كيف نشأ التجويد؟؟
سؤال طالما طرح على المهتمين بتجويد التلاوة القرآنية..
هل نشأ التجويد مع بزوغ فجر الإسلام ومع سماع صوت تلاوة الأذان وتلاوة الذكر الحكيم
أو نشأ في القرون التي تأخرت عن فجره المشرق؟؟
وهنا لابد من قراءة للآيات الكريمات التي خوطب بها النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله)
ومانقل عنه اهتمامه بتحسين تلاوة كتاب الله تعالى:
قال له تعالى ضمن مخاطبته وتعليمه له في سورة المزمل:((..ورتل القرآنَ ترتيلاً))
فقد فهمنا من الترتيل في اللغة: الانتظام وفي الإصطلاح: أن نقرأ القرآن بتمكّث مع تحسين الصوت
كما فَسَّر الآية الكريمة الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام).
كما وجه سبحانه وتعالى في سورة القيامة نبيه الكريم أن لايستعجل بترديد ماسمعه من الذكر الحكيم
ويتثبت في التلاوة:((لاتحرِّك به لسانكَ لتعجلَ به..))
ومذ ارتفع صوت الأذان بكلمة لا إله إلا الله مُجوَّداً وخشعت له أفئدة المؤمنين؛
خشعت لتلاوة القرآن الكريم:
((وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسولِ ترى أعينهم تفيضُ من الدمعِ ممّا عرفوا من الحقِّ يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين))
فقد ورد السمع مئة وأربعاً وثمانين مرة بصيغ مختلفة بينما ورد البصر مئة وثماني وأربعين مرة بصيغ مختلفة أيضاً،
فقد قدم تعالى الأسماع على الأبصار في القرآن الكريم إذ تلقي الوحي وتلقي القرآن وحفظه مشافهة
وتلقي صوت الأذان كان عبر السمع.
فحاسة السمع الأولى في عملية التلقي والإستيعاب منذ نشأة الإنسان وهو طفل حيث يسمع الأذان المتكرر
وترتيل القرآن بانتظام وخشوع بما تستلزمه الحروف من إشباع ومد وإدغام وتفكيك وترخيم وتفخيم.
وبدأ تعالى يعلمهم من خلال تعليم رسوله الكريم القراءة المتأنية
والإهتمام ببيان القرآن بتعليمه لرسوله صلى الله عليه وآله:
((ثمَّ إنَّ علينا بيانه))
ونتج من ذلك معطيات فنية وذوقية وسماعية تكاملت في فترة ما بعد الدعوة
كون العرب ينسجمون مع النظم والإيقاع بسليقتهم،
فالشعراء الجاهليون نظموا الشعر بالسليقة موزوناً من دون علمهم بالعروض،
لكن من خلال الإعتماد على التفعيلات التي تترك وقعاً لدى السامع،
فمع نزول القرآن الكريم انسجمت الروح مع إيقاعه المحبب بصيغة جديدة هي التلاوة
حتى أثرت - بعد ذلك - في نفوس المسلمين على اختلاف لغاتهم لمجرد سماع التلاوة
ولم يكن معها في البداية تدوين لقواعدها وتصنيف لأحكامها إلا بعد قرون من الزمن.
فكتب الكثير من علماء التجويد عن هذا الفن الذي يُعنى بالنص القرآني
من خلال تصوير الأداء بتحديد المدة الزمنية لنطق حروف المد ووضع أحكام خاصة له
وتطبيق الحالات التركيبية الناتجة عن الإدغام والإخفاء والإقلاب وغيرها
بأجمل صور الترابط اللفظي والمعنوي من خلال تجويد الحروف ومعرفة صحة الإبتداء والوقوف.
وكما إن للنحو قواعد تفصح عن القصد وللخط قواعد تحافظ على رسم الحرف
كذلك للحرف العربي قواعد للنطق أليقَ مايكونُ تطبيقها في كلام الله تعالى.
تعليق