الاسم: الإمام جعفر الصادق (ع)
اسم الأب: الإمام محمد الباقر (ع)
اسم الأم: فاطمة
تاريخ الولادة: 17 ربيع الأول سنة 83 للهجرة
محل الولادة: المدينة
تاريخ الاستشهاد: 25 شوال سنة 148 للهجرة
محل الاستشهاد: المدينة
محل الدفن: المدينة (البقيع)
اسم الأم: فاطمة
تاريخ الولادة: 17 ربيع الأول سنة 83 للهجرة
محل الولادة: المدينة
تاريخ الاستشهاد: 25 شوال سنة 148 للهجرة
محل الاستشهاد: المدينة
محل الدفن: المدينة (البقيع)
ما قبل الإمامة
باسمه تعالى
باسمه تعالى
بعد ثلاث وعشرين سنةً من واقعة كربلاء، رزق أهل بيت رسول الله (ص)،
وليداً ذكراً أسموه جعفر، وأبوه هو الإمام محمد الباقر (ع)، أمّا أمه فهي السيدةفاطمة.
وجده هو الإمام زين العابدين (ع)، وهو كما نعرف، الرجل الوحيد الذي بقي منأهل
البيت على قيد الحياة بعد فاجعة كربلاء.
عاش جعفر مع أبيه وإلى جانب جدّه زين العابدين، وحين بلغ الثالثةعشرة من عمره،
توفّي جدّه العظيم بعد حياةٍ مليئةٍ بالتقوى والعمل الصالح.
نشأ جعفر نشأةً صالحةً في بيت طاهر، تلّقى فيه أصول الصدق والإيمان،
وقد لقّب فيما بعد بـ «الصادق»، أي الذي يقول الحقّ والصدق دائماً،
وصار يعرف بـ «جعفر الصادق ».
وليداً ذكراً أسموه جعفر، وأبوه هو الإمام محمد الباقر (ع)، أمّا أمه فهي السيدةفاطمة.
وجده هو الإمام زين العابدين (ع)، وهو كما نعرف، الرجل الوحيد الذي بقي منأهل
البيت على قيد الحياة بعد فاجعة كربلاء.
عاش جعفر مع أبيه وإلى جانب جدّه زين العابدين، وحين بلغ الثالثةعشرة من عمره،
توفّي جدّه العظيم بعد حياةٍ مليئةٍ بالتقوى والعمل الصالح.
نشأ جعفر نشأةً صالحةً في بيت طاهر، تلّقى فيه أصول الصدق والإيمان،
وقد لقّب فيما بعد بـ «الصادق»، أي الذي يقول الحقّ والصدق دائماً،
وصار يعرف بـ «جعفر الصادق ».
في تلك الأيام كان عبد الملك بن مروان حاكماً في بلاد المسلمين،
وكانممثله يدعى الحجاج بن يوسف، وهو رجل قاسي القلب عديم الرحمة،
أنزل أشدّ العذابوالأذى بأصحاب وأهل أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام،
فكان يلقي بهم في السجون،وينكّل بهم، وكان بيت الإمام زين العابدين (ع)
موضوعاً تحت مراقبة شديدة، وقد حظرعلى الجميع أن يقربوا هذا البيت الكريم،
وفي الوقت الذي كان فيه أعداء آل البيتأحراراً يقولون ما شاءوا،
فقد حرم أهل بيت الرسول من هذه الحرّيّة.
وبعد موت عبد الملك بن مروان استلم الحكم ابنه الوليد، وكان هذا أشدّمن أبيه ظلماً
وجرأةً على آل بيت رسول الله (ص)، كما كان يجهر بعدائه للإسلاموأحكامه،
لكنّ حكمه لم يطل كثيراً، فتسلّمه من بعده عمر بن عبد العزيز.
كان الإمام الصادق عليه السلام، في تلك الفترة من الزمن قد تجاوزأيّام شبابه،
وكان أبوه الباقر عليه السلام إماماً وقائداً للأمّة. وفي عهد عمر بنعبد العزيز لقي
أهل البيت (ع) معاملةً أفضل منالسابق، واستعادوا شيئاً من حرّيّتهم،
وصار بمقدور الإمام الباقرعليه السلام أن يجلس إلى الناس، يحدّثهم ويعلّمهم
أحكام الإسلام والقرآن الكريم،إلى جانب علوم أخرى كثيرةٍ. لكنّ حكم عمر بن
عبد العزيز كان قصيراً جدّاً. وخلفهفي الحكم هشام بن عبد الملك.
كان هشام رجلاً شديداً وقاسياً، لا يكتم بغضه لأهل البيت، وقد عانىالإمام الباقر كثيراً
من شدة هشام، لكنّ قسوته - على أي حالٍ - لم تصل إلى درجةأسلافه.
