إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علم الغيب في نظر الشيعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علم الغيب في نظر الشيعة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلاة والسلام على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين

    هلأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) يعلمون الغيب ، الذياختُصَّ به الله عزَّ وجل ؟
    نحن ندَّعيعلم الغيب للنبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) ، ولكن لا علىنحو الاستقلالية ، بل نقول :
    إن اللهأطلع نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) على الأمور الغيبيةالتي لم يطَّلِع عليها أحد .
    وإن شئت قلت: علم الغيب لذات الشخص وبلا توسط من الغير ، هو العلم الثابت لواجب الوجود ،والذي هو عين الذات ، وهذا مختص بالله ، ولغيره تعالى يعتبر كُفراً .
    أما العلمبالغيب الذي هو بتوسط الله تعالى ، وليس هو عين الذات ، فهذا الذي يعلمه الرسول (صلى الله عليه وآله ) ، والأئمة ( عليهم السلام ) ، وقد دلَّت عليه الآيات ،والروايات ، نذكر منها :
    الأولى :

    حينما كان الإمامعليه ( عليه السلام ) يخبر عن الملاحم بالبصرة ، وما يجرى فيها في المستقبل ، فقالله بعض أصحابه :
    لقد أُعطيتَيا أمير المؤمنين علم الغيب ؟!!
    فضحك ( عليهالسلام ) وقال للرجل - وكان كلبياً - :
    ( يا أخَا كلب ، ليسهو بعلم غيبٍ ، وإنما هو تعلُّم من ذي علم ، وإنما علم الغيب عِلم الساعة ، وماعدَّده الله سبحانه بقوله :
    (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَافِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِينَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) لقمان 34 .
    فهذا هو علم الغيبالذي لا يعلمه أحدٌ إلا الله ، ما سوى ذلك فعلمٌ علَّمه الله ، وما سوى ذلك فعلمٌعلَّمه الله نبيَّه فَعلَّمَنِيه ، ودعا لي بأن يَعيه صدري ، وتضطمَّ عليه جوانحي) نهج البلاغة / الخطبة 128 .
    الثانية :

