بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل : 125]
اعلم ان المستفاد من الاية الشريفة ان الله سبحانه وتعالى بيّن افضل الطرق للهداية الى سبيله وامر رسوله الكريم ان يدعوا الناس بها مع التاكيد على مراعاة مدى استعداد كل فئة من الناس من الجنبة الادراكية والعقلية ثم دعوتهم باحدى هذه الطرق الثلاث بما يقتضيه هذا الاستعداد المعرفي وهو ما اكده -صلى الله عليه واله وسلم- بقوله (: إنا معاشر الانبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) (الكافي ج1ص28ح15).
واول هذه الطرق هو طريق الحكمة:
وهو عبارة عن البراهين اليقينية والاقيسة القطعية التي تفيد النتائج القطعية والعقائد اليقينية. وهذه افضل الطرق واشرفها وهي التي اشار الله تعالى اليها بقوله {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } [البقرة : 269]
واتباع هذه الطريقة لا يقبلون الدعوة الا بها وهم طلاب الحكمة واتباع العلوم اليقينية والدلائل القطعية.
وثاني هذه الطرقطريق الموعظة الحسنة:
وهو عبارة عن الدلائل الاقناعية والامارات الظنية او ما يسمى بـ(الادلة الخطابية) فمن الناس من يسكن اليها وتطمئن بها قلوبهم وهم اهل الفطرة والسلامة الذين لم يبلغوا مرتبة فهم المعارف الحكمية العالية والبراهين العقلية الدقيقة بل يكتفون بالخطابات الحسنة.
وثالثها طريق الجدل:
وهو عبارة عن الادلة التي يراد بها الزام الخصم وابطال حجته وافحامه. والتسمية المشهورة لهذه الطريقة هي (علم الكلام) ويقسم الى قسمين:
اولا:
ان تكون الادلة مركبة من مقدمات باطلة وشرطيات فاسدة -وان اعتمد فيها ظاهرا على بعض المسلمات- فتكون النتائج باطلة. وهي بالمغالطات والمشاغبات اشبه؛ مرجعها القصور الذهني وقلة التمييز والغايات المغرضة وهذه طريقة اصحاب المتبنيات القبلية الباطلة واتباع التاويلات الفاسدة واهل العناد والسفسطائية والمشاغبين والتي يراد الترويج لها بكل التلبيسات والحيل الفاسدة.
وهذا القسم لا يليق بالعامة فضلا عن اهل العلم والفضل. واليه اشار تعالى بقوله {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [غافر : 5]. وقوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج : 8]
وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} [غافر : 56].
ثانيا:
ان تكون الادلة مبنية على مقدمات يقينية او مُجمع على التسليم بها او مسلم بها عند الخصم فَيُلزَم بها لِما الزم به نفسه فتكون النتائج يقينية او الزامية وهذا هو الجدال بالتي هي احسن واليه اشار تعالى بقوله {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت : 46]
وكما روي عن النبي -صلى الله عليه واله وسلم- انه قال (نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا)(الاحتجاج ج1ص6).
وهذه طريقة المتكلمين وهي التي امر المعصومون -عليهم السلام- بها كقول الامام الصادق -عليه السلام-لهشام بن الحكم بعد مناظرته للشامي: (مثلُك فليكلم الناس)(الكافي ج1ص173ح4).
وبذلك يتبين لنا ان الجدال فيه قسم مذموم لانه مبني على الباطل وقسم حسن وهو المامور به.
وقد بين الامام جعفر بن محمد الصادق-عليه السلام- ذلك عندما قيل له في النهي عن الجدل -فيما رواه الامام ابو محمد الحسن بن علي العسكري-عليهما السلام- بقوله: (اما الجدال بغير التي هي احسن فان تجادل به مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله ولكن تجحد قوله او تجحد حقا يريد ذلك المبطل ان يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة ان يكون له عليك فيه حجة لانك لا تدري كيف المخلص منه فذلك حرام لى شيعتنا ان يصيروا فتنة على ضعفاء اخوانهم وعلى المبطلين. اما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم اذا تعاطى مجادلته وضعف ما في يده حجة له على باطله. واما الضعفاء منكم فتغم قلوبهم لِما يرون من ضعف المحق في يد المبطل. واما الجدال بالتي هي احسن فهو ما امر الله به تعالى نبيه ان يجادل به..........الى ان قال (لان فيها قطع عذر الكافرين وازلة شبههم)(الاحتجاج ج1ص24-26).
