بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
اللهم صل على محمد وال محمد
ما الرأي في إنسان عينته هيئة أو مؤسسة لأداء وظيفة محددة، يتقاضى منها راتبه، ويكون مسئولاً عنها، ولكنه لم يؤد حق الوظيفة عليه، فتخلف عن العمل أياما كاملة أو ساعات من أيام، وهو قادر مختار ليس بمريض ولا مقهور؟قد يختلف أعضاء لجنة الرأي في مثل هذا الموظف: فيرى بعضهم أنه أخل بالتزاماته الجوهرية نحو عمله، فلا عقوبة له إلا فصله وحرمانه من الوظيفة، ويرى آخرون أن يجازى بعقوبة أخرى غير الفصل مادام غير مستخف بالعمل ولا مستهزئ به.وهذا المثل يوضح لنا موقف علماء الإسلام في المسلم الذي ترك العبادات عمداً وبخاصة الصلوات المفروضة اليومية.فيرى بعضهم أن الوظيفة الأولى للمسلم، بل للإنسان في الحياة، هي عبادة الله وحده، وتركها يعد إخلالاً بعمل المسلم الجوهري، فلهذا لا يستحق هذا اسم الإسلام، ولا الانضواء تحت لوائه. ويؤيد هذا الرأي ما جاء في الحديث: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) ويرى آخرون أنه إذا لم يكن منكراً ولا مستخفاً بفرائض الإسلام، وكان مقراً بتقصيره، نادماً عليه، تواقاً إلى التوبة، فهذا يظل في زمرة المسلمين محكوماً له بالإسلام.ذلك أن تارك الصلاة أحد رجلين:إما أن يتركها إنكاراً لوجوبها، أو استخفافا بها، واستهزاء بحرمتها فهذا كافر مرتد بإجماع المسلمين؛ لأن وجوب الصلاة ومنزلتها في الإسلام معلوم من هذا الدين بالضرورة، فكل منكر لها، أو مستخف بها يكون مكذبا لله ولرسوله، وليس في قلبه من الإيمان حبة خردل. وهو مثل الكفار الذين وصفهم الله بقوله: (وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) المائدة:58.ومن هنا نعرف منزلة الذين يعتبرون الصلاة والعبادة من مظاهر التأخر والرجعية، ويسخرون من الذين يقيمون الصلاة.وإما أن يتركها كسلا، وانشغالا بالدنيا، واتباعا للهوى، ووسوسة الشيطان فهذا قد اختلف فيه العلماء: هل هو كافر أم فاسق؟ وإذا كان فاسقا فهل يستحق القتل أم يكفي التعزير؟فالقرآن يجعل ترك الصلاة من خصائص الكفار (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) المرسلات:48.وقال في وصفهم يوم القيامة(يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون) القلم:43.ولا يستحق عصمة الدم وأخوة المسلمين في نظر القرآن إلا من تاب من الشرك وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، قال - تعالى - في شأن المشركين المقاتلين: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) التوبة:5.وقال بعد ذلك: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)التوبة:11.ويحدثنا القرآن عن صورة من صور الآخرة. حيث الكفرة المجرمون في نار سقر، والمؤمنون من أصحاب اليمين يسألونهم: (ما سلككم في سقر؟) أي ما الذي أدخلكم هذه النار؟ (قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين) المدثر:42. فكان أول مظهر من مظاهر كفرهم وإجرامهم أنهم لم يكونوا من المصلين.وإذا رجعنا إلى السنة وجدنا الأحاديث النبوية تؤكد كفر تارك الصلاة.فعن جابر أن النبي - صلى الله عليه واله - قال: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) وعن بريدة أن النبي - صلى الله عليه واله - قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) النبي - صلى الله عليه واله - قال له: (لا تترك الصلاة متعمداً فإن من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله)وأخبر القرآن عن المنافقين أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، فكيف بمن لا ينهض إلى الصلاة أبداً، لا نشيطاً ولا كسلان؟هذه هي نصوص القرآن والسنة في شأن تارك الصلاة
فعن الامام علي -عليه السلام - قال( من لم يصل فهو كافر).
هذا هو تارك الصلاة. فإما أنه كافر إذا تركها منكراً لها أو مستخفاً بوجوبها. وإذا لم يكن منكراً ولا مستخفاً فهو بين أن يكون كافرا مرتدا كما هو ظاهر الأحاديث، فأخف الآراء فيه أنه فاسق يخشى عليه الكفر. فمما لا ريب فيه أن الذنوب يجر بعضها إلى بعض، فالصغائر تجر إلى الكبائر، والكبائر تجر إلى الكفر.ولهذا يجب على كل من ينتسب إلى الإسلام أن يراجع نفسه، ويتوب إلى ربه، ويصحح دينه، ويصمم على إقامة الصلاة.كما يجب على المتدينين أن يقاطعوا كل تارك للصلاة، مصر على تركها، بعد أن يسدوا إليه النصيحة، ويأمروه بالمعروف، وينهوه عن المنكر.وكذلك لا يجوز للأب أن يزوج ابنته من تارك للصلاة؛ لأنه في الحقيقة ليس بمسلم وليس أهلا لها. ولا أميناً عليها، ولا على أولادها.ولا يجوز لصاحب المؤسسة أن يوظف تارك الصلاة لأنه يعينه برزق الله على معصية الله، ومن ضيع حق الله الذي خلقه وسواه فهو لحقوق عباده أكثر تضييعا وإهمالا.ومن هنا تتضح مسئولية المجتمع عن هذه الفريضة التي هي عماد الدين، والتي لم يجعل الله لأحد عذراً في تركها، إلا أن يكون مريضاً مرضاً أفقده وعيه بحيث لا يفهم الخطاب وما دون ذلك من الأمراض لا تسقط به الصلاة ولو كان قعيدا، أو مشلولا، أو مثخنا بالجراح.فالشارع المقدس يقول للمريض: تطهر كيف استطعت، وصل كيف استطعت ولا تترك الصلاة، تطهر بالماء فإن لم تجد فتيمم صعيدا طيبا. صل قائما فإن لم تستطع فصل قاعدا فإن لم تستطع فصل مضطجعاً على جنبك، أو مستلقياً على ظهرك، مشيراً برأسك، أو مومئا كما قال - تعالى -: (فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن:16.المجتمع مسئول إذاً عن إقامة هذه الفريضة، وبخاصة كل ذي سلطان في سلطانه: كالأب مع أولاده الصغار، والزوج مع زوجته قال - تعالى -: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) طه:132 وقال -صلى الله عليه واله -: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر) وقال - تعالى -: (يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) التحريم:6.فإذا كان الزوج حريصاً على زوجته، محباً لها، وإذا كان الأب حريصاً على أولاده، محباً لهم، فليحمهم من النار، وليأمرهم بطاعة الله - تعالى - وأولها الصلاة.
ونسأل الله ان يمن علينا بالتوفيق لطاعته ولزوم اوامره ويجعلنا من احسن عبيده نصيبا عنده ببركة الصلاة على محمد وال محمد
تعليق