إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دراسات في مناهج التفسير 6و7و8و9و10

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دراسات في مناهج التفسير 6و7و8و9و10

    الدرس السادس:منهج تفسير القرآن بالقرآن (1)
    أهداف الدرس

    1-
    أن يتعرّف الطالب إلى المراد من منهج تفسير القرآن بالقرآن
    2- أن يتعرّف إلى تاريخ هذا المنهج
    3- أن يدرك الأدلّة على جواز تفسير القرآن بالقرآن
    4- أن يتعرّف إلى رأي الأخباريّين في تفسير القرآن بالقرآن


    69
    تمهيد

    تعتبر طريقة تفسير القرآن بالقرآن من أقدم الطرق في تفسير القرآن، وهي إحدى أقسام المنهج النقلي؛ لأنّ الأخير ينقسم إلى قسمين: تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالرواية. وقد استحسن جميع المفسّرين والمتخصّصين إلّا ما شذّ هذه الطريقة في التفسير، واستفادوا منها في الكثير من الموارد، بل إنّ بعضهم اعتبرها من أفضل الطرق في التفسير.

    المراد من تفسير القرآن بالقرآن

    يعتمد هذا المنهج على توضيح آيات القرآن بواسطة آيات أخرى وبيان مقصودها. وبعبارة أخرى: تكون آيات القرآن بمثابة المصدر لتفسير آيات أخرى.

    وعرّفه بعضهم بأنّه: "مقابلة الآية بالآية وجعلها شاهداً لبعضها على الآخر ليستدلّ على هذه بهذه لمعرفة مراد الله تعالى من القرآن الكريم"
    1.

    71
    تاريخ منهج تفسير القرآن بالقرآن

    يعتبر كما ذكرنا تفسير القرآن بالقرآن من أقدم طرق التفسير، ويرجع استخدامه إلى زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقد استخدمه الأئمّة عليهم السلام وبعض الصحابة والتابعين.

    وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك.

    1ـ سُئل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن معنى "الظلم" في الآية الكريمة:
    ﴿وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم2 فأجاب صلى الله عليه وآله وسلم وبالاستناد إلى الآية ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ3 بأنّ المقصود بالظلم في الآية الأولى هو الشرك المذكور في الآية الثانية4.

    يتبيّن من خلال هذا الحديث والأحاديث المشابهة أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم استخدم هذا المنهج في التفسير، فإنّه صلى الله عليه وآله وسلم قام بتعليم أتباعه عمليّاً على استخدامه.

    2ـ استنتج الإمام عليّ عليه السلام من خلال الآيتين
    ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ5﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا6 بأنّ أقلّ مدّة للحمل هي ستّة أشهر. باعتبار أنّ مدّة الرضاع سنتين كما تشير الآية الأولى، ومدّة الحمل والرضاع معاً ثلاثون شهراً7 كما تشير الآية الثانية، والجمع بينهما يقتضي كون أقلّ الحمل ستّة أشهر. وهذا نوع من تفسير القرآن بالقرآن.

    وقد استخدم مفسِّرو الشيعة هذا المنهج بعد ذلك مع ظهور تفاسير مثل


    72
    التبيان للشيخ الطوسي ومجمع البيان للشيخ الطبرسي، وكذلك مفسِّرو أهل السنّة.

    وقد ذكر العلّامة المجلسيّ في كتابه بحار الأنوار الآيات الّتي تتعلّق بموضوع معيّن في بداية كلّ فصل. وهذا يعني أنّه استفاد من الطريقة الموضوعية في تفسير القرآن بالقرآن. وقد حظي هذا المنهج باهتمام واسع خاصّةً عند المفسِّرين في القرن الأخير، كما يتّضح ذلك في تفسير الميزان للعلّامة الطباطبائي، وآلاء الرحمن للشيخ البلاغي و...

