إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شرح جملة : ( فاعل لا بمعنى الحركات والآلة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شرح جملة : ( فاعل لا بمعنى الحركات والآلة )

    ( فاعل لا بمعنى الحركات والآلة )
    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذه المقطوعة جائت في الخطبة الاولى التي بينت في صدرها جملة من صفات الله تعالى ، فكان من ضمن ما جاء فيها من وصف الله تعالى هو هذا المقطع :
    ( فاعل لا بمعنى الحركات والآلة )
    وبيانها يقع في مقامين :
    المقام الاول : في شرح مفرداتها .
    المقام الثاني : في بيان مضمونها واثباته بالبرهان .
    *** *** ***
    اما المقام الاول : فقد تضمن هذا المقطع على مفردات ثلاث هي :
    1ـ فاعل .
    2ـ الحركات .
    3ـ الآلة .
    بيان المفردة الاولى : ( الفاعل )
    لكلمة الفاعل معنى لغوي ، واصطلاحي نحوي واصطلاحي فلسفي ، والتعرض لشرح ذلك وان كان ليس له تلك الاهمية ولكنا سنشرحها ليكون القارئ على بينة من امره فنقول :
    اما المعنى اللغوي فهو المعنى المعروف للفاعل الذي يتبادر الى الذهن حين سماع مفدرة فاعل وهو الذي يقوم ويصدر منه فعل ، بواسطة ما كما لو أكل الانسان بواسطة يده مثلا . واما المعنى النحوي فهو ما عرفه ابن هشام في قطر الندى وبل الصدى ص 177بقوله " اسم صريح او مؤول به اسند اليه فعل او مؤول به مقدم عليه بالاصالة واقعا منه او قائما به مثال ذلك زيد من قولك ضرب زيد عمرا وعلم زيد " إهـ واما الاصطلاح الفلسفي للفاعل فهو على ستة اقسام :
    1ـ الفاعل الطبيعي
    2ـ الفاعل بالقسر
    3ـ الفاعل بالجبر
    4ـ الفاعل بالقصد
    5ـ الفاعل بالعناية
    6ـ الفاعل الذي يكون علمه سببا لوجود فعله .
    يقول صدر المتألهين الشيرازي في معرض بيانه للأقسام الستة للفاعل في الأسفار الأربعة، ج 2، صفحة220 وما بعدها :
    (أصناف الفاعل ستة
    الأول ما بالطبيعة و هو الذي يصدر عنه فعل بلا علم منه و لا اختيار و يكون فعله ملائما لطبيعته



    و الثاني ما بالقسر و هو الذي يصدر عنه فعل بلا علم منه به و لا اختيار و يكون فعله على خلاف مقتضى طبيعته.





    و الثالث ما بالجبر و هو الذي يصدر عنه فعله بلا اختيار بعد أن يكون من شأنه اختيار ذلك الفعل و عدمه و هذه الأقسام الثلاثة مشتركة في كونها غير مختارة في فعلها و في أن فاعليتها على سبيل التسخير و الاستخدام من الغير إياها سواء كان تسخير المسخر القاهر و استخدام المستخدم العالي إياها في الفاعلية أيضا على هذه الطريقة أو على طريقة الإرادة و الاختيار و استخدام النفس الناطقة لبعض القوى الفعالة البدنية في أفاعيلها من قبيل الثاني كالحركات الأينية و غيرها الصادرة عن القوى العضلية بتوسط الجوارح و الأعضاء و هذه القوى في العالم الصغير الإنساني بمنزلة الأشخاص الحيوانية في العالم الكبير و استخدامها لبعضها من قبيل الأول كالحركات الصادرة عن القوى الغاذية و المنمية و كحركات النبض الانقباض و الانبساط و الغضب و الشهوة التي موضوعاتها الأجسام اللطيفة من الأخلاط و الأرواح و مباديها القوى المستعلية النفسانية و هذه المبادي في العالم الصغير كالحركات السماوية المسخرة لعالم الأمر في العالم الأعلى فكما أنهم لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون فكذلك نظيرتهم في طاعة النفس الناطقة و كما أن أشخاص الناس منهم من عصى ما أمر الله عباده على ألسنة رسله و في كتبه و منهم من أطاعه فكذلك نظيرتها من القوى في طاعة النفس و عصيانها فيما تأمرها به و تنهيها عنه.