ويذكر أنّ هشاماً استدعى الإمام الباقر مرّةً، وطلب منه أن يسأله حاجةًيقضيها له،
لكنّ الإمام طلب منه أن يدعه ليرجع إلى أهله في المدينة،
ليتابع عملهفي الوعظ والإرشاد. فوافق هشام، وعاد الإمام إلى المدينة، كما عاد إلى دروسهومجالسه في مسجد جدّه الرسول (ص). وقد اجتمع حوله خلق كثير من طلاب العلم، والتحقبدروسه الشباب والشيوخ، ومنذ ذلك الحين، أصبحت عائلة الرسول (ص) موضع اهتمام كبيرمن الناس، وكان الباقر على درايةٍ بعلومٍ كثيرةٍ، يتلقّاها عنه تلاميذه فينتشرون
في كلّ اتّجاه نحو المدن والقرى، يجلسون إلى الناس ويعلمونهم ماتعلموه من الإمام، حتى انتشرت أحكام الإسلام وعلومه ومعارفه انتشاراً كبيراً.
شعر أعوان هشام بالخطر الذي تشكّله مجالس الإمام في توعية الناس،وكشف الحقائق أمامهم، ولكن لم يكن بمقدورهم عمل شيءٍ، لأنّ حكم بني أميّة كان قدبدأ يتّجه نحو الضعف، وصار الناس في كل مكانٍ يجابهون عمّال هشامٍ ويتمردون علىأوامرهم، وهكذا تمكّن الإمام (ع) من الاستمرار في دروسه، كما استمرّ تلاميذهبالازدياد والانتشار.
وكانممثله يدعى الحجاج بن يوسف، وهو رجل قاسي القلب عديم الرحمة،
أنزل أشدّ العذابوالأذى بأصحاب وأهل أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام،
فكان يلقي بهم في السجون،وينكّل بهم، وكان بيت الإمام زين العابدين (ع)
موضوعاً تحت مراقبة شديدة، وقد حظرعلى الجميع أن يقربوا هذا البيت الكريم،
وفي الوقت الذي كان فيه أعداء آل البيتأحراراً يقولون ما شاءوا،
فقد حرم أهل بيت الرسول من هذه الحرّيّة.
وبعد موت عبد الملك بن مروان استلم الحكم ابنه الوليد، وكان هذا أشدّمن أبيه ظلماً
وجرأةً على آل بيت رسول الله (ص)، كما كان يجهر بعدائه للإسلاموأحكامه،
لكنّ حكمه لم يطل كثيراً، فتسلّمه من بعده عمر بن عبد العزيز.
كان الإمام الصادق عليه السلام، في تلك الفترة من الزمن قد تجاوزأيّام شبابه،
وكان أبوه الباقر عليه السلام إماماً وقائداً للأمّة. وفي عهد عمر بنعبد العزيز لقي
أهل البيت (ع) معاملةً أفضل منالسابق، واستعادوا شيئاً من حرّيّتهم،
وصار بمقدور الإمام الباقرعليه السلام أن يجلس إلى الناس، يحدّثهم ويعلّمهم
أحكام الإسلام والقرآن الكريم،إلى جانب علوم أخرى كثيرةٍ. لكنّ حكم عمر بن
عبد العزيز كان قصيراً جدّاً. وخلفهفي الحكم هشام بن عبد الملك.
كان هشام رجلاً شديداً وقاسياً، لا يكتم بغضه لأهل البيت، وقد عانىالإمام الباقر كثيراً
من شدة هشام، لكنّ قسوته - على أي حالٍ - لم تصل إلى درجةأسلافه.
ويذكر أنّ هشاماً استدعى الإمام الباقر مرّةً، وطلب منه أن يسأله حاجةًيقضيها له،
لكنّ الإمام طلب منه أن يدعه ليرجع إلى أهله في المدينة،
ليتابع عملهفي الوعظ والإرشاد. فوافق هشام، وعاد الإمام إلى المدينة، كما عاد إلى دروسهومجالسه في مسجد جدّه الرسول (ص). وقد اجتمع حوله خلق كثير من طلاب العلم، والتحقبدروسه الشباب والشيوخ، ومنذ ذلك الحين، أصبحت عائلة الرسول (ص) موضع اهتمام كبيرمن الناس، وكان الباقر على درايةٍ بعلومٍ كثيرةٍ، يتلقّاها عنه تلاميذه فينتشرون
في كلّ اتّجاه نحو المدن والقرى، يجلسون إلى الناس ويعلمونهم ماتعلموه من الإمام، حتى انتشرت أحكام الإسلام وعلومه ومعارفه انتشاراً كبيراً.
شعر أعوان هشام بالخطر الذي تشكّله مجالس الإمام في توعية الناس،وكشف الحقائق أمامهم، ولكن لم يكن بمقدورهم عمل شيءٍ، لأنّ حكم بني أميّة كان قدبدأ يتّجه نحو الضعف، وصار الناس في كل مكانٍ يجابهون عمّال هشامٍ ويتمردون علىأوامرهم، وهكذا تمكّن الإمام (ع) من الاستمرار في دروسه، كما استمرّ تلاميذهبالازدياد والانتشار.