    لماذا يجب تفسير القرآن بالقرآن؟

    اعتمد أصحاب هذا المنهج على عدّة أدلّة للاستدلال على جواز ولزوم هذا التفسير، من القرآن والسنّة والسيرة.

    1- الدليل القرآني

    أ- قال تعالى:
    ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ8.

    استدلّ العلّامة الطباطبائي قدس سره بهذه الآية على تفسير القرآن بالقرآن فقال: "وحاشا أن يكون القرآن تبياناً لكلّ شيء ولا يكون تبياناً لنفسه"
    9.

    ب- قال تعالى:
    ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا10. قال العلّامة الطباطبائي قدس سره عند استدلاله بهذه الآية: "كيف يكون القرآن هدى وبيّنة وفرقاناً ونوراً مبيناً للناس في جميع ما يحتاجون إليه ولا يكفيهم في احتياجهم إليه وهو أشدّ الاحتياج"11.

    73
    ج- قال تعالى:﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ12. فقد قسّمت هذه الآية آيات القرآن إلى مجموعتين: محكمات ومتشابهات. وكلمة "المحكم" من "الإحكام" بمعنى "المنع"، ولهذا يقال للمواضيع الثابتة القويّة محكمة؛ لأنّها تمنع عن نفسها عوامل الزوال. كما أنّ كلّ قول واضح وصريح لا يعتريه أيّ خلاف يقال له "قولٌ محكم"، وعليه فإنّ الآيات المحكمة هي الآيات ذات المفاهيم الواضحة والّتي لا مجال للخلاف والجدل حولها.

    أمّا الآيات المتشابهة فهي الآيات ذات المعنى المعقّد، أو الّتي تحتمل معاني متعدّدة، والّتي لا يتّضح معناها المقصود إلّا في ضوء الآيات المحكمة. وقد أطلق على الآيات المحكمة "أُمُّ الكتاب" أي هي الأصل والمرجع للآيات الأخرى، وبعبارة أخرى: لا بُدّ من إرجاع الآيات المتشابهات إلى المحكمات لكي يتّضح معناها. وهذه الطريقة هي إحدى أنواع تفسير القرآن بالقرآن.

    د- إنّ تكرار الآيات يستلزم هذه الطريقة في التفسير: لأنّه لكي نفهم بعض الآيات لا بدّ من مراجعة الآيات المشابهة، فقد جاء ذكر قصّة النبيّ موسى عليه السلام وفرعون في سور: الأعراف: 105ـ 136، طه: 9ـ 98، الشعراء: 10ـ 67، النمل، ولا يمكن تفسير هذه الآيات ورفع الإبهام عنها ما لم يتمّ مراجعة هذه السور بآياتها المتعلّقة بموضوع النبيّ موسى عليه السلام وفرعون وإلّا فإنّه قد يؤدّي إلى وقوع المفسِّر في أخطاء.

    2- الدليل الروائي

    يمكن الاستدلال بالسنّة على مطلوبيّة تفسير القرآن بالقرآن من جهتين:

    أ- السنّة العمليّة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ، حيث استخدموا هذه الطريقة عمليّاً.


    74
    ب- الأحاديث الخاصّة الّتي أشارت إلى هذا الأمر، ومنها:

    ما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ القرآن ليصدّق بعضه بعضاً فلا تكذبوا بعضه ببعض"
    13.

    وقال الإمام عليّ عليه السلام: "وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعي لسانه، وبيت لا تُهدم أركانه، وعزّ لا تهزم أعوانه.. كتاب الله تبصرون به، وتنطقون به، وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض، ولا يختلف في الله ولا يخالف بصاحبه عن الله"
    14 .

    3- الدليل العقلي

    من أجل فهم أيّ كلام لا بُدّ من مراعاة القرائن الموجودة فيه، فإذا جاء ذكر أحد المطالب بصورة مطلقة وعامّة، وفي مكان آخر بصورة مقيّدة وخاصّة، فلا بدّ من النظر إلى الكلام بصورة كلِّية باعتباره مجموعة كاملة، وهذه هي طريقة العقلاء في فهم أيّ كلام.