فهذه هي الطرق التي اُمرنا باتباعها بغية تحقق ما يرجى من ورائها ولا يخفى ان الغاية المرجوة من لزوم اتباع هذه الطرق هي شمول الهداية لاكبر عدد ممكن من الناس كما هو المستفاد من الاية المتقدمة وغيرها من الايات الكريمة واحاديث النبي-صلى الله عليه واله وسلم-والمعصومين-عليهم السلام- بهذا المعنى متواترة وما يتحقق عند سلوكها افضل مما يتحقق بالقوة والقهر.
ومن ذلك قوله-صلى الله عليه واله وسلم-في حديث-لعلي عليه السلام عندما اعطاه الراية وامره بالتوجه الى خيبر والنزول بساحتهم ودعوتهم الى الاسلام واخبارهم بما يجب عليهم من حق الله فيه : (لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من ان يكون لك حمر النَّعم) وفي لفظ اخر عندما بعثه الى اليمن (لان يهدي الله على يدك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس).
وعلى ذلك -اي الجدال بالتي هي احسن-جرت سيرة الرعيل الاول من المتكلمين من اصحاب المعصومين -عليهم السلام- وكذا الذين يلونهم في الطبقات متّبعين ما امرهم به ائمتهم منهم (كميل بن زياد النخعي وصعصعة بن صوحان العبدي وسُليم بن قيس الهلالي وابان بن تغلب الكوفي وزرارة بن اعين وهشام بن الحكم والحسن بن علي بن يقطين وفضّال بن الحسن بن فضّال والفضل بن شاذان الازدي وعلي بن منصور وسعد بن عبد الله الاشعري واسماعيل بن علي النوبختي وابن ابي عقيل العماني ومحمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي والحسن بن موسى النوبختي ومحمد بن يعقوب الكليني وعلي بن ابراهيم القمي والشيخ المفيد والشريف المرتضى والشيخ الطوسي وابن ميثم البحراني والنصير الطوسي والعلامة الحلي وغيرهم رحمة الله عليهم.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
قال تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل : 125]
اعلم ان المستفاد من الاية الشريفة ان الله سبحانه وتعالى بيّن افضل الطرق للهداية الى سبيله وامر رسوله الكريم ان يدعوا الناس بها مع التاكيد على مراعاة مدى استعداد كل فئة من الناس من الجنبة الادراكية والعقلية ثم دعوتهم باحدى هذه الطرق الثلاث بما يقتضيه هذا الاستعداد المعرفي وهو ما اكده -صلى الله عليه واله وسلم- بقوله (: إنا معاشر الانبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) (الكافي ج1ص28ح15).
واول هذه الطرق هو طريق الحكمة:
وهو عبارة عن البراهين اليقينية والاقيسة القطعية التي تفيد النتائج القطعية والعقائد اليقينية. وهذه افضل الطرق واشرفها وهي التي اشار الله تعالى اليها بقوله {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } [البقرة : 269]
واتباع هذه الطريقة لا يقبلون الدعوة الا بها وهم طلاب الحكمة واتباع العلوم اليقينية والدلائل القطعية.
وثاني هذه الطرقطريق الموعظة الحسنة:
وهو عبارة عن الدلائل الاقناعية والامارات الظنية او ما يسمى بـ(الادلة الخطابية) فمن الناس من يسكن اليها وتطمئن بها قلوبهم وهم اهل الفطرة والسلامة الذين لم يبلغوا مرتبة فهم المعارف الحكمية العالية والبراهين العقلية الدقيقة بل يكتفون بالخطابات الحسنة.
وثالثها طريق الجدل:
وهو عبارة عن الادلة التي يراد بها الزام الخصم وابطال حجته وافحامه. والتسمية المشهورة لهذه الطريقة هي (علم الكلام) ويقسم الى قسمين:
اولا:
ان تكون الادلة مركبة من مقدمات باطلة وشرطيات فاسدة -وان اعتمد فيها ظاهرا على بعض المسلمات- فتكون النتائج باطلة. وهي بالمغالطات والمشاغبات اشبه؛ مرجعها القصور الذهني وقلة التمييز والغايات المغرضة وهذه طريقة اصحاب المتبنيات القبلية الباطلة واتباع التاويلات الفاسدة واهل العناد والسفسطائية والمشاغبين والتي يراد الترويج لها بكل التلبيسات والحيل الفاسدة.