جامعة أهل البيت (عليهم السلام)
توفّي الإمام الباقر (ع) سنة 114 للهجرة، بعد أن أوصى بالإمامة لابنهجعفر الصادق (ع)، وقد ازداد خوف هشام بن عبد الملك من الإمام الصادق عن ذي قبل،لأنّه انصرف إلى متابعة أعمال أبيه، بهمّة ونشاط شابٍّ في الحادية والثلاثين،ممتلئ نشاطاً وحيوية، فاهتمّ بجامعة أهل البيت، التي أسّسها أميرالمؤمنين علي بنأبي طالب، ورعاها من بعده أبناؤه
الأطهار، وخاصة أبوه الإمام الباقر عليهم جميعاً أزكى السلام، وشملتنشاطات هذه الجامعة كافة العلوم والمعارف، وكان لها دور كبير في صون الإسلام منالانحراف والتشويه، ونشر تعاليمه وأحكامه.
بعد موت هشام سنة 125 للهجرة، ازداد ضعف الحكم الأمويّ، وقامت في ذلكالوقت جماعتان تناهضان الحكم و تطالبان بالخلافة، والتحق بهما كل المعارضين للحكم.
كانت إحدى هاتين الجماعتين بقيادة أحد أبناء الإمام الحسين (ع)، أمّاالثانية فكانت بقيادة أحد أبناء العباس، عمّ الرسول (ص)، قامت تطالب بالثأر لدماءالشهداء، وادّعت الولاء لآل بيت الرسول (ص).
كان كلّ هذا يجري في وقت انصرف فيه الإمام الصادق إلى العمل على نشرالعلوم و المعارف عن طريق إقامة المجالس، التي كان يحضرها كل الذين ينازعون بنيأمية الحكم، حتى أنّ العباس السفّاح والمنصور وغيرهما من كبار بني العباس، كانوا
بعد موت هشام سنة 125 للهجرة، ازداد ضعف الحكم الأمويّ، وقامت في ذلكالوقت جماعتان تناهضان الحكم و تطالبان بالخلافة، والتحق بهما كل المعارضين للحكم.
كانت إحدى هاتين الجماعتين بقيادة أحد أبناء الإمام الحسين (ع)، أمّاالثانية فكانت بقيادة أحد أبناء العباس، عمّ الرسول (ص)، قامت تطالب بالثأر لدماءالشهداء، وادّعت الولاء لآل بيت الرسول (ص).
كان كلّ هذا يجري في وقت انصرف فيه الإمام الصادق إلى العمل على نشرالعلوم و المعارف عن طريق إقامة المجالس، التي كان يحضرها كل الذين ينازعون بنيأمية الحكم، حتى أنّ العباس السفّاح والمنصور وغيرهما من كبار بني العباس، كانوا
يحضرون دروس الإمام، متظاهرين بالولاء لأهل البيت عليهم السلام.
الإمام (عليه السلام) في مواجهة الأحزاب
في خضم هذه الأحداث كانت كل من الجماعتين تسعى للتقرّب من الإمامالصادق (ع) والدعوة إليه، كي تضمن بذلك النجاح لدعوتهما هي.
أمّا آل الحسن فلم تكن دعوتهم قد استكملت نضوجها بعد، على النقيض منبني العباس، الذين كانوا أكثر تعطشاً للملك، فقد نجحوا في جمع الأنصار حولهم، وحولدعوتهم، لما كان الناس يعانونه من ظلم بني أمية، ولأنّ الناس كانوا يرون في حركتهمالأمل بالخلاص من هذا الظلم. كما أنّ بني العباس رفعوا شعار الثأر لدماء آل بيتالرسول (ص) وشعار تحرير السجناء من سجون بني أمية، وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
وكان ممّن التحق بحركتهم رجلان من أصحاب النفوذ والقوّة في تلكالأيام، وهما أبو مسلمٍ الخراساني وأبو سلمة الخلاّل، وكانا يدعوان الناس
أمّا آل الحسن فلم تكن دعوتهم قد استكملت نضوجها بعد، على النقيض منبني العباس، الذين كانوا أكثر تعطشاً للملك، فقد نجحوا في جمع الأنصار حولهم، وحولدعوتهم، لما كان الناس يعانونه من ظلم بني أمية، ولأنّ الناس كانوا يرون في حركتهمالأمل بالخلاص من هذا الظلم. كما أنّ بني العباس رفعوا شعار الثأر لدماء آل بيتالرسول (ص) وشعار تحرير السجناء من سجون بني أمية، وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
وكان ممّن التحق بحركتهم رجلان من أصحاب النفوذ والقوّة في تلكالأيام، وهما أبو مسلمٍ الخراساني وأبو سلمة الخلاّل، وكانا يدعوان الناس
إلى مناصرة بني العباس ومحاربة بني أميّة، وكان لهما تأثير كبير فيمجرى الأحداث. لكنّهما سرعان ما اكتشفا أنّ بني العباس لا يختلفون عن بني أميّة فيشيءٍ، وأنّ ادّعاءاتهم بالثأر للشهداء والولاء لآل البيت كانت كاذبةً، تخفي وراءهاأطماعهم.
عند ذاك وجّه أبو مسلم وأبو سلمة كتاباً للإمام الصادق عليه السلام،يعرضان عليه فيه أن يكون قائداً للتحرّك ضد الحكم الأموي، كما يعرضان عليه البيعةبالخلافة. لكنّ الإمام ما إن تسلّم كتابهما حتى أحرقه أمام الحاضرين في مجلسه،وكان تصرّفه هذا أبلغ رد على دعوة الرجلين، لأنّه يعلم حقّ العلم أنّهما يسعيانوراء مصالحهما الشخصيّة، وليس وراء مصالح المسلمين. وكنتيجةٍ لرفض الإمام لعرضهما،فقد التحقا بالسفاح والمنصور العباسيين، على أن يكونا وزيرين لديهما.