    والقرآن الكريم غير مستثنى، من هذه القاعدة، وهذا هو نفس الشيء الّذي يُعرف باسم تفسير القرآن بالقرآن، يعني الاستفادة من بعض الآيات كقرائن لفهم وتفسير آيات أخرى، والشارع المقدّس لم يمنع من هذه الطريقة العقلائية، بل قام بتأييدها طبقاً للأحاديث السابقة. وعندما نراجع طريقة الأئمّة عليه السلام والصحابة والتابعين ومفسِّري القرآن على طول التاريخ نرى أنّهم استخدموا هذه الطريقة، أي الاستفادة من بعض الآيات في فهم آيات أخرى. ومن خلال استمرار طريقتهم هذه نستدلّ على جواز هذا المنهج بالإضافة إلى عدم وجود منع من الشارع.


    75
    حجيّة ظواهر القرآن

    يتوقّف تفسير القرآن على بعض المسلَّمات ومنها حجّية ظواهر القرآن، حيث يمكن للمفسِّر أن يستدلّ بظواهره.

    والمراد من ظاهر القرآن الكريم هو المعنى الّذي يفهمه العارف باللغة العربية بموجب القوانين الثابتة عند أهل العرف وأبناء اللغة من اللفظ.

    ومذهب المشهور من علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام حجيّة ظواهر القرآن الكريم، واستدلّوا على ذلك بوجوه منها:

    أ - أنّ القرآن نزل بلسانٍ عربي مبين.

    ب - أنّ القرآن معجزة الإسلام الخالدة.

    وقد تحدّى الباري عزّ وجلّ المشركين على الإتيان بسورة من مثله، ولا معنى للتحدّي إلّا إذا فرض أنّ الّذين تحدّاهم القرآن كانوا يفهمون معانيه من خلال ظواهره.

    ج - حديث الثقلين

    والقاضي بضرورة التمسّك بالقرآن والعترة، ومعنى التمسّك بالقرآن ليس مجرّد الاعتقاد بأنّه قد نزل من عند الله تعالى، بل الأخذ به والعمل بما فيه من أوامر ونواهي والاستناد إليه في كلّ اعتقاد أو قول أو فعل.

    د- روايات العرض على القرآن

    فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ على كلّ حقٍّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق


    76
    كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه" 15، وعن الإمام الصادق عليه السلام: "كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة، وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف"16 فإنّ أخبار العرض على القرآن خير شاهد على إمكان فهم معانيه.

    أمّا الأخباريون فقد استدلّوا على عدم حجّية ظواهر القرآن بما يلي:

    1- إنّ فهم القرآن مختصّ بأهله، وهم المخاطبون الحقيقيّون به، وهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام.

    2- إنّ القرآن يحتوي على مضامين عالية وعميقة لا يفهمها إلّا الراسخون في العلم، ولا تنالها الأفكار العاديّة للناس.

    3- إنّ القرآن الكريم يشتمل على آيات متشابهة وهو ما يؤدّي إلى المنع عن اتباع ظواهر الكتاب.

    4 - إنّنا نعلم علماً إجماليّاً بوجود مخصِّصات ومقيّدات لكثير من ظواهر القرآن الكريم ممّا يعني عدم إمكانيّة التمسّك بالظواهر القرآنية.