وهذا القسم لا يليق بالعامة فضلا عن اهل العلم والفضل. واليه اشار تعالى بقوله {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [غافر : 5]. وقوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج : 8]
وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} [غافر : 56].
ثانيا:
ان تكون الادلة مبنية على مقدمات يقينية او مُجمع على التسليم بها او مسلم بها عند الخصم فَيُلزَم بها لِما الزم به نفسه فتكون النتائج يقينية او الزامية وهذا هو الجدال بالتي هي احسن واليه اشار تعالى بقوله {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت : 46]
وكما روي عن النبي -صلى الله عليه واله وسلم- انه قال (نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا)(الاحتجاج ج1ص6).
وهذه طريقة المتكلمين وهي التي امر المعصومون -عليهم السلام- بها كقول الامام الصادق -عليه السلام-لهشام بن الحكم بعد مناظرته للشامي: (مثلُك فليكلم الناس)(الكافي ج1ص173ح4).
وبذلك يتبين لنا ان الجدال فيه قسم مذموم لانه مبني على الباطل وقسم حسن وهو المامور به.
وقد بين الامام جعفر بن محمد الصادق-عليه السلام- ذلك عندما قيل له في النهي عن الجدل -فيما رواه الامام ابو محمد الحسن بن علي العسكري-عليهما السلام- بقوله: (اما الجدال بغير التي هي احسن فان تجادل به مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله ولكن تجحد قوله او تجحد حقا يريد ذلك المبطل ان يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة ان يكون له عليك فيه حجة لانك لا تدري كيف المخلص منه فذلك حرام لى شيعتنا ان يصيروا فتنة على ضعفاء اخوانهم وعلى المبطلين. اما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم اذا تعاطى مجادلته وضعف ما في يده حجة له على باطله. واما الضعفاء منكم فتغم قلوبهم لِما يرون من ضعف المحق في يد المبطل. واما الجدال بالتي هي احسن فهو ما امر الله به تعالى نبيه ان يجادل به..........الى ان قال (لان فيها قطع عذر الكافرين وازلة شبههم)(الاحتجاج ج1ص24-26).
فهذه هي الطرق التي اُمرنا باتباعها بغية تحقق ما يرجى من ورائها ولا يخفى ان الغاية المرجوة من لزوم اتباع هذه الطرق هي شمول الهداية لاكبر عدد ممكن من الناس كما هو المستفاد من الاية المتقدمة وغيرها من الايات الكريمة واحاديث النبي-صلى الله عليه واله وسلم-والمعصومين-عليهم السلام- بهذا المعنى متواترة وما يتحقق عند سلوكها افضل مما يتحقق بالقوة والقهر.
ومن ذلك قوله-صلى الله عليه واله وسلم-في حديث-لعلي عليه السلام عندما اعطاه الراية وامره بالتوجه الى خيبر والنزول بساحتهم ودعوتهم الى الاسلام واخبارهم بما يجب عليهم من حق الله فيه : (لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من ان يكون لك حمر النَّعم) وفي لفظ اخر عندما بعثه الى اليمن (لان يهدي الله على يدك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس).
وعلى ذلك -اي الجدال بالتي هي احسن-جرت سيرة الرعيل الاول من المتكلمين من اصحاب المعصومين -عليهم السلام- وكذا الذين يلونهم في الطبقات متّبعين ما امرهم به ائمتهم منهم (كميل بن زياد النخعي وصعصعة بن صوحان العبدي وسُليم بن قيس الهلالي وابان بن تغلب الكوفي وزرارة بن اعين وهشام بن الحكم والحسن بن علي بن يقطين وفضّال بن الحسن بن فضّال والفضل بن شاذان الازدي وعلي بن منصور وسعد بن عبد الله الاشعري واسماعيل بن علي النوبختي وابن ابي عقيل العماني ومحمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي والحسن بن موسى النوبختي ومحمد بن يعقوب الكليني وعلي بن ابراهيم القمي والشيخ المفيد والشريف المرتضى والشيخ الطوسي وابن ميثم البحراني والنصير الطوسي والعلامة الحلي وغيرهم رحمة الله عليهم.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
تعليق