    قال الإمامالصادق ( عليه السلام ) لهشام :
    ( إنا نحن نتوارثُالكمالِ والتمام ، اللَّذَين أنزلهما الله على نبيه في قوله :
    ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُلَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَدِينًا .. ) المائدة 3.
    والأرض لا تخلومِمَّن يكمل هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا ) .
    فلما سمعذلك هشام انقلبت عينه اليمنى فاحْوَلَّت ، واحمرَّ وجهه ، وكان ذلك علامةُ غضبهإذا غضب ، ثم أطرق هنيئة ، ثم رفع رأسه فقال للإمام ( عليه السلام ) : ألسنا بنوعبد مناف نسبنا ونسبكم واحد ؟ .
    فقال ( عليهالسلام ) : (نحن كذلك ، ولكن الله جلَّ ثناؤه اختصَّنا من مَكنون سِرِّه ، وخالص عِلمه ، بمالم يختص أحداً به غيرنا ) .
    فقال : أليسالله جلَّ ثناؤه بعث محمداً من شجرة عبد مناف إلى الناس كافَّة ، أبيضها وأسودهاوأحمرها ، من أين ورثتم ما ليس لغيركم ، ورسول الله مبعوث إلى الناس كافة ؟ وذلكقول الله تبارك وتعالى :
    ( وَلِلَّهِ مِيرَاثُالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .. ) آل عمران 180 ، الحديد 10 .
    فمن أينورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ، ولا أنتم أنبياء ؟
    فقال ( عليهالسلام ) : منقوله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) :
    ( لَا تُحَرِّكْ بِهِلِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) القيامة 16 .
    فالذي أبداه فهوللناس كافة ، والذي لم يحرك به لسانه ، أمر الله تعالى أن يخصَّنا به من دون غيرنا، فلذلك كان ( صلى الله عليه وآله ) يناجي أخاه عليا ( عليه السلام ) من دونأصحابه .
    وأنزل الله بذلكقرآناً في قوله تعالى : ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ )الحاقة 12 .
    فقال رسول الله ( صلىالله عليه وآله ) لأصحابه :
    ( سألت الله تعالى أنيجعلها أذنك يا علي ) .
    فلذلك قال علي بن أبي طالب ( عليهالسلام ) بالكوفة :
    ( علمني رسول الله ( صلى الله عليه وآله) ألف باب من العلم ، يُفتح من كل باب ألف باب ) .
    خَصَّه به رسول الله ( صلى الله عليهوآله ) من مَكنون علمه ، ما خَصَّه الله به ، فصار إلينا ، وتوارثناه من دون قومنا) .
    فقال هشام: إن عليا كان يدَّعي علم الغيب ،والله لم يُطلِع على غيبه أحداً ، فمن أين ادَّعى ذلك ؟
    فقال الإمامالصادق ( عليه السلام ) :
    ( إن الله جلَّ ذكره أنزلعلى نبيِّه ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً ، بَيَّن فيه ما كان ، وما يكون ، إلىيوم القيامة ، في قوله : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًالِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل 89 .
    وفي قوله : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُفِي إِمَامٍ مُبِينٍ )يس 12 .
    وفي قوله : ( مَّافَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) الأنعام 38 .
    وفي قوله : ( وَمَامِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) النمل 75 .
    وأوحى الله تعالى إلى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن لا يُبقِي في غَيبه، وسِرِّه ، ومكنون علمه شيئاً ، إلا يناجي به علياً .
    فأمره أن يؤلف القرآن من بعده ، ويتولَّىغُسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه .
    وقال( صلى الله عليه وآله ) لأصحابه : حرام على أصحابي ، وأهلي ، أن ينظروا إلى عورتيغير أخي علي ، فإنه مني ، وأنا منه ، له ما لِي ، وعليهِ ما عَلَيَّ ، وهو قاضيديني ، ومنجز موعدي .
    ثم قال ( صلى اللهعليه وآله ) لأصحابه : علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت علىتنزيله ، ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلا عند علي .
    ولذلك قالرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأصحابه :
    ( أقضاكم علي ) ، أيهو قاضيكم .
    وقال عمر بن الخطاب : لولا علي لهلك عمر.
    أفيشهد له عمر ويجحدغيره ) ؟! .
    الثالثة :

    عن الإمامزين العابدين ( عليه السلام ) :
    ( ألا إنَّ للعبد أربع أعين : عينان يبصربهما أمر دينه ودنياه ، وعينان يبصر بهما أمر آخرته ، فإذا أراد الله بعبد خيراًفتح له العينين في قلبه فأبصر بهما الغيب في أمر آخرته ) الخصال 1 / 240 ح 90 باب الأربعة .
    وذكر المتقيالهندي الحديثَ في كتابه كنز العمال 2 / 42 ح 3043 ، بلفظ مشابه لهذا الحديث .
    الرابعة :

    أخبر الإمامالرضا ( عليه السلام ) ابن هذَّاب بما يجري عليه في المستقبل ، حيث قال ( عليهالسلام ) له :
    ( إنْ أخبرتُك أنك سَتُبلى في هذه الأيامبذي رحم لك ، كنتَ مُصدِّقاً لي ) ؟
    قال : لا ،فإن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى .
    قال( عليه السلام ) : أوَ ليس الله يقول :
    (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىمِن رَّسُولٍ .. ) الجن 26 - 27 .
    فرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عندالله مرتضى ، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه ، فعلمناما كان ، وما يكون ، إلى يوم القيامة .
    وإن الذي أخبرتُك يا ابن هذاب لكائنٌ إلىخمسة أيام ، فإن لم يَصحُّ ما قلتُ فبهذه المدة ، وإلا فإني كذَّاب مُفتَرٍ ، وإنصَحَّ فَتعلَمُ أنَّك الرَّادُّ على الله ، وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله ) .
    ولك دلالة أخرى ،فَتُصاب بِبَصرك وتصير مكفوفاً ، فلا تبصر سهلاً ولا جبلاً ، وهذا كائن بعد أيام .
    ولك عندي دلالة أخرى، إنَّك ستحلِفُ يميناً كاذبة فَتُضرَب بأبرص ) .
    قال محمد بن الفضل : بالله لقد نزل ذلككله بابن هذاب [ الخرايج والجرايح للراوندي 306 الباب التاسع ] .
    نقول : هذهرواية صريحة في علمهم ( عليهم السلام ) للغيب .
    الخامسة :