    و الرابع ما يكون بالقصد و هو الذي يصدر عنه الفعل مسبوقا بإرادته المسبوقة بعلمه المتعلق بغرضه من ذلك الفعل و يكون نسبة أصل قدرته و قوته من دون انضمام الدواعي و الصوارف إلى فعله و تركه في درجة واحدة.





    و الخامس هو الذي«» يتبع فعله علمه بوجه الخير فيه بحسب نفس الأمر و يكون علمه بوجه الخير في الفعل كافيا لصدوره عنه من غير قصد زائد على العلم و داعية خارجة عن ذلك الفاعل و يقال له الفاعل بالعناية في عرف المشاءين.





    و السادس هو الذي يكون علمه بذاته الذي هو عين ذاته سببا لوجود أفاعيله

    التي هي عين علومه و معلوماته بوجه أي إضافة عالميته بها هي بعينها نفس إفاضته لها من غير تعدد و لا تفاوت لا في الذات و لا في الاعتبار إلا بحسب اللفظ و التعبير ...) إنتهى موضع الحاجة




    المفردة الثانية : ( الحركات ) جمع حركة والحركة من المفردات التي تناولتها الفلسفة بشكل دقيق وعميق وموسع ، والمهم هو ان نقدم مفهوم الحركة ولو بشكل اجمالي ونوكل التفصيل الى الدراسات التخصصية في فن الحكمة ، فمفهوم الحركة كما قال الحكماء هو خروج الشيء من القوة الى الفعل خروجا تدريجيا . او هو تغير الشيء تدريجا .

    قال السبزواري في المنظومة :

    فالحركة الخروج تدريجا إلى * فعل من القوة ايضا نقلاً .
    او هي عبارة عن انتقال المتحيز من حيز الى آخر كما في كتاب شرح النهج لإبن ميثم البحراني رضوان الله عليه .
    وقد ذكر الحكماء ان تحقق الحركة يتوقف على امور ستة وهي :
    1ـ ما منه الحركة وهو ما نعبر عنه بــ ( المبدأ )
    2ـ ما اليه الحركة وهو ما يعبر عنه بــ( المنتهى )
    3ـ ما عنه الحركة او المحرّك ويعبر عنه بــ ( فاعل الحركة )
    4ـ ما به تحصل الحركة او المتحرك ويعبر عنه بــ ( موضوع الحركة )
    5ـ ما فيه الحركة وهو المسافة .
    6ـ ما عليه الحركة وهو الزمان .
    ولمن شاء التفصيل فاليراجع البحث في الكتب الفلسفية المبسطة ككتاب البداية للعلامة الطبأطبأئي مثلا الفصل الثالث من المرحلة العاشرة .







    المفردة الثالثة : ( الآلة ) وهي :

    " الواسطة بين الفاعل والمنفعل في وصول أثره إليه، كالمنشار للنجار" كما في التعريفات للجرجاني ص10

    تم المقام الاول من البحث ويليه الحديث عن المقام الثاني ..
    والحمد لله رب العالمين
    ......
    يتبع >>

    ( الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ ) .
    { نهج البلاغة }

  • #2
    المقام الثاني : ( في بيان مضمونها واثباته بالبرهان ) .

    يرى الحكماء ان النفس من المجرد عن المادة في ذاتها وجوهرها إلا انها مفتقرة اليها في فعلها ، وهذا قد يحتاج منا الى بيان

    فنقول : ان انفسنا لها رغبات ونزعات ولها ارادة وشهوات ولها حوائج وضرورات لإستمرار بقائها او لسعادتها والتذاذها فالنفس

    تجوع وتعطش وتصح وتمرض ووالخ من من عوارض ، ولما تريد شيئا ما فليس بوسعها ان تحقق ذلك بنفسها بنحو يحصل لها

    الفعل بمجرد ارادتها فهي تستعين لاجل سد الجوع الى اليد والفم واللسان ونحو ذلك وهكذا لما حين تريد سد العطش فانفسنا وإن