وأخيراً وبعد معركة كبيرة هزم فيها مروان بن الحكم آخر الحكّام الأمويين،وتسلّم الحكم أبو العباس السفاح، واسمه يغني عن وصفه. فعيّن أبا سلمة وزيراً له،وكانت نهاية أبي سلمة على يدي
عند ذاك وجّه أبو مسلم وأبو سلمة كتاباً للإمام الصادق عليه السلام،يعرضان عليه فيه أن يكون قائداً للتحرّك ضد الحكم الأموي، كما يعرضان عليه البيعةبالخلافة. لكنّ الإمام ما إن تسلّم كتابهما حتى أحرقه أمام الحاضرين في مجلسه،وكان تصرّفه هذا أبلغ رد على دعوة الرجلين، لأنّه يعلم حقّ العلم أنّهما يسعيانوراء مصالحهما الشخصيّة، وليس وراء مصالح المسلمين. وكنتيجةٍ لرفض الإمام لعرضهما،فقد التحقا بالسفاح والمنصور العباسيين، على أن يكونا وزيرين لديهما.
وأخيراً وبعد معركة كبيرة هزم فيها مروان بن الحكم آخر الحكّام الأمويين،وتسلّم الحكم أبو العباس السفاح، واسمه يغني عن وصفه. فعيّن أبا سلمة وزيراً له،وكانت نهاية أبي سلمة على يدي
رفيقه أبي مسلم فيما بعد.
كان السفاح يدّعي الميل إلى أهل بيت الرسول (ص)، وقد رفع شعار الثّأرلشهداء كربلاء، ولهذا كان مجبراً في أول عهده أن يسلك مسلك المداراة واللّين معالإمام الصادق (ع)، ولكن إلى حين . .
كان السفاح يدّعي الميل إلى أهل بيت الرسول (ص)، وقد رفع شعار الثّأرلشهداء كربلاء، ولهذا كان مجبراً في أول عهده أن يسلك مسلك المداراة واللّين معالإمام الصادق (ع)، ولكن إلى حين . .
«الخمس» عامل استقلال
في تلك الأيام كان الفقهاء والعلماء يتقاضون حقوقهم من الدولة،وكانوا يرافقون الحكّام في تحرّكاتهم إلى المساجد وغيرها، ويحرصون على رضاهموتبرير تصرّفاتهم، أولئك هم وعّاظ السلاطين، وكان الناس يدفعون إلى الدّولة أموالالخمس والزكاة والخراج، فتدفع الدولة حقوق عمّالها وموظّفيها، ومن جملتهم الفقهاءوالعلماء، من هذه الأموال.
أمّا الإمام الصادق وأصحابه، فكانوا بعيدين كلّ البعد عن هذه الزمرمن المنتفعين، لأنّ الإمام كان يعتبر الحاكم مغتصباً للخلافة، وأنّ التّعامل معههو تعامل مع الطّغاة والظالمين. وكان أصحاب الإمام، وخاصّةً البعيدون منهم عنرقابة الحكّام، يؤدّون
أمّا الإمام الصادق وأصحابه، فكانوا بعيدين كلّ البعد عن هذه الزمرمن المنتفعين، لأنّ الإمام كان يعتبر الحاكم مغتصباً للخلافة، وأنّ التّعامل معههو تعامل مع الطّغاة والظالمين. وكان أصحاب الإمام، وخاصّةً البعيدون منهم عنرقابة الحكّام، يؤدّون
الخمس والزكاة إلى الإمام، فينفقها في وجوهها الشرعية، وهكذا حفظالله سبحانه وتعالى آل بيت رسوله من أي ارتباطٍ بأجهزة الحكم الظالم.
أدرك السفّاح العباسي أنّه لا يملك أي سلطةٍ على الإمام الصادق (ع).كما أدرك أنّ حسابات الإمام في تحصيل الحقوق وفي وجوه إنفاقها، تختلف كثيراً عنحسابات الفقهاء والعلماء المرتبطين بأجهزته، فكان يستدعيه أحياناً إلى مقرّه فيالأنبار قرب الكوفة، فيعاتبه حيناً بلهجةٍ لا تخفي مشاعره الحقيقيّة نحوه، أويحاول استمالته أحياناً أخرى، غير أنّه لم يكن يجرؤ على إيذائه علناً، لأن هذايتناقض مع ادّعائه الولاء لآل بيت الرسول (ص) .
وفي سنة 136 للهجرة هلك السّفّاح، وحلّ محلّه أخوه المنصور.
أدرك السفّاح العباسي أنّه لا يملك أي سلطةٍ على الإمام الصادق (ع).كما أدرك أنّ حسابات الإمام في تحصيل الحقوق وفي وجوه إنفاقها، تختلف كثيراً عنحسابات الفقهاء والعلماء المرتبطين بأجهزته، فكان يستدعيه أحياناً إلى مقرّه فيالأنبار قرب الكوفة، فيعاتبه حيناً بلهجةٍ لا تخفي مشاعره الحقيقيّة نحوه، أويحاول استمالته أحياناً أخرى، غير أنّه لم يكن يجرؤ على إيذائه علناً، لأن هذايتناقض مع ادّعائه الولاء لآل بيت الرسول (ص) .