    وأجاب علماء الأصول عن هذه الإشكالات بإجابات، منها:

    1- المقصود من اختصاص فهم القرآن بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليه السلام ، وأنّهم المخاطبون الحقيقيّون هو الفهم الكامل للقرآن أعمّ من المحكم والمتشابه، والمنع من الاستقلال بالفتوى دون مراجعة الروايات، وأمّا بعد مراجعة القرائن النقلية، أو بعد البحث وعدم العثور على روايات معتبرة، فلا يوجد مانع من الأخذ بظواهر القرآن الكريم، إضافة إلى ذلك فإنّ الروايات نفسها قد أرجعتنا إلى القرآن والاستدلال به. كما في رواية عبد الأعلى مولى آل سام،


    77
    قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام: عثرت فانقطع ظفري، فجعلت على إصبعي مرارة، فكيف أصنع بالوضوء؟ قال عليه السلام: "يُعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزّ وجلّ، قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ17 امسح عليه"18.
    2- لا يوجد تعارض بين وجود مضامين عالية وصعبة الفهم في القرآن، والرجوع إلى الظواهر الواضحة والاستدلال بها.

    3- إنّ ظواهر القرآن ليست من المتشابهات، أي إنّ المقصود من المتشابهات هنا هو الآيات المجملة، ولكن ظواهر القرآن ليست مجملة ولا متشابهة.

    4- إنّ الأخذ بظواهر القرآن يكون بعد مراجعة المخصِّصات والمقيِّدات والروايات الأخرى، وعندها ينحلّ العلم الإجمالي ويرتفع حينئذ المانع من الأخذ بالظواهر.


    78

  • #2
    الدرس السابع: تطبيقات عملية
    أهداف الدرس

    1-
    أن يتعرّف الطالب إلى الأنواع المتعدّدة من أنواع تفسير القرآن بالقرآن
    2- أن يتعرّف إلى بعض النماذج التطبيقية لهذه الأنواع


    81
    تمهيد

    يعتبر "تفسير القرآن بالقرآن" منهجاً كلّياً يتضمّن تحته مصاديق وطرقاً فرعية متعدِّدة يستفيد منها المفسِّرون في التفسير، وإنّ معرفة هذه الطرق تساعد المفسِّر على تقديم تفسير جامع لآيات القرآن الكريم.

    ولكي تتوضّح صورة الاستدلال عند المفسِّر للقرآن بالقرآن، سوف نشير إلى أهمّ هذه الأنواع وأكثرها شيوعاً، مع الأمثلة والنماذج التوضيحية لهذا المنهج.

    الطرق الفرعية لمنهج تفسير القرآن بالقرآن

    1- إرجاع المتشابهات إلى المحكمات

    تنقسم آيات القرآن إلى آيات محكمة ومتشابهة
    1 ، وتعتبر الآيات المُحكَمة هي الأساس والمرجع للآيات القرآنية، ولا بُدّ من إرجاع الآيات المتشابهة إليها لكي يتّضح معناها، أو يتعيّن أحد احتمالاتها.

    83
    مثال: توجد بعض الآيات في القرآن يدلّ ظاهرها على التجسيم؛ مثل الآيات الّتي تصف الله سبحانه وتعالى بأنّه: "سميع" و"بصير"2 ، والآية الشريفة ï´؟يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْï´¾3 ، ولا بد من إرجاع مثل هذه الآيات إلى الآيات المحكمة مثل الآية: ï´؟َليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌï´¾4 حيث يتّضح معناها في ضوء هذه الآية وأمثالها، فعندما نقارن الآيات المذكورة مع الآيات المحكمة، فسوف يتبيّن أنّ المقصود باليد هنا ليست هي اليد الجسمانية بل هي كناية عن شيء آخر كالقدرة مثلاً. وعلى هذا يمكن تفسير الآية ï´؟يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْï´¾ بمعنى قدرة الله.

    2- الجمع بين الآيات المطلقة والمقيّدة

    جاءت بعض الآيات بصورة مطلقة بدون قيد في حين ذُكرت آيات أُخرى مقيّدة ببعض القيود؛ فتفسير الآيات المطلقة بدون النظر في الآيات المقيّدة غير صحيح ولا يكشف عن المراد الجدّي للمتكلِّم، وبعبارة أخرى إنّ الآيات المقيِّدة مفسِّرة للآيات المطلقة، فمثلاً جاء ذكر الصلاة في بعض الآيات بصورة مطلقة
    ï´؟وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَï´¾5 ، في حين قُيّد هذا الإطلاق بزمان خاص في آيات أخرى كما في الآية: ï´؟أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرï´¾6.

