم ، فَقُتِلوا صبراً .
    6- جويرية العبدي ( رضوان الله عليه ) :
    وكانمن عيون شيعة الإمام ( عليه السلام ) ، وفي فترات المحنة الكبرى التي امتحنت بهاالشيعة أيام ابن سمية ، بعث خلفه ، فأمر بقطع يده ، ورجله ، وصلبه على جذع قصير .
    7- صيفي بن فسيل :
    وهومن أبطال العقيدة الإسلامية ، الذي ضرب أروع الأمثلة للإيمان ، فقد سُعِيَ به إلىالطاغية زياد ، فلما جيء به إليه صاح به : يا عدوَّ الله ، ما تقول في أبي تراب ؟
    قالصيفي : ما أعرف أبا تراب .
    فقالزياد : ما أعرفك به ؟
    قالصيفي : أما تعرف علي بن أبي طالب ؟
    فقالزياد : بلى ، فذاك أبو تراب .
    قالصيفي : كلا ذاك أبو الحسن والحسين .
    وانبرىمدير شرطة زياد مُنكِراً عليه : يقول لك الأمير : هو أبو تراب ، وتقول أنت : لا؟!! .
    فصاحبه البطل العظيم مستهزئاً منه ومن أميره : وإن كذب الأمير أتريد أن أكذب ؟! وأشهدعلى باطل كما شهد ؟! .
    وعندهاتحطَّم كبرياء الطاغية ، وضاقت به الأرض ، فقال له : وهذا أيضاً مع ذنبك .
    وصاحبشرطته : عَليَّ بالعصا ، فأتوه بها ، فقال له : ما قولك ؟
    وانبرىالبطل بكل بسالة وإقدام غير حافل به قائلاً : أحسن قول أنا قائله في عبد من عبادالله المؤمنين .
    وأوعزالسفَّاك إلى جَلاَّديه بضرب عاتقه حتى يلتصق بالأرض ، فسعوا إليه بهراواتهم ،فضربوه ضرباً مبرحاً حتى وصل عاتقه إلى الأرض ، ثم أمرهم بالكف عنه ، وقال له :إيه ، ما قولك في علي ؟ - وحسب الطاغية أن وسائل تعذيبه سوف تقلبه عن عقيدته - .
    فقالصيفي له : والله لو شرحتني بالمواسي والمدى ، ما قلت إلا ما سمعت مني .
    وفقدالسفاك إهابه فصاح به : لَتَلعَنه أو لأضرِبَنَّ عُنُقك .
    وهتفصيفي يقول : إذا تضربها والله قبل ذلك ، فان أبَيْت إلا أن تضربها رضيتُ باللهِوشقيتَ أنت .
    وأمربه زياد أن يوقر في الحديد ، ويُلقى في ظُلُمات السجون ، ثم بعثه مع حجر بن عديإلى الشام فاستشهد معه .
    8- عبد الرحمن العنزي ( رضوان الله عليه ) :
    وكانمن خيار الشيعة ، وقد وقع في قبضة جلاوزة زياد ، فطلب منهم مواجهة معاوية ، لعلهيعفو عنه ، فاستجابوا له وأرسلوه مخفوراً إلى دمشق .
    فلمَّامَثُل عند الطاغية معاوية قال له : إيه أخا ربيعة ، ما تقول في علي ؟
    قالعبد الرحمن : دعني ولا تسألني ، فهو خير لك .
    فقالمعاوية : والله لا أدعك .
    فانبرىالبطل الفَذ يُدلي بفضائل الإمام ( عليه السلام ) ، ويشيد بمقامه قائلاً : أشهدأنه كان من الذاكرين الله كثيراً ، والآمرين بالحق ، والقائمين بالقسط ، والعافينعن الناس .
    والتاعمعاوية ، فعرَّج نحو عثمان ، لعلَّه أن ينال منه ، فيستحلّ إراقة دَمه ، فقال له :ما قولك في عثمان ؟
    فأجابهعبد الرحمن عن انطباعاته عن عثمان .
    فغاظذلك معاوية وصاح به : قتلتَ نفسك .
    وظنعبد الرحمن أن أسرته ستقوم بحمايته وإنقاذه ، فلم ينبرِ إليه أحد .
    ولماأمِن منهم معاوية بعثه إلى الطاغية زياد ، وأمره بقتله ، فبعثه زياد إلى ( قِسِّالناطف ) ، فَدُفن وهو حَيّ .
    لقدرفع هذا البطل العظيم راية الحق ، وحمل مِعْوَل الهَدم على قلاع الظلم والجور ،واستشهد منافحاً عن أقدس قضية في الإسلام .
    هؤلاءبعض الشهداء من أعلام الشيعة ، الذين حملوا مشعل الحرية ، وأضاءوا الطريق لغيرهممن الثوَّار الذين أسقطوا هيبة الحكم الأموي ، وعملوا على إنقاضه .
    ولميقتصر معاوية في تنكيله على السادة من رجال الشيعة ، وإنما تجاوز ظلمه إلى السيداتمن نسائهم ، فأشاع فيهم الذعر والإرهاب ، فكتب إلى بعض عُمَّاله بحمل بعضهِنَّإليه ، فَحُمِلت له هذه السيدات :
    1- الزرقاء بنت عدي .
    2- أم الخير البارقية .
    3- سودة بنت عمارة .
    4- أم البراء بنت صفوان .
    5- بكارة الهلالية .
    6- أروى بنت الحارث .
    7- عكرش بنت الأطرش .
    8- الدارمية الحجونية .
    وقدقابلهن معاوية بمزيد من التوهين والاستخفاف ، وأظهر لهن الجبروت والقدرة علىالانتقام ، غير حافل بِوَهن المرأة وضعفها .
    الإجراءالثاني : هَدم دورهم :