وفي سنة 136 للهجرة هلك السّفّاح، وحلّ محلّه أخوه المنصور.
الإمام (عليه السلام) بمواجهه المنصور
كان المنصور يتمتّع بسمعةٍ طيّبةٍ بين الناس، الذين خدعتهم المظاهر،وكيف لا يكون كذلك؟ ألم يقاتل
طغاة بني أميّة سنواتٍ عديدة؟ ألم يقدّم مساعداتٍ جمّةً للسجناءالعلويّين؟ ألم يتحدث كثيراً عن شهداء كربلاء؟ نعم، لقد تظاهر بكلّ هذا وبهذهالخلفيّة تربّع المنصور على كرسي الحكم.
أمّا الإمام الصادق عليه السلام، فقد كان يعرف المنصور حقّ المعرفة،فلكم حضر هذا مجالسه، وبادله الأحاديث، وسأله عن مسائل كثيرة . أجل، كان يعرفهتمام المعرفة، وكان يدعوه بـ « جبّار بني العبّاس ».
كان سلوك المنصور نحو الإمام يتّسم في البداية بالاحترام الشديد،فكان يدعوه إليه ويجلسه إلى جانبه، ويأمر أولاده بالجلوس إليه، والتزوّد من علومهوإرشاداته. وكان يرمي من وراء هذا التصرّف إلى احتواء الإمام واستمالته إليه،فيجعله كباقي فقهاء العامّة، أداة في يده، وستاراً يخفي وراءه أطماعه وسوء مقاصده،لكنّ الإمام خيّب آماله وسفّه أحلامه، فلم يستجب إلى محاولاته، ولم يقع في شراكفخاخه، بل على النّقيض من ذلك، كانت آراؤه وتعليماته في هذا الصدد واضحةً، يعرفهاكافّة أصحابه عليه السلام، وهي أنّ المنصور وأمثاله من الحكّام،
أمّا الإمام الصادق عليه السلام، فقد كان يعرف المنصور حقّ المعرفة،فلكم حضر هذا مجالسه، وبادله الأحاديث، وسأله عن مسائل كثيرة . أجل، كان يعرفهتمام المعرفة، وكان يدعوه بـ « جبّار بني العبّاس ».
كان سلوك المنصور نحو الإمام يتّسم في البداية بالاحترام الشديد،فكان يدعوه إليه ويجلسه إلى جانبه، ويأمر أولاده بالجلوس إليه، والتزوّد من علومهوإرشاداته. وكان يرمي من وراء هذا التصرّف إلى احتواء الإمام واستمالته إليه،فيجعله كباقي فقهاء العامّة، أداة في يده، وستاراً يخفي وراءه أطماعه وسوء مقاصده،لكنّ الإمام خيّب آماله وسفّه أحلامه، فلم يستجب إلى محاولاته، ولم يقع في شراكفخاخه، بل على النّقيض من ذلك، كانت آراؤه وتعليماته في هذا الصدد واضحةً، يعرفهاكافّة أصحابه عليه السلام، وهي أنّ المنصور وأمثاله من الحكّام،
طغاة مغتصبون للخلافة وأنّ التّعاملمعهم حرام ومجلبة لغضب اللهتعالى.
ومن جهةٍ أخرى فقد أوصى الصادق (ع) أصحابه وتلاميذه بالحذر الشديد.وأن يتجنّبوا الفقهاء الذين يعملون لحساب السلطة، وأن يمتنعوا عن مراجعتهم؛ كماحذّرهم من الجهر أمامهم بالخصام دفعاً لشرّهم، وكانت وصيّته الدّائمة « كونوا لنادعاةً صاميتين ».
وحين لم يجد المنصور سبيلاً إلى أصحاب الإمام (ع)، بدأ العمل علىمضايقتهم وتشتيت جموعهم، وحال دون حضورهم مجالس الإمام (ع)، وكان من ناحيةٍ أخرى،يكثر من استدعاء الإمام إليه بين وقتٍ وآخر، فيعاتبه على مواقفه منه حيناً أويحذّره حيناً آخر. وهو في قرارة نفسه يتمنى لو يقتله بيديه، لكنّه أمام عجزه حيالالإمام كان ينفث أحقاده في أصحابه، فيعتقل المعروفين منهم ويستجوبهم ليبوحوابأسماء الآخرين، ونتيجةً لذلك فقد تمّ اعتقال الكثيرين من آل علي عليه السلام،وكان بعد تعذيبهم يأمر بقتلهم سراً ودفن جثثهم في الأنبار، غير أنّ همّه الكبيركان أن يتخلّص من الإمام الصادق نفسه، لكنّ
ومن جهةٍ أخرى فقد أوصى الصادق (ع) أصحابه وتلاميذه بالحذر الشديد.وأن يتجنّبوا الفقهاء الذين يعملون لحساب السلطة، وأن يمتنعوا عن مراجعتهم؛ كماحذّرهم من الجهر أمامهم بالخصام دفعاً لشرّهم، وكانت وصيّته الدّائمة « كونوا لنادعاةً صاميتين ».
