بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين .إنَّ في حال الصحابة من حيث العدالة وعدمها خلاف ، فقد اختلف المسلمون على ثلاثة أقوال :
1- الاتجاه الأول : عدالة جميع الصحابة : وهم أهل السنة .
2- الاتجاه الثاني : كفر جميع الصحابة : وهم فرقة الكاملية[1] .
3- الاتجاه الثالث : الصحابة كسائر الناس فيهم العادل والفاسق : وهم الشيعة الإمامية .
يدعي الجمهور من السنة ، إن للصحبة شرفاً عظيماً يمنح المتصف بها امتيازاً يجعله فوق مستوى الناس أجمعين ، ولو باشر المنكرات ، وأسرف في المعاصي وإتباع الشهوات ، وينطلقون من هذا الغلو إلى أنهم عدول مجتهدون في جميع ما صدر منهم . فمن أصاب في آرائه وأعماله الواقع فله ثواب من أدرك الحق وعمل به ، ومن أخطا فله أجر المجتهدين العارفين فعدالتهم ثابتة بتعديل الله لهم وثنائه عليهم على ، وعندما تنتهي الرواية إليهم يجب الوقوف عندها ، وليس لأحد أن يطبق عليها أصول علم الدراية وقواعده ، ولو كان الراوي لها مروان بن الحكم أو أبو سفيان أو غيرهما ممن وصفهم القرآن بالنفاق والرسول الكريم بالارتداد .
قال ابن حجر في المجلد الأول من الإصابة : اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ، ولم يخالف في ذلك إلا شذاذ من المبتدعة ، وأضاف إلى ذلك أن عدالتهم ثابتة بتعديل الله لهم[2] .
لكن فاتهم ما صرح به الإمام البخاري بنقض هذه النظرية وهدمها من أساسها وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِي فَيُحَلَّئُونَ[3] عَنْهُ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي ، فَيَقُولُ إِنَّكَ لاَ عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى )[4] .
ولكن يستشكل على من لا يؤمن بعدالة جميع الصحابة أنه لِمَ نبحث عن هذه المسألة فهم كما وصفهم الله تعالى : (( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[5]
يمكن أن يجاب عليه بأنّ الغاية من وراء الفحص عن عدالة الصحابة هي التعرف على الصالحين والطالحين والمؤمنين والمنافقين والمتثبّتين في طريق الدين والمشرفين على الارتداد حتى يتسنّى لنا أخذ الدين عن الصلحاء والمؤمنين والمتثبتين والتجنب عن غيرهم[6] .
وسنبين تباعاً إن شاء الله تعالى كيفية إبطال جميع أدلة من خالف الشيعة الإمامية الإثني عشرية في مسألة عدالة الصحابة .
والحمد لله ربِّ العالمين ...
[1] . الكاملية أصحاب أبي كامل أكفر جميع الصحابة بتركها بيعة علي رضي الله عنه. وطعن في علي أيضاً بتركه طلب حقه ، ولم يعذره في القعود ؛ قال : وكان عليه أن يخرج ويظهر الحق ، على أنه غلا في حقه. وكان يقول : الإمامة نور يتناسخ من شخص لى شخص ، وذلك النور : في شخص يكون نبوة ، وفي شخص يكون إمامة ؛ وربما تتناسخ الإمامة فتصير نبوة وقال بتناسخ الأرواح وقت الموت.الملل والنحل للشهرستاني ج 1 ص 50 .
[2] . دراسات في الكافي للكليني والصحيح للبخاري ، هاشم معروف الحسيني ، ج 1 ، ص 11 .
[3] . حلأ : صد ومنع .
[4] . صحيح البخاري ، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله ، ج 21 ، ص 492 .
[5] . سورة البقرة : آية : 134 .
[6] . الحديث النبوي ، الشيخ جعفر السبحاني ، ج 6 ، ص 4 .
تعليق