    وأوعز معاوية إلىجميع عُمَّاله بهدم دور الشيعة ، فقاموا بنقضها ، وتركوا شيعة آل البيت ( عليهمالسلام ) بلا مأوى يأوون إليه .
    ولميكن هناك أي مُبرِّر لهذه الإجراءات القاسية سوى تحويل الناس عن عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله ) .
    الإجراءالثالث : حرمانهم من العطاء :

    ومنالمآسي الكئيبة التي عانتها الشيعة في أيام معاوية ، أنه كتب إلى جميع عُمَّالهنسخة واحدة جاء فيها : ( انظروا إلى من قامت عليه البيِّنة أنه يُحبُّ علياً وأهلبيته فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه ) .
    فبادرعُمَّاله في الفحص في سجلاَّتهم ، فمن وجدوه مُحباً لآل البيت ( عليهم السلام )مَحوا اسمه ، وأسقطوا عطاءه .
    الإجراءالرابع : عدم قبول شهادتهم :

    وعمدمعاوية إلى إسقاط الشيعة اجتماعياً ، فعهد إلى جميع عُمَّاله بعدم قبول شهادتهم فيالقضاء وغيره ، مبالغةً في إذلالهم وتحقيرهم .
    الإجراءالخامس : إبعادهم إلى ( خُرَاسان ) :

    وأرادزياد بن أبيه تصفية الشيعة من الكوفة ، وكَسر شوكتهم ، فأجلى خمسين ألفاً منهم إلى( خُرَاسان ) ، وهي المقاطعة الشرقية في فارس .
    وقددقَّ زياد بذلك أول مسمار في نعش الحكم الأموي ، فقد أخذت تلك الجماهير التي أبعدتإلى فارس تعمل على نشر التشيُّع في تلك البلاد .
    حتىتحوَّلت إلى مركز للمعارضة ضد الحكم الأموي ، وهي التي أطاحت به تحت قيادة أبيمسلم الخراساني .
    هذابعض ما عانته الشيعة في عهد معاوية من صنوف التعذيب والإرهاب ، وكان ما جرى عليهممن المآسي الأليمة من أهم الأسباب في ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
    فقدرفع ( عليه السلام ) علم الثورة لينقذهم من المِحنة الكبرى التي امتُحِنوا بها ،ويعيد لهم الأمن والاستقرار .


