بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
وعجل فرجهم
خُطب «زينب» كشفت بشاعة الظلم الأموي لأهل البيت (ع)
«السبايا» أعطوا كربلاء بُعدا إعلاميا لم يشهد التاريخ مثيله
تحولت مسيرة السبي التي تعرضت لها عائلة الإمام الحسين (عليه السلام) من أطفال ونساء بعد انتهاء واقعة كربلاء إلى إعطاء ثورة الحسين الشهيد بُعدا إعلاميا قوي التأثير؛ إذ لولا هذا الدور لتمكن النظام الأموي من التعتيم على أهداف ونتائج الثورة وتشويه المبادئ السامية التي نهض من أجلها الإمام، «السبي» هذه الوسيلة الإعلامية الفريدة التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها.
ولولا الدور الذي قام به سبايا آل محمد (صل الله عليه واله) لذهبت تلك الدماء الزكية هدرا دون أن يكون لها هذا الأثر وهذا العطاء الذي نعيشه اليوم.
وتُعتبر الخطب التي ألقاها سبايا آل محمد (صل الله عليه واله) في مسيرة السبي من أقوى البيانات الإعلامية للثورة الحسينية سواء تلك التي ألقيت في الكوفة أو الشام حسبما أشار الكاتب حبيب الهديبي في كتابه «قراءات في بيانات الثورة الحسينية»، فقد زلزلت العقيلة زينب الكوفة بخطبتها بالإضافة إلى ثلاث خطب أخرى للإمام زين العابدين (عليه السلام) وفاطمة الصغرى بنت الحسين (عليها السلام) وخطبة أم كلثوم بنت علي عليها السلام.
ويوضح الكاتب أن هذه الخطب أكدت على محاور مهمة من أهمها الحديث عن بشاعة فاجعة الطف وما فيها من وضاعة الجريمة التي تدل على خسة ولؤم مرتكبيها وبعدهم عن الروح الإسلامية، وإن هذه الفاجعة ليست كأي كارثة تحدث في التاريخ من جراء الأساليب الانتقامية التي قام بها القتلة تجاه الشهداء وأسرهم من القتل والتمثيل بالجثث وحمل الرؤوس على الحراب وحرق الخيام ونهب ما فيها والتعدي على العائلة بالضرب والإهانات وتسيير النساء والأطفال سبايا.
وأَضاف «ومما يزيد الموقف فداحة وخسة أن المرتكبين لهذه الجريمة الكبرى هم الذين بعثوا رسائلهم إلى الحسين (عليه السلام) يدعونه للمسير إليهم وقد أعطوه العهد والميثاق وبايعوه على السمع والطاعة على يد سفيره مسلم بن عقيل وبعد ذلك خانوه ونقضوا بيعتهم على ما بايعوه فارتكبوا في حقه أبشع جريمة عرفها التاريخ إذ قتلوه هو وأصحابه وأهل بيته بأسلوب يدمي القلوب ويُذهل الأفكار لبعده عن الرحمة الإنسانية، وبعد ارتكاب هذه الفاجعة عادوا يبكون وينتحبون ويُعلنون ندمهم على ما ارتكبوه من جرم».
وأضاف «وتركت هذه الخطب أثرا واضحا في النفوس وهو ما بدا في الثورات التي خرجت في الكوفة مثل ثورة التوابين، وأما الخطب في الشام فقد كانت خطبتان خطبة للحوراء زينب في مجلس يزيد بن معاوية وخطبة الإمام زين العابدين في المجلس».
وأردف الكاتب «لقد كانت خطب الكوفة موجهة إلى المجتمع الكوفي مباشرة نظرا لكونه هو المرتكب للجريمة والمباشر لحدث الفاجعة الكبرى وكان هو اليد الأثيمة للنظام الأموي لذلك جاءت الخطابات موجهة إليه، وأما المجتمع الشامي فكانت أوضاعه مختلفة فقد كان الطابع العام فيه هو الانخداع بالنظام الأموي والولاء الأعمى للأمويين ويرى بأن بني أمية يمثلون الإسلام ونبي الإسلام لأن هذا المجتمع ربي تربية خاصة من قبل الإعلام الأموي المكثف في عهد معاوية».
وواصل مؤلفنا «كانت الصورة التي يحملها المجتمع الشامي عن أهل البيت مشوهة لاسيما شخصية عميد أهل البيت الإمام علي (عليه السلام) فقد اجتهد معاوية في تشويه شخصيته حتى أعلن سبه على المنابر وبذل الأموال الطائلة في هذا السبيل ولهذا بينت العقيلة والإمام زين العابدين كشف زيف النظام الأموي للمجتمع الشامي لاسيما رأس النظام «يزيدلعنة الله عليه» وتوضيح الحقيقة للرأي العام وهي أن هذا الحاكم بعيد كل البعد عن رسالة الإسلام وبيان مقام أهل البيت ومنزلتهم في الإسلام».
واعتبر الكاتب الخطاب الذي أدلت به العقيلة زينب (عليها السلام) في مجلس يزيد بن معاوية من أقوى الخطابات التي أُثرت عن أهل البيت (عليهم السلام) وتتضح قوته أكثر عند ملاحظة الظرف الذي أُلقي فيه ذلك الخطاب، إذ كان سبايا آل محمد في عاصمة الحكم الأموي ورأس النظام «يزيد لعنة الله عليه» يعيش نشوة النصر ويظن بأنه المنتصر في المعركة، وفي هذا الجو المحفوف بالطغيان والكفر لم تكترث بطلة كربلاء «زينب عليها السلام » بكل ما حولها ومن حولها وزعزعت عرش يزيدلعنة الله عليه بقوة إيمانها وعزة الحق وكبرياء الرسالة.
وتناول الكاتب بالشرح والتفصيل في مؤلفه القيم الأبعاد الرئيسية لبيانات الثورة الحسينية العقيدية والسياسية والاجتماعية والروحية والبيانات الإعلامية بعد ثورة الإمام الشهيد (عليه السلام).
عظم الله لكم الاجر بهذا المصاب
والفاجعه الكبرى
تعليق