    3- الجمع بين العام والخاص

    جاءت ألفاظ بعض الآيات على جهة العموم والشمول لأفراد كثيرين، وذلك باستعمال بعض ألفاظ العموم، مثل كُلّ، في حين خصَّصَت آيات أخرى هذا


    84
    العموم. وبما أنّ تفسير القرآن هو تعيين المراد الإلهي وتوضيح الآية بصورة كاملة، فإنّ هذا لا يحصل إلّا بوضع الخاصّ بجانب العامّ. وبعبارة أخرى إنّ الآيات الخاصّة تُفسِّر وتبيِّن العموم في الآيات الأخرى، فمثلاً جاء ذكر الزواج بصورة مطلقة في الآية: ï´؟فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءï´¾7 واستثنيت موارد خاصّة في الآية الكريمة:ï´؟وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ.......ï´¾8 ففي الآيات الأولى وردت الرخصة في الزواج من جميع النساء، أمّا في الآيات الأُخرى فقد استثنيت الأم والأخت وزوجة الأب و...

    4- توضيح الآيات المجملة بواسطة الآيات المبيّنة

    وردت بعض الآيات في القرآن الكريم بصورة مختصرة ومجملة، فيما جاء بيان هذا الموضوع بصورة مفصّلة في مكانٍ آخر. فالمجموعة الثانية من الآيات تُفسِّر الآيات الأولى. وقد لا يُفهم المعنى والمراد من الآيات المجملة دون الرجوع إلى الآيات المبيّنة، وحينئذٍ لا يكون التفسير صحيحاً.

    المثال الأوّل:أشار القرآن الكريم إلى مسألة أكل لحوم الحيوانات بقوله:
    ï´؟أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْï´¾9 وقال في آية أخرى: ï´؟حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرï´¾10. ففي الآية الأولى جاء تحليل لحوم بعض الحيوانات بصورة مجملة، وأنّه سوف يأتي تحريم بعض أنواع اللحوم في المستقبل؛ وقد بُيّنت هذه الموارد في الآية الأخرى؛ فهنا تكون الآية الثانية مفسِّرة للآية الأولى.

    85
    المثال الثاني: وردت ثلاثة تعابير في شأن ليلة القدر في القرآن الكريم وهي:

    ï´؟إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍï´¾11.

    ï´؟إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِï´¾12.

    ï´؟شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنï´¾13.

    وعند وضع الآيات الثلاث معاً نستنتج أنّ القرآن نزل في ليلة القدر وهي ليلة مباركة من ليالي شهر رمضان. ومثل هذا التفسير الكامل لا يحصل بقراءة الآيات بصورة منفصلة، بل لا بُدّ من ضمّ الآيات بعضها إلى بعضها الآخر.

    5- الاستفادة من سياق الآيات

    السياق عبارة عن: نوع خاصّ للألفاظ أو العبارات أو الكلام يظهر على أثر اقترانه مع كلمات وجمل أخرى.

    ويُعدّ اتصال الكلام وارتباطه واعتماد قرينة السياق على فهم كلام الأفراد من الأصول العقلائية المعتمدة في جميع اللغات. فالمفسِّرون يعتمدون على هذه القرينة أيضاً في فهم آيات القرآن ويعتبرونها قرينة ظنيَّة.