    واضطهدتالشيعة أيام معاوية اضطهاداً رسمياً في جميع أنحاء البلاد ، وقوبلوا بمزيد منالعنف والشدة .
    فقدانتقم منهم معاوية كأشد ما يكون الانتقام قسوةً وعذاباً ، فقد قاد مركبة حكومتهعلى جثث الضحايا منهم .
    وقدحكى الإمام الباقر ( عليه السلام ) صوراً مريعة من بطش الأمويِّين بشيعة آل البيت( عليهم السلام ) .
    فيقول( عليه السلام ) : ( وَقُتلت شيعتُنا بكل بلدة ، وقُطعت الأيدي والأرجل علىالظِّنَّة ، وكان من يُذكَر بِحُبِّنا ، والانقطاع إلينا ، سُجن ، أو نُهب مَالُهُ، أو هُدمت دَارُه ) .
    وتحدث بعض رجالالشيعة إلى محمد بن الحنفية عَمَّا عانوه من المحن والخطوب قائلين : ( فما زال بناالشَّين في حُبِّكم ، حتى ضربت عليه الأعناق ، وأبطلت الشهادات ، وشُرِّدنا فيالبلاد وأوذينا ) .
    وقدكانت الشيعة تشكِّل خطراً على حكومة معاوية ، فاستعمل معهم أعنف الوسائل وأشدهاقسوة من أجل القضاء عليهم .
    ومنبين الإجراءات القاسية التي استعملها ضِدَّهم ما يلي :
    الإجراءالأول : القتل الجماعي :

