هل يدل ظاهر هذه الآية على عدم عصمة النبي داود؟
قال تعالى: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ)[ص : 24]
فظاهر هذه الآية يدلّ على عدم العصمة، و أمَّا حقيقتها فقد بينها الإمام الرضا(عليه السلام) فقال:Sإن داود(عليه السلام) إنما ظن أنه ما خلق الله عز وجل خلقا هو أعلم منه، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب فقالا له: (خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)[ص : 22 ، 23]
فَعَجَّل داود(عليه السلام) على المدَّعَى عليه فقال: (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ)[ص : 24]، ولم يسأل المدَّعِي البينة على ذلك ولم يقبل على المدَّعَى عليه، فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئته... ألا تسمع الله تعالى يقول: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ...)[ص : 26] إلى آخر الايةR[1].
ولمزيد مِن الايضاح يُقال: إنَّ القرآن الكريم لم يُفصّل الحديث بشأن مسألة الاستغفار إلاّ أنّ الدلائل الموجودة في هذه الآيات والروايات الإسلامية الواردة بشأن تفسيرها تقول: إنّ داود كان ذا علم واسع وذا مهارة فائقة في أمر القضاء، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يمتحنه، فلذا أوجد له مثل تلك الظروف غير الإعتيادية، كدخول الشخصين عليه مِن طريق غير إعتيادي وغير مألوف، إذ تسوّرا جدران محرابه، وإبتلائه بالإستعجال في إصدار الحكم قبل الإستماع إلى أقوال الطرف الثاني، رغم أنّ حكمه كان عادلا، ورغم أنّه إنتبه بسرعة إلى زلّته، وأصلحها قبل مضيّ الوقت، ولكن مهما كان فإنّ العمل الذي قام به لا يليق بمقام النبوّة الرفيع، ولهذا فإنّ إستغفاره إنّما جاء لتركه العمل بالأولى، أي ترك عملاً مستحبًّايتعلق بأدب القضاء، وإنّ الله شمله بعفوه ومغفرته. والَّذي يدلّ على هذا التّفسير هو الآية الَّتي تأتي مباشرةً بعد تلك الآيات، والَّتي تخاطب داود(عليه السلام) ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله)وهذه الآية تبيّن أنّ زلّة داود كانت في كيفية قضائه وحكمه، وبهذا الشكل فإنّ الآيات المذكورة أعلاه لا تذكر شيئاً يقلّل مِن شأن ومقام هذا النّبي الكبير[2].
[1] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل لمكارم الشيرازي: 11/384.
[2]ينظر: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل لمكارم الشيرازي سورة ص/الآيات من21- 26.
قال تعالى: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ)[ص : 24]
فظاهر هذه الآية يدلّ على عدم العصمة، و أمَّا حقيقتها فقد بينها الإمام الرضا(عليه السلام) فقال:Sإن داود(عليه السلام) إنما ظن أنه ما خلق الله عز وجل خلقا هو أعلم منه، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب فقالا له: (خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)[ص : 22 ، 23]
فَعَجَّل داود(عليه السلام) على المدَّعَى عليه فقال: (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ)[ص : 24]، ولم يسأل المدَّعِي البينة على ذلك ولم يقبل على المدَّعَى عليه، فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئته... ألا تسمع الله تعالى يقول: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ...)[ص : 26] إلى آخر الايةR[1].
ولمزيد مِن الايضاح يُقال: إنَّ القرآن الكريم لم يُفصّل الحديث بشأن مسألة الاستغفار إلاّ أنّ الدلائل الموجودة في هذه الآيات والروايات الإسلامية الواردة بشأن تفسيرها تقول: إنّ داود كان ذا علم واسع وذا مهارة فائقة في أمر القضاء، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يمتحنه، فلذا أوجد له مثل تلك الظروف غير الإعتيادية، كدخول الشخصين عليه مِن طريق غير إعتيادي وغير مألوف، إذ تسوّرا جدران محرابه، وإبتلائه بالإستعجال في إصدار الحكم قبل الإستماع إلى أقوال الطرف الثاني، رغم أنّ حكمه كان عادلا، ورغم أنّه إنتبه بسرعة إلى زلّته، وأصلحها قبل مضيّ الوقت، ولكن مهما كان فإنّ العمل الذي قام به لا يليق بمقام النبوّة الرفيع، ولهذا فإنّ إستغفاره إنّما جاء لتركه العمل بالأولى، أي ترك عملاً مستحبًّايتعلق بأدب القضاء، وإنّ الله شمله بعفوه ومغفرته. والَّذي يدلّ على هذا التّفسير هو الآية الَّتي تأتي مباشرةً بعد تلك الآيات، والَّتي تخاطب داود(عليه السلام) ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله)وهذه الآية تبيّن أنّ زلّة داود كانت في كيفية قضائه وحكمه، وبهذا الشكل فإنّ الآيات المذكورة أعلاه لا تذكر شيئاً يقلّل مِن شأن ومقام هذا النّبي الكبير[2].
[1] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل لمكارم الشيرازي: 11/384.
[2]ينظر: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل لمكارم الشيرازي سورة ص/الآيات من21- 26.
تعليق