وحين لم يجد المنصور سبيلاً إلى أصحاب الإمام (ع)، بدأ العمل علىمضايقتهم وتشتيت جموعهم، وحال دون حضورهم مجالس الإمام (ع)، وكان من ناحيةٍ أخرى،يكثر من استدعاء الإمام إليه بين وقتٍ وآخر، فيعاتبه على مواقفه منه حيناً أويحذّره حيناً آخر. وهو في قرارة نفسه يتمنى لو يقتله بيديه، لكنّه أمام عجزه حيالالإمام كان ينفث أحقاده في أصحابه، فيعتقل المعروفين منهم ويستجوبهم ليبوحوابأسماء الآخرين، ونتيجةً لذلك فقد تمّ اعتقال الكثيرين من آل علي عليه السلام،وكان بعد تعذيبهم يأمر بقتلهم سراً ودفن جثثهم في الأنبار، غير أنّ همّه الكبيركان أن يتخلّص من الإمام الصادق نفسه، لكنّ
العناية الإلهية كانت تتدخّل فتفسد عليه ما يبيّته من مكرٍ.
يروى أنّ المنصور عزم يوماً على قتل الإمام، فأمر بإحضاره إليهليلاً، وكان يقول: قتلني الله إن لم أقتله ولمّا أدخل إلى مجلسه سلّم عليه فلميردّ السلام، ورفع رأسه وهو يتميّز من الغيظ وقال: يا جعفر، أنت الذي تؤلّب عليّالناس وتحرّضهم على الثورة؟ لكنّ الإمام، وبهدوءٍ شديدٍ، أنكر عليه ادّعاءه، وأثبتله أنّ ما وصله عنه من أقاويل مصدره خصوم آل البيت، وبعد أخذٍ وردٍ سكن المنصوروقال: أظنّك صادقاً ثمّ أمر بإعادته إلى بيته معزّزاً مكرّماً، ويقال إنّ المنصوراستدعاه على هذا الشكل نحواً من ثماني مرّاتٍ، وهو حاقد عليه يريد قتله، ثمّيتراجع بعد رؤيته، ويجد نفسه مضطرّاً لإكرامه وتعظيمه.
ولم يكن مبعث هذا التراجع إحساساً مفاجئاً بالرحمة، فالرحمة لا سبيللها إلى قلب المنصور، ألم يمزّق بسيفه وبيديه جسد وزيره أبي مسلم قطعةً قطعةً، وفيهذا المجلس بالذّات؟ ألم يسفك دم المئات من المؤمنين الطاهرين؟ لا، بل إنّه الخوف،
يروى أنّ المنصور عزم يوماً على قتل الإمام، فأمر بإحضاره إليهليلاً، وكان يقول: قتلني الله إن لم أقتله ولمّا أدخل إلى مجلسه سلّم عليه فلميردّ السلام، ورفع رأسه وهو يتميّز من الغيظ وقال: يا جعفر، أنت الذي تؤلّب عليّالناس وتحرّضهم على الثورة؟ لكنّ الإمام، وبهدوءٍ شديدٍ، أنكر عليه ادّعاءه، وأثبتله أنّ ما وصله عنه من أقاويل مصدره خصوم آل البيت، وبعد أخذٍ وردٍ سكن المنصوروقال: أظنّك صادقاً ثمّ أمر بإعادته إلى بيته معزّزاً مكرّماً، ويقال إنّ المنصوراستدعاه على هذا الشكل نحواً من ثماني مرّاتٍ، وهو حاقد عليه يريد قتله، ثمّيتراجع بعد رؤيته، ويجد نفسه مضطرّاً لإكرامه وتعظيمه.
ولم يكن مبعث هذا التراجع إحساساً مفاجئاً بالرحمة، فالرحمة لا سبيللها إلى قلب المنصور، ألم يمزّق بسيفه وبيديه جسد وزيره أبي مسلم قطعةً قطعةً، وفيهذا المجلس بالذّات؟ ألم يسفك دم المئات من المؤمنين الطاهرين؟ لا، بل إنّه الخوف،
أجل. كان المنصور الرّهيب يحسّ بالخوف حين يرى الإمام عليه السلام،ولا يملك نفسه أمام هدوء الإمام ووقاره، من الإحساس بالاحترام لهذا الرجل الكبير.
فيبرّر تراجعه بأنّ الوشاة أخطأوا بحقّ الإمام هذه المرّة أيضاً،ويقول: أظنّك صادقاً
ويروى عن المنصور قوله: كنت كلّما هممت بقتله، تراءى لي وجه رسولالله، فيغمزني الخوف، وتعجز يدي عن الحركة.
فيبرّر تراجعه بأنّ الوشاة أخطأوا بحقّ الإمام هذه المرّة أيضاً،ويقول: أظنّك صادقاً
ويروى عن المنصور قوله: كنت كلّما هممت بقتله، تراءى لي وجه رسولالله، فيغمزني الخوف، وتعجز يدي عن الحركة.