    أسرفمعاوية إلى حَدٍّ كبير في سفك دماء الشيعة ، فقد عهد إلى الجلادين من قادة جيشهبِتَتَبّع الشيعة وقتلهم حيثما كانوا .
    وقدقتل بسر بن أبي أرطاة - بعد التحكيم - ثلاثين ألفاً ، عدا من أحرقهم بالنار .
    وقتلسمرة بن جندب ثمانية آلاف من أهل البصرة .
    وأمازياد بن أبيه فقد ارتكب أفظع المجازر ، فقطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون ، وأنزلبالشيعة من صنوف العذاب ما لا يوصف لِمَرارته وقسوته .
    وعمدمعاوية إلى إبادة القوى المفكرة والواعية من الشيعة ، وقد ساق زُمراً منهم إلىساحات الإعدام ، وأثكل أمَّهاتهم ، وأنزل الحِداد في بيوتهم ، وفيما يلي بعضهم :
    1- حِجر بن عَدِي ( رضوان الله عليه ) :
    فَقدرفع حجر بن عدي علم النضال ، وكافح عن حقوق المظلومين والمضطهدين ، وسحق إرادةالحاكمين من بني أمية ، الذين تلاعبوا في مقدرات الأمة ، وحوَّلوها إلى مزرعةجماعية لهم ، ولعملائهم ، وأتباعهم .
    لقداستهان حجر من الموت ، وسخر من الحياة ، واستلذَّ الشهادة في سبيل عقيدته .
    وامتحنحجر كأشَدِّ ما تكون المِحنة قسوة حينما رأى السلطة تُعلِنُ سَبَّ الإمام علي (عليه السلام ) ، وترغم الناس على البراءة منه ، فأنكر ذلك ، وجاهر بالردِّ علىوُلاة الكوفة .
    واستحلَّزياد بن أبيه دَمه ، فألقى عليه القبض ، وبعثه مخفوراً مع كوكبة من إخوانه إلىمعاوية ، وأُوقِفوا في ( مرج عذراء ) .
    فصدرتالأوامر من دمشق بإعدامهم ، ونفَّذَ الجلاَّدون فيهم حكم الإعدام ، فخرَّت جثَثُهمعلى الأرض ، وهي مُلفَّعة بدم الشهادة والكرامة ، تضيء للناس معالم الطريق نحوحياة أفضل ، لا ظلم فيها ولا طغيان .
    2- رَشيد الهجري ( رضوان الله عليه ) :
    وفيفترات المحنة الكبرى التي منيت بها الشيعة في عهد ابن سمية ، تَعرَّض رشيد الهجريلأنواع المحن والبلوى .
    فقدبعث زياد شرطته إليه ، فلما مَثُلَ عنده صاح به : ما قال لك خَليلُك - يعني :عَلياً - أنا فاعلون بك ؟
    فأجابهبصدق وإيمان : تقطعون يدي ورجلي ، وتصلبوني .
    فقالالخبيث مستهزئاً وساخراً : أما والله لأكذِّبن حديثه ، خَلُّوا سبيله .
    وخَلَّتالجلاوزة سراحه .
    وندمالطاغية ، فأمر بإحضاره فصاح به : لا نجد شيئاً أصلح مما قال صاحبك ، إنك لا تزالتبغي لنا سوءاً إن بقيت ، اقطعوا يديه ورجليه .
    وبادرالجلادون فقطعوا يديه ورجليه ، وهو غير حافل بما يعانيه من الآلام .
    ويقولالمؤرخون : إنه أخذ يذكر مثالب بني أمية ، ويدعو إلى إيقاظ الوعي والثورة ، مماغاظ ذلك زياداً ، فأمر بقطع لسانه الذي كان يطالب بالحق والعدل ، وينافح عن حقوقالفقراء والمحرومين .
    3- عمرو بن الحَمْق الخزاعي ( رضوان الله عليه ) :
    ومنشهداء العقيدة الصحابي العظيم عمرو بن الحمق الخزاعي ، الذي دعا له النبي ( صلىالله عليه وآله ) أن يمتِّعَه الله بشبابه .
    واستجابالله دعاء نبيه ، فقد أخذ عمرو بعنق الثمانين عاماً ، ولم تر في كريمتِه شعرةبيضاء .
    وتأثَّرعمرو بِهَدي أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وأخذ من علومهم ، فكان من أعلام شيعتهم.
    وفيأعقاب الفتنة الكبرى التي مُنيت بها الكوفة في عهد الطاغية زياد بن سمية ، شعرعمرو بتتبُّع السلطة له ، ففرَّ مع زميله رفاعة بن شداد إلى الموصل ، وقبل أنينتهيا إليه كَمِنا في جبل لِيَستَجِمّا فيه .
    وارتابتالشرطة ، فبادرت إلى إلقاء القبض على عمرو ، أما رفاعة ففرَّ ولم تستطع أن تلقيعليه القبض .
    وجيءبعمرو مخفوراً إلى حاكم الموصل عبد الرحمن الثقفي ، فرفع أمره إلى معاوية ، فأمرهبطعنه تسع طعنات بمشاقص ، لأنه طعن عثمان بن عفان .
    وبادرتالجلاوزة إلى طعنه ، فمات في الطعنة الأولى ، واحتُزَّ رأسه الشريف ، وأرسل إلىطاغية دمشق ، فأمر أن يُطاف به في الشام .
    ويقولالمؤرخون : إنه أول رأس طِيفَ به في الإسلام .
    ثمأمر به معاوية أن يُحمل إلى زوجته السيدة آمنة بنت شريد ، وكانت في سجنه ، فلمتشعر إلا ورأس زوجها قد وضع في حجرها .
    فذعرتوكادت أن تموت ، وحُمِلت من السجن إلى معاوية ، وجرت بينها وبينه محادثات دَلَّتعلى ضِعَة معاوية ، واستهانته بالقِيَم العربية والإسلامية القاضية بمعاملة المرأةمعاملة كريمة ، ولا تؤخذ بأي ذنب يقترفه زوجها ، أو غيره .
    4- أوفى بن حصن ( رضوان الله عليه ) :
    وكانأوفى بن حصن من خيار الشيعة - في الكوفة - ، وأحد أعلامهم النابهين ، وهو من أشدِّالناقمين على معاوية ، فكان يذيع مساوئه وأحداثه .
    ولماعلم به ابن سمية أوعز إلى الشرطة بإلقاء القبض عليه ، ولما علم أوفى بذلك اختفى .
    وفيذات يوم استعرض زياد الناس ، فاجتاز عليه أوفى ، فَشكَّ في أمره ، فسأل عنه ،فأُخبِر باسمه .