    وفي خطبة للإمامعلي ( عليه السلام ) يذكر فيها صفات الإمام ، جاء فيها :
    ( ويلبسُ الهيبةَ ، وعلم الضمير ،ويطَّلع على الغيب ، ويعطي التصرُّف على الإطلاق ) مشارق أنوار اليقين 115 .
    السادسة :

    قال رسولالله ( صلى الله عليه وآله ) :( نبئت وآدمَ بين الروح والجسد ) .
    وقال ( صلى الله عليهوآله ) أيضاً : ( وجبت لي وآدم بين الروح والجسد ) فضائل ابن شاذان 34 ،كنز العمال 12 / 426 .
    نقول :فكونه ( صلى الله عليه وآله ) نبيّاً ينبأ ، في غاية الوضوح والدلالة على تلقيهالعلوم في ذلك العالم ، إذ يستحيل أن الله اتَّخذ نبيا ونبأه وهو فاقد للعلم .
    وفيماذكرناه من الروايات كاف لمن ألقي السمع وهو شهيد .

    والله ولي التوفيق
    أبا حسنٍ يهنيك ما أصبحوا به × وإن كان للقتلى تُقَامُ المآتمُ
    فيا خاطب العلياء والموت دونها × رُوَيدَكَ قد قَاوَمتَ مَن لا يُقَاومُ
    بَخِلتَ عَليها بالحياة وإنها لأكرم × من تُهدَى إليه الكرائمُ
    إذا عَلِقَت نفسُ امرءٍ بِوِصَالِها × ورامت مراماً دونه حَامَ حائِمُ
    فخاطبها الهندي والموتُ عاقد × وعمرك مَهرٌ والنِّثَار الجماجمُ

  • #2
    بسمه تعالى وبه نستعين

    أحسنتم أخي السراج الوهاج على هذا الموضوع القيم وموفقين ان شاء الله وجعله في ميزان اعمالكم .

    وما يدل عل ان اهل البيت له من علم الغيب بإذن الله حديث عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)