    كانت غير مادية في جوهرها ولكنها تستعين بالبدن حين تريد امرا ما وهذا هو معنى قول الفلاسفة ( النفس مجردة عن المادة ذاتا لا

    فعلا ) فهي ليست مادة ولا جسم ولكنها حين تريد فعل امر ما تحتاج الى الجسم والمادة فتستعين به لقضاء حاجتها . وببيان آخر

    فإن الانسان عبارة عن ( روح + بدن ) والروح غير مادية والبدن مادي فتسعين الروح بالبدن لسد حوائجها وقضاء حاجتها

    ورغباتها فيتحرك البدن لتحقيق ما تريده النفس ، وعليه يرافق صدور الفعل منا امران :


    الاول : ارادة الروح واصدارها الاوامر للبدن نحو الفعل .
    الثاني : حركة البدن ، والحركة من خصائص المادة والجسم والبدن كذلك .


    هذا مثال من عالم المادة والماديات والجسم والجسميات ، الا ان الامر مختلف تماما في المجرد المطلق عن المادة ذاتا وفعلا المنزه

    عن الجسم والجسمانيات القادر المطلق في ذاته وصفاته وافعاله ، فان امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون وامره بين الكاف

    والنون ، فهو في غنى عن الادوات والوسائط وكذلك غني في فعله عن الحركة فهنا قضيتان تحتاجان الى اثبات :

    القضية الاولى : الله تعالى فاعل بلا احتياج حركة وهو غني عنها بل وتستحيل عليه الحركة .( فاعل لا بمعنى الحركات )

    القضية الثانية : ان الله تعالى فاعل غني في فعله عن الادوات ولا يحتاج الى اداة ووسائل في فعله . ( فاعل لا بمعنى .. والآلة )

    وسنبرهن على كل من القضيتين إن شاء الله تعالى .




    يتبع >>




    ( الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ ) .
    { نهج البلاغة }

    تعليق


    • #3
      اما القضية الاولى : وهي استغناؤه عن الحركة ، فلإن الحركة كما اتضح آنفا من تعريفها ـ وهو انها تغير الشيء اوخروج

      الشيء من القوة الى الفعل خروجا تدريجيا ـ لا تتحقق الا اذا كان ثمة جسم ومادة فما ليس بجسم لا تتحقق معه الحركة والتغير

      ، هذا من جهة ومن جهة اخرى قد ثبت بالبراهين ان الواجب ليس بجسم فلا تتحقق معه الحركة ولا يحتاج اليها في فعله . هذا

      بالنسبة الى القضية الاولى .


      اما القضية الثانية : وهي غناه تعالى عن الآلات في مقام الفعل ، فنقول :

      ما ندعيه ونريد اثباته هنا هو : ان الله تعالى فاعل بلا آلة ، وسنثبت هذه القضية من خلال ابطال نقيضها القائل ( انه تعالى

      يفعل بتوسط آلة ) فلو ثبت بطلان هذه يثبت صدق تلك ، وهو واضح وبيان بطلان هذه القضية كالتالي : لو كان الله تعالى

      فاعلا بتوسط آلة فسننقل الكلام الى الآلة هل خلقها بدون آلة ومباشرة ام بآلة ؟ اذ الامر يتعدى هذين الاحتمالين :

      فعلى الاحتمال الاول : وهو ان الله تعالى خلق الآلة بلا الة وفاعل للآلة بلا الة يثبت مطلوبنا . ( فاعل لا بآلة ) والسلام .

      وعلى الاحتمال الثاني : وهو ان الله تعالى خلق الآلة بآلة ثانية فسنسأل مرة اخرى عن الآلة الثانية ويأتي فيها الاحتمالان ، فإما

      خلقها بلا الة يثبت المطلوب او بآلة فننقل الكلام وهكذا فإما ان يتثبت المطلوب او تذهب السلسلة لا الى نهاية او نقول بوجود

      ازلي غيره ولا شك في بطلان ذلك .

      والحمد لله رب العالمين

      ( الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ ) .
      { نهج البلاغة }

      تعليق

      يعمل...
      X