بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
هنا بحث هامّ فيما يتعلق بالصلاة وسرّ الصلاة، ومجموعة الأبحاث متركزة على بيان هذا السرّ.{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
فما المراد بالصلاة التي تارةً تكون عن الله، واُخرى تكون عن الملائكة، وثالثة تكون عن المؤمنين؟
هناك روايات كثيرة ومستفيضة وردت بهذه المضامين تؤكّد وتحثّ بما لا يمكن أن تسعه طامحات العقول في بيان هذا السرّ المجهول الذي أكّدت عليه الروايات المتضافرة وبيّنت الأخبار أمره هنا وهناك، فمن أجل أن نتعرف على حقيقة سرّ الصلاة، ومن ألأن نصل إلى عمق المراد، فلابد من كشف النّقاب عن هذه الحقيقة بما يسع من بيانات، وإن لم يتعرض كما أخال وأعتقد من ذي قبل إلى هذا السرّ الملكوتي بشكله الوسيع الذي لابدّ أن يكشف حتّى يتعرف النّاس على هذه الحقيقة.
فطالما نباشر الصلوات في صباحنا ومسائنا وفي أدعيتنا وزياراتنا، حتّى أنه أتفق جميع المسلمين على وجوب الصّلاة في التّشهد في الصّلوات المفترضات، وكذلك أوجبوها في مقامات اُخرى، كلّ ذلك إنما يشير إلى أمر هامّ نباشره في سائر الليالي والأيام، فما من دعاء أو زيارة إلاّ ويسبق بذكر النبيّ وآله بالصلاة المخصوصة.
فما المراد هنا من الصلاة على النبيّ؟
وما المراد من الصلاة على آل النبيّ؟
هل المراد بها الدعاء؟
وهل المراد بها التزكية؟
أو المراد بها الرحمة؟
كل ذلك معانٍ مطروحة في الأخبار، ولكننا إذا تأملنا لا يمكن حمل هذه المعاني الظاهرة على المراد إطلاقاً.
إنّ هناك أبحاثاً هامّة في أنّ للصلاة كيفيةً عرضها المفسرون، وقد أفردت رسائل في هذا المضمار، وهناك رسالة صدرت في مكّة حول الصلاة، وقد أفرد هذا البحاث فيما يتعلق بالصلوات بحثاً مستقلاً في كتب المسانيد والصحاح والتي يتعرّض لها في صحيح مسلم ووصحيح البخاري وابن ماجة وغيرهم ممّن صرح بكيفية الصلاة في هذه الآية، فقد رووا أنّه لمّا أمر الله سبحانه المؤمنين بأن يصلوا على النبيّ قالوا: عرفنا التسليم عليك، أما الصلاة، كيف نصلّي عليك يا رسول الله؟
يقول الرازي وجملة من المفسرين: لمّا عرضوا هذا التساؤل على النبيّ صلّى الله عليه وآله فأجابهم أن يقولوا: «اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد»
إذاً كلّ الروايات متّفقة على هذه الكيفية، وإن كان هناك تخلّف في مجال التطبيق حتّى أنّك تجد العنوان في صحيح البخاري في الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله بدون الصلاة على الآل، ثمّ ينقل روايات وجوب الصلاة على النبيّ وآله وهكذا في بقية المسانيد؟!
والله ولي التوفيق
تعليق