    عن المعلى بن خنيس قال: أتيت الإمام جعفر الصّادق (عليه السلام) فلم أجده حاليا فجلست في موضع بإزائه فلما أبصرني قال : (مرحبا يا ابن خنيس ، قلت: يا ابن رسول الله تخالج في صدري شيء من العلم الذي خصكم الله به وفضلكم على الخلائق تفضيلا فأحببت أن أسألك عنه لتوقفني عليه وترشدني.
    قال: قل ما بدا لك يا ابن خنيس.
    قلت: يا سيدي جلست إلى رفقة من فقهاء أهل الكوفة وجماعة منهم فإذا بهم يثنون الأول والثاني، روى فقيه من فقهائهم إلى أن قال فذكرت ما خصكم الله به فأنكروا ذلك.
    قال الصادق (عليه السلام): وما الذي ذكرت لهم؟
    قلت: أمر العلم وما أعطاكم الله من علم الكتاب وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال أنا مدينة العلم وعلي بابها وأنه علم عليا علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة فقالوا كلهم هذا محال لم يطلع الله على غيبه أحدا وتلوا علي آيات من القرآن منها قوله تعالى " وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ " {الأنعام/59} وقوله تعالى " إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ " {لقمان/34} وقوله " عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا"{الجن/26} وشهدوا علي بالكفر بادعاء هذا العلم لكم وبقيت متحيرا قد قطعوني .
    فضحك الصادق (عليه السلام) وقال: يا ابن خنيس استضعفوك القوم وغلبوك بباطلهم وتظاهروا عليك.
    فقلت: يا ابن رسول الله قد فعل بوصي نبي الله هارون حين قال " قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي" {الأعراف/150} وقد فعل بأمير المؤمنين ذلك وأكثر من هذا حين أخرجوه إلى البيعة.
    قال : يا ابن خنيس هلا أحضرتنيهم حتى أريهم أنهم أولى بالكفر وأنك وأصحابك على الحق المبين وأنهم ظالمون يكذبون من كتاب الله الباطن الذي لا يستطيعون له إنكارا لولوا منه فرارا.
    قلت : هم أقل من أن يحضروا ويجمعوا.
    ثم قال : يا ابن خنيس لأشرحن لك كل ذلك حتى لا يشك شاك منهم أو من غيرهم، ولأفسرن ذلك حتى تعلم أنهم على الباطل وأن من قال بقولهم فهو كافر بالله العظيم.
    قال المعلى: فامتلأت فرحا وسرورا ونشاطا وقلت : يا ابن رسول الله من أولى بذلك منكم وأنتم معدن الحكمة وورثة العلم ومهبط الوحي ؟
    ثم قال (عليه السلام) : أو لا قرأت عليهم قرآنا عربيا فإنه لا شيء أغلب للطغاة ولا أقهر لهم من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، إلى أن قال (عليه السلام) : ففي كتاب الله بطلان لما ادعوه أكثر من مائة آية أنا مبينها لك يا ابن خنيس، إن معنى علم الغيب هو علم ما غاب عنك فإن علم الغيب غيب وهذا ما لا يظهر عليه إلا الله ومن أطلعه عليه واختصه من الأنبياء والأوصياء فلو قيل إن الغيب لا يعلمه إلا الله وإنه خص قوما بما لم يخص به غيرهم حملهم الحسد على الكفر بالله العظيم، أرأيت احتجاجهم بقول الله تبارك وتعالى "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا" كيف لم يتلو تمام الآية "إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ " {الجن/27} قد خص الله قوما وأكرمهم وفضلهم على هذا الخلق المنكوس.
    فقلت: بلى يا ابن رسول الله.
    قال: فنحن والله أولئك الذين خصنا بما لم يخص به أحدا وذلك أن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة واختصه بالرسالة وعلمه علم الكتاب كله وفي الكتاب علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة وأمر نبيه أن يعلم ذلك وصيه فعلمه عليا (عليه السلام) فارتد بذلك نفر من أصحابه فأدركهم الحسد وتآمروا بينهم وتغامزوا حتى نافقوا فعيرهم الله فقال " أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا "{النساء/54} وما أراد من آل إبراهيم إلا الذين عصمهم الله من الشبهات وطهرهم فلم يعبدوا وثنا ولا صنما هكذا قال إبراهيم (عليه السلام) " وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ" {إبراهيم/35} وقال تعالى " يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ" {ص/26} فكل من عبد وثنا أو صنما يوما واحدا من الدهر فليس بمعصوم ولا طاهر قال الله لنبيه "وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ " {المدثر/5} يعني الوثن والصنم فأعطاه الله الكتاب وفي الكتاب كل شيء قال الله " مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ"{الأنعام/38} وفي هذا الكتاب الذي أنزله الله على نبيه علم الأولين والآخرين وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، منح الله علم الكتاب أنبياءه ورسله وأمناءه وحرمه سائر الناس، ألا أوجدك لذلك من كتاب الله نصا ؟
    قلت: بلى يا ابن رسول الله.
