بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله الطاهرين
اللهم صل على محمد واله الطاهرين
الحقد :
هو إضمار العداوة في القلب ، وهو من ثمرة الغضب ، لأن الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي في الحال ، رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقدا ، وهو من المهلكات العظيمة . وقد قال رسول الله (ص) : المؤمن ليس بحقود .
الاثار السلبية للحقد :
والغالب أن الحقد يلزمه من الآفات : الحسد ، والهجرة ، والانقطاع عن المحقود ، وإيذاؤه بالضرب ، والتكلم فيه بما لا يحل : من الكذب ، والغيبة ، والبهتان ، وإفشاء السر ، وهتك الستر ، وإظهار العيوب ، والشماتة بما يصيبه من البلاء والسرور به ، والانبساط بظهور عثراته وهفواته ، والمحاكاة عنه بالاستهزاء والسخرية ، والإعراض عنه استصغارا له ، ومنع حقوقه من دين أو رد مظلمة أو صلة رحم . وكل ذلك حرام يؤدي إلى فساد الدين والدنيا . وأضعف مراتبه أن يحترز عن الآفات المذكورة ، ولا يرتكب لأجله ما يعصى الله به ، ولكن يستثقله بالباطن ولا ينتهي قلبه عن بغضه . وهو أيضا من الأمراض المؤلمة للنفس ، المانعة لها عن القرب إلى الله والوصول إلى الملأ الأعلى . ويمنع صاحبه عما ينبغي أن يصدر عنه بالنسبة إلى أهل الإيمان : من الهشاشة والرفق والتواضع والقيام بحوائجهم والمجالسة معهم والرغبة إلى إعانتهم ومواساتهم . . . وغير ذلك . وهذا كله مما ينقص درجته في الدين ، ويحول بينه وبين مرافقة المقربين .
الحقد في الروايات :
قال النبي (ص) : ما كان جبرئيل يأتيني إلا قال : يا محمد ! اتق شحناء الرجال وعداوتهم .
وقال(ص) : ما عهد إلي جبرئيل قط في شيء ما عهد إلي في معاداة الرجال . وقول الصادق (ع) : من زرع العداوة حصد ما بذر .
كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام فيه أحاديث كثيرة، منها قوله:
ـ « الحِقْد ألأَمُ العيوب » ( غرر الحكم/ ح 966 ).
ـ « الحقدُ مَثار الغَضَب » ( غرر الحكم/ ح 530 ).
ـ « الحقدُ خُلقٌ دَني، ومَرَضٌ مُرْدي » ( غرر الحكم / ح 1500 ).
ـ « رأسُ العيوبِ الحقد » ( غرر الحكم / ح 5243 ).
• ثمّ حذّر عليه السلام ونصح فقال:
ـ « طهِّروا قلوبَكم من الحقد، فإنّه داءٌ مُوبئ » ( غرر الحكم / ح 6017 ).
ـ « إحترِسوا مِن سَورةِ الجَمْد والحقد والغضب والحسد، وأعِدُّوا لكلّ شيءٍ من ذلك عُدّةً تجاهدونه بها من: الفِكْر في العاقبة، ومَنعِ الرذيلة، وصلاح الآخرة، ولُزوم الحِلْم » ( غرر الحكم / ح 2565 ).
ـ « سببُ الفتنِ الحقد » ( غرر الحكم / ح 5522 ).
ـ « سلاحُ الشرِّ الحقد » ( غرر الحكم / ح 5555 ).
• وأمّا حال الحَقُود، فتبيّنها الأحاديث الشريفة التالية:
ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « ألا أُخبِرُكم بأبعدِكم منّي شَبَهاً ؟ »، قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: « الفاحشُ المتفحّش البذيء، البخيل المختال، الحقود الحسود » ( الكافي 291:2 / ح 9 ).
ـ وقال الإمام عليّ عليه السلام: « الحقودُ مُعذَّب النفس، متضاعَفُ الهمّ » ( غرر الحكم / ح 1962 ).
« أشدُّ القلوب غِلاًّ قلبُ الحقود » ( غرر الحكم / ح 2932 ).
ـ وجاء عن الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام قوله في ذلك: أقلُّ الناس راحةً الحقود » ( تحف العقول:488 )
• أمّا المؤمن فلا تستقرّ مثلُ هذه الحالة في قلبه؛ لطيبته وإيمانه، وخوفه من سخط الله تبارك وتعالى إذ هذه الصفة ممّا لا يحبّها جلّ وعلا، ولذا:
ـ قال النبيّ صلّى الله عليه وآله في صفة المؤمن: « قليلاً حقدُه » ( بحار الأنوار 311:67 / ح 45 ).
ـ وقال حفيده الإمام جعفر الصادق عليه السلام: « حقدُ المؤمن مقامه، ثمّ يفارق أخاه فلا يَجِد عليه شيئاً. وحقدُ الكافر دهرَه » ( بحار الأنوار ).
علاجه :
• ولعلّ سائلاً عمّا يطرد الحقد من القلب، وجوابه في أمور :
الأوّل ـ التعرّف على ما يُورث الحقد، وذلك واضح في كلام الإمام عليٍّ عليه السلام: « إحتَمِلْ أخاك على ما فيه، ولا تُكثرِ العتاب، فإنّه يُورِث الضغينة » ( بحار الأنوار 212:77 / ح 1 ).
والثاني ـ التعرّف على بعض العلاجات المهمّة، منها ما جاء في: قول رسول الله صلّى الله عليه وآله: « حُسْنُ البِشْر يَذهب بالسَّخيمة » ( تحف العقول:45 ).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام: « إحصدِ الشرَّ مِن صدر غيرِك بقَلْعهِ من صدرك » ( بحار الأنوار 212:75 / ح 10 ). وقوله سلام الله عليه: « عند الشدائد تَذهب الأحقاد » ( غرر الحكم ).
الثالث : مخالفة النفس بالاحسان الى من تلوث النفس بالحقد عليه بصلته والدعاء له والتصدق والزيارة نيابة عنه وفعل غيرها من المستحبات واهداء ثوابها اليه .
والحمد لله منتهى رضاه
تعليق