    والسياق له عدّة أقسام: فربما يكون السياق سياق كلمات، أو سياق جمل، أو سياق آيات، وسنوضح ذلك بأمثلة:

    المثال الأوّل: كلمة "الدِّين" لها معانٍ متعدّدة يتحدّد أحدها من خلال السياق ففي الآية:
    ï´؟مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِï´¾، جاء الدِّين هنا بمعنى يوم الجزاء حيث يجزي

    86
    الله العباد يوم القيامة، واستفدنا هذا المعنى من السياق، في حين جاء لفظ "الدِّين" في آيات أخرى بمعنى الشريعة14 ، لأنّ هذا المعنى هو مقتضى سياق تلك الآيات.

    المثال الثاني: قال تعالى:
    ï´؟إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِï´¾15 وقد جاء في نهاية هذه الآيات: ï´؟ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُï´¾16.

    فإذا أخذنا بظاهر هذه الآية دون الالتفات إلى سياق الآيات المتقدّمة لفُهِم منه أنّ الله سبحانه وتعالى يخاطب شخصاً محترماً وعزيزاً، أمّا إذا أخذنا بنظر الاعتبار الآيات المتقدّمة فسوف يتبيّن أنّ هذا الشخص (الذي اعتُبر عزيزاً كريماً في ظاهر الآية) ما هو إلّا ذليل حقير.

    المثال الثالث: قال تعالى:
    ï´؟وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَï´¾17.

    وللمفسِّرين رأيان في معنى اللهو:

    اعتبر بعض المفسِّرين أنّ معنى اللهو في هذه الآية هو المرأة والولد وهي إشارة إلى نفي عقائد المسيحيين الّذين يعتقدون أنّ لله زوجةً وولداً.

    والمجموعة الأخرى ذهبت إلى أنّ معنى اللهو التسلّي، أو الأهداف غير المعقولة. وعلى هذا يكون معنى الآية أنّ هدف الخالق ليس هو التسلّي.


    87
    وقد تمسّك أصحاب الرأي الثاني بالسياق لردّ الرأي الأوّل؛ لأنّ ارتباط الآية أعلاه بالآيات السابقة سينقطع على الرأي الأول، إضافةً إلى أنّ كلمة "اللهو" إذا جاءت بعد كلمة "اللعب" فتعني التسلّي وليس المرأة والولد.

    6- تحديد معاني الاصطلاحات القرآنية بالاستعانة بالآيات الأخرى

    توجد في القرآن الكريم اصطلاحات خاصّة خارجة عن معناها اللغوي، فلا يمكن تفسيرها بمراجعة كتب اللغة، بل يجب مراجعة الآيات الأخرى ومعرفة لغة القرآن.

    الأمثلة: مصطلح الجن: المعنى اللغوي هو "المستور، المخفي" وفي اصطلاح القرآن هي موجودات عاقلة لا تُرى بالعين.

    "الكافر": بمعنى الساتر، أما في اصطلاح القرآن فتطلق على الشخص الّذي ينكر وجود الله، أو يوم القيامة أو.. وقد تأتي بمعنى عدم الشكر.

    "الآية": تعني العلامة، أمّا في القرآن فقد تأتي بمعنى الآية القرآنية أو المعجزة وهناك اصطلاحات أُخرى مثل الصلاة، الزكاة، الجهاد.. ويفهم معناها الاصطلاحي بالتدبّر في آيات القرآن.

    7- جمع الآيات الناسخة والمنسوخة

    لقد جاءت بعض الآيات لتبيّن بعض الأحكام ثمّ أُنزلت آيات أخرى (على أساس المصلحة والشرائط الجديدة) ونسخت الآيات السابقة وشرّعت أحكاماً جديدة. وثمّة اختلاف بين المختصِّين في علوم القرآن في عدد الآيات المنسوخة.

    وعلى المفسِّر حين يشرع في تفسير الآية أن يأخذ بنظر الاعتبار الآيات الناسخة والمنسوخة، وإلّا فسوف يكون تفسيره تفسيراً ناقصاً.