    قال: اقرأ هذه الآية المحكمة " تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا"{هود/49} ما يشك في هذا إلا كافر معلن بالكفر.
    قلت: نعم.
    قال (عليه السلام): أليس قد علمه من الغيب ما لم يعلمه أحدا .
    قلت: بلى.
    قال (عليه السلام): أفلا أدلك على ما هو أوضح من هذا؟
    قلت: بلى.
    قال: قوله عبارة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ"{الأنبياء/24} قوله " هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ " {الأنبياء/24} أليس قد علمه علم كل شيء هو معه وما يكون إلى يوم القيامة وأطلعه على علم ما كان قبله من الأمم الأولين أفليس هذا هو الحق الذي قال الله " لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ" {الأنبياء/24}.
    قلت : يا ابن رسول الله لو كانت حضرتني هذه الآية التي قلتها " تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ "{هود/49}.
    قال (عليه السلام): يا ابن خنيس ألا أدلك على ما هو أوضح من هذا ؟
    قلت : بلى .
    قال: قوله " وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا"{الشورى/53} قد أوحى إليه عالم الغيب ما لم يكن يعلمه فهذا علم الكتاب والكتاب فيه علم الأولين والآخرين وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة فهل يشك في هذا أحد؟
    قلت: لا.
    قال: ما لهم لعنهم الله يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض قال الله " فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ"{البقرة/85} ثم قال: يا ابن خنيس ألا أدلك على ما هو أبين من هذا؟
    قلت: بلى يا ابن رسول الله.
    قال: خص الله آدم على نبينا وآله وعليه السلام من تعليم كل شيء قال الله تعالى " وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا "{البقرة/31} إلى قوله " فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ " {البقرة/33} وذلك أنه علمه اسم كل شيء قبل أن يخلق ذلك الشيء حتى اسم الملح بجميع اللغات فلما أحضر الملائكة أعلمهم فضل آدم وأمرهم بالسجود له وأعلمهم أنه يجعله خليفة في الأرض " قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء " {البقرة/30} وقد كانت الملائكة نازعت آدم قبل ذلك وقالت نحن أفضل منه فقال آدم : بل أنا أفضل منكم خلقني الله بيده ونفخ في من روحه وعلمني غيب السماوات والأرض ولم يعلمكم الله منه شيئا، قال الله " فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " {البقرة/31} فيما ادعيتم، " قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا " {البقرة/32} قال حينئذ " أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ " {البقرة/33} علموا أنه أفضل منهم فانقادوا وخضعوا له فعندها قال الله " قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ "{البقرة/33} ثم قال (عليه السلام): يا ابن خنيس كيف لم تحتج عليهم باحتجاجهم؟
    قلت: بماذا؟
    قال: بقوله "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ" {الأنعام/59} أليس قد رده كله إلى الكتاب فهذا هو الكتاب الذي قال الله تعالى " أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ " {النساء/54} نحن والله آل إبراهيم.
    قلت: يا ابن رسول الله كأني لم أقرأ هذا القرآن قبل اليوم.
    قال: يا ابن خنيس هذا والله الكتاب الذي قال الله " وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ " {الشورى/52} فأخبر أنه لم يدر ما الكتاب حتى علمه هذا الكتاب قال الله " تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا " {هود/49} .
    قلت: سيدي إذا كان الاحتجاج عليهم من جهتهم فقد طاب لي اللحاق بهم والمناظرة معهم.
    قال (عليه السلام): يا ابن خنيس ألا أدلك على أوضح من هذا مما أخبرتك به جميعه؟
    قلت: سيدي فأي شيء أوضح من هذا وأنور مما أخبرتني به؟
    قال: القرآن كله نور وشفاء لما في الصدور ورحمة للعالمين ومن القرآن قول عيسى على نبينا وآله وعليه السلام لبني إسرائيل أني قد " جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ… " {آل عمران/49} إلى قوله "… إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " {آل عمران/49} فهل أنبأهم بما يأكلون وبما يدخرون في بيوتهم إلا بشيء غائب عن بصره هذا علم الغيب بعينه هل يستطيعون له إنكارا أو منه فرارا؟
    قلت: كلما أخبرتني به واضح وهذا أوضح وأنور.
    فقال (عليه السلام): أليس القرآن ينطق بصدق قولنا وتكذيب قولهم؟ يا ابن خنيس جميع ما أخبرتك به من الظاهر فكيف لو سمعت بباطن واحد وما تراهم فاعلون وما عساهم يظهرون لو سمعوه كان والله يظهر منهم ما لا تقوى على احتماله ولا تقدر على استماعه إلا بمعونة الله .
    قلت: سيدي امنن على عبدك بباطن واحد في هذا المعنى.