    فأمربإحضاره ، فلمَّا مَثُل عنده سأله عن سياسته ، فعابها وأنكرها ، فأمر زياد بقتله ،فهوى الجلادون عليه بسيوفهم وتركوه جثة هامدة .
    5- عبد الله الحضرمي ( رضوان الله عليه ) :
    وكانمن أولياء الإمام علي ( عليه السلام ) ، ومن خُلَّص شيعته ، كما كان من شرطةالخميس ، وقد قال له الإمام ( عليه السلام ) في يوم الجمل :
    ( أبشِر يا عبد الله، فإنك وأباك من شرطة الخميس ، لقد أخبرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) باسمكواسم أبيك في شرطة الخميس ) .
    ولماقُتل الإمام ( عليه السلام ) جزع عليه الحضرمي ، وبنى له صومعة يتعبَّد فيها ،وانضم إليه جماعة من خيار الشيعة .
    فأمرابن سمية بإحضارهم ، ولما مَثَلوا عنده أمر بقتلهم ، فَقُتِلوا صبراً .
    6- جويرية العبدي ( رضوان الله عليه ) :
    وكانمن عيون شيعة الإمام ( عليه السلام ) ، وفي فترات المحنة الكبرى التي امتحنت بهاالشيعة أيام ابن سمية ، بعث خلفه ، فأمر بقطع يده ، ورجله ، وصلبه على جذع قصير .
    7- صيفي بن فسيل :
    وهومن أبطال العقيدة الإسلامية ، الذي ضرب أروع الأمثلة للإيمان ، فقد سُعِيَ به إلىالطاغية زياد ، فلما جيء به إليه صاح به : يا عدوَّ الله ، ما تقول في أبي تراب ؟
    قالصيفي : ما أعرف أبا تراب .
    فقالزياد : ما أعرفك به ؟
    قالصيفي : أما تعرف علي بن أبي طالب ؟
    فقالزياد : بلى ، فذاك أبو تراب .
    قالصيفي : كلا ذاك أبو الحسن والحسين .
    وانبرىمدير شرطة زياد مُنكِراً عليه : يقول لك الأمير : هو أبو تراب ، وتقول أنت : لا؟!! .
    فصاحبه البطل العظيم مستهزئاً منه ومن أميره : وإن كذب الأمير أتريد أن أكذب ؟! وأشهدعلى باطل كما شهد ؟! .
    وعندهاتحطَّم كبرياء الطاغية ، وضاقت به الأرض ، فقال له : وهذا أيضاً مع ذنبك .
    وصاحبشرطته : عَليَّ بالعصا ، فأتوه بها ، فقال له : ما قولك ؟
    وانبرىالبطل بكل بسالة وإقدام غير حافل به قائلاً : أحسن قول أنا قائله في عبد من عبادالله المؤمنين .
    وأوعزالسفَّاك إلى جَلاَّديه بضرب عاتقه حتى يلتصق بالأرض ، فسعوا إليه بهراواتهم ،فضربوه ضرباً مبرحاً حتى وصل عاتقه إلى الأرض ، ثم أمرهم بالكف عنه ، وقال له :إيه ، ما قولك في علي ؟ - وحسب الطاغية أن وسائل تعذيبه سوف تقلبه عن عقيدته - .
    فقالصيفي له : والله لو شرحتني بالمواسي والمدى ، ما قلت إلا ما سمعت مني .
    وفقدالسفاك إهابه فصاح به : لَتَلعَنه أو لأضرِبَنَّ عُنُقك .
    وهتفصيفي يقول : إذا تضربها والله قبل ذلك ، فان أبَيْت إلا أن تضربها رضيتُ باللهِوشقيتَ أنت .
    وأمربه زياد أن يوقر في الحديد ، ويُلقى في ظُلُمات السجون ، ثم بعثه مع حجر بن عديإلى الشام فاستشهد معه .
    8- عبد الرحمن العنزي ( رضوان الله عليه ) :
    وكانمن خيار الشيعة ، وقد وقع في قبضة جلاوزة زياد ، فطلب منهم مواجهة معاوية ، لعلهيعفو عنه ، فاستجابوا له وأرسلوه مخفوراً إلى دمشق .
    فلمَّامَثُل عند الطاغية معاوية قال له : إيه أخا ربيعة ، ما تقول في علي ؟
    قالعبد الرحمن : دعني ولا تسألني ، فهو خير لك .
    فقالمعاوية : والله لا أدعك .
    فانبرىالبطل الفَذ يُدلي بفضائل الإمام ( عليه السلام ) ، ويشيد بمقامه قائلاً : أشهدأنه كان من الذاكرين الله كثيراً ، والآمرين بالحق ، والقائمين بالقسط ، والعافينعن الناس .
    والتاعمعاوية ، فعرَّج نحو عثمان ، لعلَّه أن ينال منه ، فيستحلّ إراقة دَمه ، فقال له :ما قولك في عثمان ؟
    فأجابهعبد الرحمن عن انطباعاته عن عثمان .
    فغاظذلك معاوية وصاح به : قتلتَ نفسك .
    وظنعبد الرحمن أن أسرته ستقوم بحمايته وإنقاذه ، فلم ينبرِ إليه أحد .
    ولماأمِن منهم معاوية بعثه إلى الطاغية زياد ، وأمره بقتله ، فبعثه زياد إلى ( قِسِّالناطف ) ، فَدُفن وهو حَيّ .
    لقدرفع هذا البطل العظيم راية الحق ، وحمل مِعْوَل الهَدم على قلاع الظلم والجور ،واستشهد منافحاً عن أقدس قضية في الإسلام .
    هؤلاءبعض الشهداء من أعلام الشيعة ، الذين حملوا مشعل الحرية ، وأضاءوا الطريق لغيرهممن الثوَّار الذين أسقطوا هيبة الحكم الأموي ، وعملوا على إنقاضه .
    ولميقتصر معاوية في تنكيله على السادة من رجال الشيعة ، وإنما تجاوز ظلمه إلى السيداتمن نسائهم ، فأشاع فيهم الذعر والإرهاب ، فكتب إلى بعض عُمَّاله بحمل بعضهِنَّإليه ، فَحُمِلت له هذه السيدات :
    1- الزرقاء بنت عدي .
    2- أم الخير البارقية .
    3- سودة بنت عمارة .
    4- أم البراء بنت صفوان .
    5- بكارة الهلالية .
    6- أروى بنت الحارث .
    7- عكرش بنت الأطرش .
    8- الدارمية الحجونية .
    وقدقابلهن معاوية بمزيد من التوهين والاستخفاف ، وأظهر لهن الجبروت والقدرة علىالانتقام ، غير حافل بِوَهن المرأة وضعفها .
    الإجراءالثاني : هَدم دورهم :

