بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الكرام
(الصبر)
الصبر : هو السكينة وعدم الاضطراب عند البلايا والمصائب وعكسه الجزع واليأس ، وهما : إطلاق العنان للنفس عند حلول البلاء والمصيبة والصراخ بآه وما له من نوح وتمزيق ثياب ولطم وجه حتى تقطيب الحاجبين والعبوس وأمثالها مما يصدر عن ضعف النفس ، وللصبر أقسام أخرى ، كالصبر في المعارك والحروب ويعد شجاعة ، والصبر في حال الغضب ويعد حلما ، والصبر على مشقة الطاعة ، والصبر على مقتضيات الشهوات وغيرها ، وفي الحقيقة فإن أكثر الأخلاق الفاضلة تنطوي تحت لواء الصبر ، ومرتبة الصبر من المراتب الرفيعة ، وقد نسب الله سبحانه وتعالى أكثر الخيرات للصبر وخصص أكثر درجات الجنة بالصابرين ، والقرآن الكريم تحدث عن الصبر والصابرين في أكثر من سبعين موضوع منه وأثاب صفاتهم وغمرهم بصلوات الله ورحمته وهدايته وبشرهم ان الله سيوفيهم اجورهم .
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(153)
وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ)سورة البقرة ،
وقال تبارك وتعالى : (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ
وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) سورة البقرة ،
وقال جل من قال : ( قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ
غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)سورة البقرة ،
وقال سبحانه : (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَار)17/سورة ال عمران ،
وقال تبارك وتعالى : (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ
فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)146/ال عمران
وقال : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)10/الزمر .
وتبعا للقران الكريم فان الاحاديث الشريفة تحدثت عن فضائل الصبر والصابرين .
وعن الامام جعفر الصادق (عليه السلام ) قوله :
(( الصبر من الإيمان بمنزلة الراس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد) ،
كذلك تحصيل مرتبة الصبر فإن يكون بمراعاة الأمور التالية:
الأول : التأمل والتفكر في الأحاديث التي تتحدث عن فضيلة الابتلاء في الدنيا وأنه في مقابل أية مصيبة يرتفع الصابر درجة او تمحى عنه سيئة ، وإن يتيقن أنه لا خير في من لا يبتلى ،
الثاني : ان يتذكر ان زمان المصيبة قصير وقليل وأنه سيرفع عنه قريب ،
الثالث : ان ينظر إلى الجزوع الذي لا صبر له ويرى هل استفاد شيئا من جزعه ، وانه قد بلغه ما كان مقدرا له صبر عليه ام جزع وما كان مقدرا له لايتغير بالجزع والاضطراب وشق الثياب بل ان الجزع يذهب ثوابه ويضيعه ويسقط وقاره ،
الرابع : ان يتأمل حال من ابتلي ببلاء اعضم من بلائه ،
الخامس : ان يعلم ان الابتلاء والمصائب هما دليل الفضل والسعادة فإن الإنسان كلما كان قريبا من الله كلما زاد بلاؤه أكثر ، فـَ ((مَا كَرُمَ عَبْدٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَطُّ إِلا ازْدَادَ الْبَلاءُ عَلَيْهِ شِدَّةً))
السادس : ان الآدمي يتكامل برياضة المصائب
السابع : ان يتذكر ان هذه المصيبة إنما اتته من الله تعالى الذي هو احب الموجودات إليه ذلك والذي لا يريد له سوى خيره وصلاحه
الثامن : ان يتبع ويتفحص في أحوال المقربين وبلائهم وصبرهم عليه إلى ان تحصل عنده رغبة الصبر واستعداد النفس .
واعلموا ان المراد من الصبر هو ما ذكرته لكم في بداية هذا الموضوع ، اما احتراق القلب وانسكاب الدموع فإنه من المقتضيات البشرية للعبد وانه لايخرج العبد عن حد الصبر فالمريض رغم رضاه بالحجامة والفصد والدواء لكنه يتأثر بالالم .
تعليق