عند بابك الطاهر... يتوهج دمي كبرياء
حيدر عاشور العبيدي
أراقب أشيائي فتضيق مساحة صدري وتنحسر روحي يراودني الخوف من كل الجهات ويدخلني في دهاليز اليأس ،فيأسرني ظلي ويغتالني النوم وينحل البريق وتصدق الرؤيا...فجئت بما تحصّن من حنايا الصوت وفي قلبي مقدمة رثيت بها نفسي ،ظل الصوت يهج بي عليّ بعد ليورق صوتي في السر والنجوى ... انتقلت في دمائي ذكريات وأحداث، رأيت أبي يشبهني كثيرا، ويطوف حولي يذكرني ما أنساه ويحرضني على البحث والتقصي...كان له طريقا صعبا لا يخلو من الضوء وله خمسة كواكب غير متشابه،كل كوكبا له شكله ومميزاته ،ولي نفس ما لديه باختلاف الأسماء...الكواكب جميعها فوق راسي وكان حولي خلصاء يستأذنون نيابة عني أن ذلك الكتاب القديم الكبير من ذلك الشق من ذلك المكان المقدسة الذي تضيء فيه الأنوار السماوية رغم ما فعلته قذائف المرددين والخائفين من سلطان الأرض أن ينتصر كما انتصر دمه الثمين على سيوفهم الرخيصة. الجميع يشترك في اعادة بناء ما هدم وأعلنت طموحي في مساعدتهم وقد وكل لي التنظيف من بقايا الحطام والطيور حولي ترتفع على مدى بصري أرى منائره مهابة شامخة والطيور بينها ترفرف بأجنحتها بثقة وكأنها تخترق أعنان السماء وتروي بعلوها قصة المكان ...انشغلت بها ونسيت أبي وانطفئ الضوء وعمّ الظلام واستيقظت أعيد ترتيب ما زارني في ليلة لا تشبهها ليلة ... تفحصت عقلي وأنا أتخطى ساحته في مشهد الكتاب والطيور وأبي فهما في فصل بريق الرؤيا. هكذا رسم لي القضاء والقدر الوجود ،اربطه في أنساغ يقيني ،تباغته حقيقة فعل عملي بمكان الرؤيا وإطاعتي لمن يريد أن يهذبني بدعوات أبي لي ،أتمسك بها كأنها طلسم يحمي أيامي الباقية ،ورغم ذلك يلاحقني الموت يهددني عبر الأثير..كلماته القاتلة ،فقرأت الموت كأنه يحتفل بقتلي ،وأيقنت إن مكاني رغم قوته لا يخلو من الخوف من مجهول حتى جربت ضوئي الجديد وأنزلت في فضاءه مطمئنا ..وقرأت صرخته وضاقت المساحات بي وكان لي القرار فدخلت في يقظتي من باب رأسه الشريف ،وعند أعتاب الصحن كان الضوء بحجم المكان يلف بقايا روحي المعذبة ويمنحني قلما جديدا ،ليقول: اكتب فكتبت آلامي وأوجاعي وجزعي وذكرت الجرح وتلته ذكريات من الجراح...انطلقت تاركا خلفي كل كلمات الماضي، لا يمكن الرجوع إليها، فأنا في حضرت سيد الكلمات بل في رحاب كل الكلمات التي تنطلق مني بذهول نتيجة قرار طفولتي ...وقرار استدعائي من خراب الماضي ..ها أنا أعطي بكل خطوة صورة صديق جديد ،فبدأت صفحات قلبي تتفتح وأسرار الصمت تنغلق فجأة وكلماتي عن عشقي القائم على تعب يتوهج فيه دمي كبرياء...
تعليق