    فقال (عليه السلام): إنك لا تحتمله.
    قلت: أحتمله إن ثبتني الله وسددني وهداني فادع الله لي.
    فقال (عليه السلام): افعل به ذلك فإنه من أوليائنا، يا ابن خنيس اقرأ هذه الآية "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ… " {الأنعام/59}? إلى قوله ?… فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ?{الأنعام/59}? أو تدري ما الكتاب المبين؟
    قلت: القرآن.
    قال: ذلك مبلغك من علم الكتاب، فقال الإمام (عليه السلام): ما القرآن يا ابن خنيس؟
    قلت: القرآن إمامي.
    قال: نعم الله ربك ومحمد نبيك والقرآن إمامك ألا أوجدك ذلك من كتاب الله ؟
    قلت: بلى.
    قال: والذي فلق الحبة وبرء النسمة ونصب القبلة لقد أعطى الإمام ما لم يعط ملك مقرب ولا نبي مرسل، ألا أوجدك ذلك من كتاب الله .
    قلت: بلى يا ابن رسول الله وهذا أيضا في الكتاب.
    قال (عليه السلام): ويحك أما قرأت " مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ" {الأنعام/38}اقرأ قصة موسى.
    قلت : أي القصص؟
    قال: قوله تبارك وتعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ"{النمل/16} ، فقرأتها ، فقال: أفهمتها يا ابن خنيس؟ إنما أوتي من كل شيء ولولا ذلك لكان يقول علمنا منطق الطير وأوتينا كل شيء ولم يقل من كل شيء.
    قلت : كذلك هو يا ابن رسول الله.
    قال : اقرأ قصة عيسى.
    قلت: أي القصص؟
    قال: قوله " وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ" {الزخرف/63} وإنما علم بعض الشيء ولم يقل الكل.
    قلت: كذلك هو يا ابن رسول الله .
    قال: اقرأ قصة الإمام.
    قلت: سيدي وأي قصة الإمام؟
    قال (عليه السلام): أبين القصص وأوضحها " إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ" {يس/12} قال كل شيء ولم يقل من شيء ولا بعض الشيء ، قال: أو تدري أين تحقيقه من كتاب الله ؟
    قلت: لا أدري.
    قال: قوله "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ" {الأنعام/59} أتدري أن الإمام أعطي بأمر من الكتاب؟
    قلت: بلى يا ابن رسول الله.
    قال (عليه السلام): فعلم كل ما في السماوات والأرض عند الإمام فمن ذلك قال " وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ" وذلك أن الإمام حجة الله في أرضه لا يصلح أن يسأل عن شيء فيقول لا أدري.
    قلت: كذلك هو يا ابن رسول الله.
    قال: أو تدري لم فعل ذلك به ومعه؟
    قلت: لا.
    قال: لأن الإمام خليفة الله في أرضه لا ينبغي أن يكون ناقصا منقوصا أليس الله قال يا محمد " قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ" {الأنعام/149} يقول لو شاء لهداكم إلى علمه ولكن خص بذلك إمامه وخليفته وحجته، ثم قال (عليه السلام): ارفع رأسك يا ابن خنيس واسمع ما قال في الإمام إن الإمام من روح الله وهي الروح التي جعلها الله في آدم " فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي" {الحجر/29} وقال في عيسى " وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ"{النساء/171}. قلت: سيدي أخبرني عن أمر الروح ما هي؟
    قال: ضروب كثيرة أحدها روح الرحمة وهو قوله " وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ" {المجادلة/22} وأما الثانية فهي جبرئيل وذلك قوله تعالى " نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ" {الشعراء/193-194} وأما الثالثة يعني به ملكا من الملائكة مسكنه السماء السابعة صورته صورة الإنسان وجسده جسد الملائكة وذلك قوله "يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا" {النبأ/38} يعني بذلك الملك وهو أعظم من كل شيء خلقه الله تعالى وهو حافظ الملائكة فإذا كان يوم القيامة قام بين يدي الله صفا واحدا لم يزاحمه أحد وتقوم الملائكة صفا آخر، وأما الرابعة فإنه يعنى أمره وهو قوله " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي" {الإسراء/85} وقوله " وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا" {الشورى/52} وقوله " تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ"{القدر/4} والخامسة فإنه يعني روح الله الخاصة بمن ركبت فيه وهذه الروح علم بها ما في السماوات والأرض وعرج بها إلى السماء وهبط بها إلى الأرض وعلم بها الغيب فإن كان في المغرب وأحب أن يكون في المشرق صار في لحظة واحدة في أقل من طرفة.
    قلت: يا سيدي يا ابن رسول الله لقد شفيت صدري.
    قال: يا ابن خنيس إن علمنا شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
    قل للمغيب تحت أطباق الثرى إن كنت تسمع صرختي و ندائيا
    صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
    ************
    السلام عليكِ يا أم أبيها

    تعليق

    يعمل...
    X