    وأوعز معاوية إلىجميع عُمَّاله بهدم دور الشيعة ، فقاموا بنقضها ، وتركوا شيعة آل البيت ( عليهمالسلام ) بلا مأوى يأوون إليه .
    ولميكن هناك أي مُبرِّر لهذه الإجراءات القاسية سوى تحويل الناس عن عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله ) .
    الإجراءالثالث : حرمانهم من العطاء :

    ومنالمآسي الكئيبة التي عانتها الشيعة في أيام معاوية ، أنه كتب إلى جميع عُمَّالهنسخة واحدة جاء فيها : ( انظروا إلى من قامت عليه البيِّنة أنه يُحبُّ علياً وأهلبيته فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه ) .
    فبادرعُمَّاله في الفحص في سجلاَّتهم ، فمن وجدوه مُحباً لآل البيت ( عليهم السلام )مَحوا اسمه ، وأسقطوا عطاءه .
    الإجراءالرابع : عدم قبول شهادتهم :

    وعمدمعاوية إلى إسقاط الشيعة اجتماعياً ، فعهد إلى جميع عُمَّاله بعدم قبول شهادتهم فيالقضاء وغيره ، مبالغةً في إذلالهم وتحقيرهم .
    الإجراءالخامس : إبعادهم إلى ( خُرَاسان ) :

    وأرادزياد بن أبيه تصفية الشيعة من الكوفة ، وكَسر شوكتهم ، فأجلى خمسين ألفاً منهم إلى( خُرَاسان ) ، وهي المقاطعة الشرقية في فارس .
    وقددقَّ زياد بذلك أول مسمار في نعش الحكم الأموي ، فقد أخذت تلك الجماهير التي أبعدتإلى فارس تعمل على نشر التشيُّع في تلك البلاد .
    حتىتحوَّلت إلى مركز للمعارضة ضد الحكم الأموي ، وهي التي أطاحت به تحت قيادة أبيمسلم الخراساني .
    هذابعض ما عانته الشيعة في عهد معاوية من صنوف التعذيب والإرهاب ، وكان ما جرى عليهممن المآسي الأليمة من أهم الأسباب في ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) .فقدرفع ( عليه السلام ) علم الثورة لينقذهم من المِحنة الكبرى التي امتُحِنوا بها ،ويعيد لهم الأمن والاستقرار .

    والله ولي التوفيق
    أبا حسنٍ يهنيك ما أصبحوا به × وإن كان للقتلى تُقَامُ المآتمُ
    فيا خاطب العلياء والموت دونها × رُوَيدَكَ قد قَاوَمتَ مَن لا يُقَاومُ
    بَخِلتَ عَليها بالحياة وإنها لأكرم × من تُهدَى إليه الكرائمُ
    إذا عَلِقَت نفسُ امرءٍ بِوِصَالِها × ورامت مراماً دونه حَامَ حائِمُ
    فخاطبها الهندي والموتُ عاقد × وعمرك مَهرٌ والنِّثَار الجماجمُ

  • #2
    بسمه تعالى وبه نستعين

    احسنتم اخي السراج الوهاج على هذا الموضوع القيم .جعله الله في ميزان اعمالكم .
    قل للمغيب تحت أطباق الثرى إن كنت تسمع صرختي و ندائيا
    صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
    ************
    السلام عليكِ يا أم أبيها

    تعليق

    يعمل...
    X