انتشار مدارس الإمام (عليه السلام)
تابع الإمام الصّادق دروسه في كلّ محيط، وكثر عدد تلاميذه الذينكانوا ينتشرون في كلّ اتّجاه، وينشرون تعاليمه بين الناس، وقد توزّعوا إلى فئاتٍمتعدّدةٍ، تقوم كلّ منها بنشاط معيّن؛ فمنهم من كان يجلس في المساجد ويعلّم الناسأحكام الفقه، ومسائل الأصول، وأحكام الحلال والحرام، وبعضهم كان يعلّم التفسير،ويقوم بالرّدّ على ما يطرحه الناس من أسئلةٍ أو إشكالات، والبعض الآخر يتصدّىللمنحرفين وما ينشرونه من مفاهيم خاطئةٍ، وآخرون
يطلعون الناس على حقائق الكون ومعرفة الخالق سبحانه، وأمور الخيروالشرّ، والتوحيد والمعاد، والإمامة والقيادة، وكان دعاة الإمام يتجوّلون بصفةتجّار تضليلاً لجواسيس الطّاغية.
كما أنّ المنصور بدوره لم يكن ليقعد ساكناً، فكان يواجه مدارس الإمام(ع) بالمعارضة والشدّة، كلّما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وكان يرسل أشخاصاً لحضوردروس الإمام، ثم ينطلقون فينشرون الرّوايات الكاذبة والأحاديث المزوّرة عن لسانه،كما كان عملاؤه يروون أحاديث المديح بحقّ الحكّام من بني العباس، ويدعون إلىطاعتهم، إضافةً إلى ذلك فقد خصّص المنصور العديد من الفقهاء، فرتّب لهم الأعطيات،وكلّفهم بإنشاء المدارس التي تعارض مدارس الإمام، فتبثّ بين الناس مفاهيم مغلوطةً،وأحاديث مزوّرة، وقد ساعد هذا العمل على ظهور العديد من المذاهب الكبيرة فيالإسلام. ولا يمكن منطقيّاً للفقهاء والعلماء الذين يتقاضون رواتبهم من السلطةإلاّ أن يعملوا وفق مصلحة هذه السلطة، وكانت مصلحتها تكمن في التّصدّي لمذهبالإمام
كما أنّ المنصور بدوره لم يكن ليقعد ساكناً، فكان يواجه مدارس الإمام(ع) بالمعارضة والشدّة، كلّما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وكان يرسل أشخاصاً لحضوردروس الإمام، ثم ينطلقون فينشرون الرّوايات الكاذبة والأحاديث المزوّرة عن لسانه،كما كان عملاؤه يروون أحاديث المديح بحقّ الحكّام من بني العباس، ويدعون إلىطاعتهم، إضافةً إلى ذلك فقد خصّص المنصور العديد من الفقهاء، فرتّب لهم الأعطيات،وكلّفهم بإنشاء المدارس التي تعارض مدارس الإمام، فتبثّ بين الناس مفاهيم مغلوطةً،وأحاديث مزوّرة، وقد ساعد هذا العمل على ظهور العديد من المذاهب الكبيرة فيالإسلام. ولا يمكن منطقيّاً للفقهاء والعلماء الذين يتقاضون رواتبهم من السلطةإلاّ أن يعملوا وفق مصلحة هذه السلطة، وكانت مصلحتها تكمن في التّصدّي لمذهبالإمام
الصادق (ع) وتسفيه أحكامه، مع أنّه هو مذهب آل بيت الرسول، نقلوه عنرسول الله (ص) مباشرةً؛ ولكن هيهات؛ فنور الشمس لا يمكن حجبه بإصبعٍ أو أصابع.
وممّا يذكر في هذا المقام، أنّ الإمام عليه السلام. تصدّى بنفسه لكلّهذه الانحرافات، وعقد لهذا الأمر مجالس ومناظرات كثيرةً، فناظر فريقاً من العلماءوالمتكلّمين، كما ناظر الزّنادقة والملحدين، بأسلوب هادىءٍ رصينٍ، مدعوم بالحججوالبراهين، التي لم تدع لمناظريه مخرجاً إلا التسليم بصواب رأيه.
استطاع تلاميذ الإمام الصادق عليه السلام أن يجمعوا ما يقرب منأربعمئة كتاب، كبيرٍ وصغير، ضمّنوها أقوال الإمام بعد أن سمعوها منه، وحفظوها فيتلك الكتب بكل دقّة. وقام بعد ذلك عدد من علماء الشيعة الكبار، فجمعوا زبدة تلكالكتب الأربعمئة، واستخلصوا منها أربعة كتب كبيرة، هي الكتب الأربعة الشهيرة، التيتشمل أكثر الروايات في الفقه والأحكام عن الإمام جعفر الصادق (ع)،
وممّا يذكر في هذا المقام، أنّ الإمام عليه السلام. تصدّى بنفسه لكلّهذه الانحرافات، وعقد لهذا الأمر مجالس ومناظرات كثيرةً، فناظر فريقاً من العلماءوالمتكلّمين، كما ناظر الزّنادقة والملحدين، بأسلوب هادىءٍ رصينٍ، مدعوم بالحججوالبراهين، التي لم تدع لمناظريه مخرجاً إلا التسليم بصواب رأيه.
استطاع تلاميذ الإمام الصادق عليه السلام أن يجمعوا ما يقرب منأربعمئة كتاب، كبيرٍ وصغير، ضمّنوها أقوال الإمام بعد أن سمعوها منه، وحفظوها فيتلك الكتب بكل دقّة. وقام بعد ذلك عدد من علماء الشيعة الكبار، فجمعوا زبدة تلكالكتب الأربعمئة، واستخلصوا منها أربعة كتب كبيرة، هي الكتب الأربعة الشهيرة، التيتشمل أكثر الروايات في الفقه والأحكام عن الإمام جعفر الصادق (ع)،
بالإضافة إلى كتب غيرها في علم طبقات الأرض، وعلوم النّبات والكيمياءوالجغرافية، وعلومٍ أخرى، وقد تمّ جمعها بواسطة تلاميذ الإمام الصادق (ع)، ولايزال قسم منها باقياً حتى اليوم.
استشهاد الإمام (عليه السلام)
قيل للمنصور في أحد الأيام، وكان قد أتمّ القضاء على الكثيرين من آلعلي (ع): الشّكر لله يا أميرالمؤمنين، فقد تخلّصت أخيراً من كلّ خصومك . . قالالمنصور: لا، فالأمر ليس كذلك؛ فأنا لن أحسّ بالرّاحة طالما كان جعفر بن محمدٍ علىقيد الحياة . .
لم يمض على هذا الحديث وقت طويل، حين أعلن أنّ الإمام الصادق عليهالسلام، قد توفّي في المدينة مسموماً. وكان في الخامسة والسّتين من عمره الشّريف.
ولمّا وصل خبر استشهاد الإمام إلى المنصور، بدأت دموع التّماسيحتنهمر على وجهه وهو يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. ثمّ سارع فكتب إلى واليهعلى
لم يمض على هذا الحديث وقت طويل، حين أعلن أنّ الإمام الصادق عليهالسلام، قد توفّي في المدينة مسموماً. وكان في الخامسة والسّتين من عمره الشّريف.
ولمّا وصل خبر استشهاد الإمام إلى المنصور، بدأت دموع التّماسيحتنهمر على وجهه وهو يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. ثمّ سارع فكتب إلى واليهعلى
المدينة، محمد بن سليمان، كتاباً جاء فيه: إن كان جعفر بن محمد قدأوصى إلى رجل بعينه، فقدّمه واضرب عنقه. يريد بذلك أن يتخلّص من وصيّ الإمام عليهالسلام. لكنّ الإمام كان أقدر منه على ترتيب الأمور، وأصوب إلهاماً وتفكيراً. فقدنصّ عليه السلام على إمامة ولده موسى بن جعفر من بعده، أمام عددٍ من أصحابهالمخلصين، ثمّ عمد إلى كتابة وصيّة، هي التي وقعت في يد عامل المنصور على المدينةفيما بعد، وجاء فيها أنّه أوصى إلى خمسةٍ وهم: أبوجعفر المنصور، ومحمد بن سليمانوالي المدينة، وعبد الله الأفطح، ابن جعفر، وموسى بن جعفر، وحميدة زوجته.
حار الوالي في أمره، فكتب إلى المنصور يعلمه بفحوى الوصيّة، وحين عرفالمنصور جليّة الأمر أسقط في يده وقال: ليس إلى قتل هؤلاء من سبيل وهكذا فوّتالإمام بحسن تقديره وثاقب تفكيره على المنصور فرصة البطش بالإمام من بعده.
كانت وفاته رحمه الله سنة 148 للهجرة، ودفن بالبقيع إلى جانب أبيهوجدّه، وجدّته الزهراء، وعمّه
حار الوالي في أمره، فكتب إلى المنصور يعلمه بفحوى الوصيّة، وحين عرفالمنصور جليّة الأمر أسقط في يده وقال: ليس إلى قتل هؤلاء من سبيل وهكذا فوّتالإمام بحسن تقديره وثاقب تفكيره على المنصور فرصة البطش بالإمام من بعده.
كانت وفاته رحمه الله سنة 148 للهجرة، ودفن بالبقيع إلى جانب أبيهوجدّه، وجدّته الزهراء، وعمّه
الحسن رضوان الله وسلامه عليهم. وكانت حياته الشريفة حافلة بالأحداثالجسام، في فترةٍ حسّاسةٍ من التاريخ الإسلامي، وعهد يشكل منعطفاً هامّاً في مسيرةالحياة الإسلامية، طبعه عليه السلام بطابعه الشريف، حتى سمّي بحقٍّ « عصر الإمامالصادق »، كان عصراً اختلطت فيه المفاهيم، وتضاربت الآراء والمذاهب، يأخذ بعضها -على كثرتها - برقاب بعض، واحتاج الأمر إلى فيصل صدقٍ يميز خبيثها من طيّبها، فكانالإمام الصادق عليه السلام خير فيصل لهذا الأمر. ولا تزال تعاليمه ومواقفه إلىاليوم فيصل صدقٍ بين الحقّ والباطل. ولا تزال كلماته وحكمه مناراً يهدي إلى سواءالسّبيل.