    88
    مثال: ورد الأمر في سورة المجادلة بأنّ على المؤمنين أن يتصدّقوا في حالة وجود كلام خصوصي لهم مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يعمل بهذا الحكم إلّا الإمام عليّ عليه السلام ، وقد نُسخ هذا الحكم في الآيات الأخرى18 ، وعلى هذا فبيان الحكم الأوّل بدون ذكر الناسخ في الآية الأُخرى يكون تفسيراً ناقصاً.

    8- الالتفات إلى الآيات المشابهة (من حيث اللفظ أو المحتوى)

    القرآن الكريم كتاب هداية وتربية، فقد يطرح الموضوع الواحد في عدّة سور وتتناول كلّ سورة من السور جانباً من جوانب هذا الموضوع بصورة قد تتشابه في التفسير، فإذا أراد المفسِّر الشموليّة في فهم الموضوع، عليه أن يضع الآيات بعضها مع بعضها الآخر حتّى يتّضح معناها.

    فقد تأخذ هذه الطريقة في الواقع اسم التفسير الموضوعي كما فعل ذلك آية الله مكارم الشيرازي في كتابه التفسيري (نفحات القرآن) وآية الله السبحاني في كتاب (مفاهيم القرآن)، أو قد تأخذ طابع التفسير الترتيبي فيما إذا قام المفسِّر بجمع آيات الموضوع الواحد في موارد مختلفة من التفسير، كما استخدم العلامة الطباطبائي هذه الطريقة في تفسير الميزان.

    المثال الأوّل: قام العلامة الطباطبائي في الآية (29) من سورة البقرة بدراسة المباحث المتعلّقة بإعجاز القرآن والآيات الّتي جاءت حوله.

    المثال الثاني: طريقة تفسير القرآن بالقرآن لها ثمرات عمليّة كثيرة في تفسير القصص القرآني فقد ذكرت قصّة النبيّ آدم عليه السلام وإبليس في الآيات (20ـ 38) من سورة البقرة، والآيات (11ـ 25) من سورة الأعراف، وكذلك وردت قصّة النبيّ موسى عليه السلام وإبليس في الآيات (103ـ 155) من سورة الأعراف،


    89
    والآيات (90ـ 98) من سورة طه، والآية (10) من سورة الشعراء فما بعد، فقد تناولت كلّ من هذه السور أحد المواضيع بصورة مختلفة ومن أبعاد وزوايا متعدّدة، فنضطر حينئذٍ لمراجعة جميع هذه السور للحصول على تفسيرها بشكل شمولي.
    هوامش
    1- أنظر: في بيان معنى المحكم والمتشابه الدرس السابق (الأدلّة على تفسير القرآن بالقرآن).
    2- سورة الشورى، الآية: 11.
    3- سورة الفتح، الآية: 10.
    4- سورة الشورى، الآية: 11.
    5- سورة البقرة، الآيات: 43، 83، 110 والنساء، 77 و..
    6- سورة الإسراء، الآية: 78.
    7- سورة النساء، الآية: 3.
    8- سورة النساء، الآيتان: 22ـ 23.
    9- سورة المائدة، الآية: 1.
    10- سورة المائدة، الآية: 3.
    11- سورة الدخان، الآية: 3.
    12- سورة القدر، الآية: 1.
    13- سورة البقرة، الآية: 185.
    14- ï´؟هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِï´¾ (التوبة، الآية: 33)
    15- سورة الدخان، الآيات: 43-48.
    16- سورة الدخان، الآية: 49.
    17- سورة الأنبياء، الآيتان: 16ـ 17.
    18-وذلك في قوله تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَï´¾ (سورة المجادلة، الآيتان: 12ـ 13).


    يتبع

    تعليق


    • #3
      الدرس الثامن: منهج التفسير الروائي للقرآن الكريم
      أهداف الدرس

      1- أن يتعرّف الطالب إلى منهج التفسير الروائي
      2- أن يطّلع على الأدوار التاريخية للمنهج الروائي
      3- أن يطّلع على الآراء الرئيسة بالنسبة إلى مكانة الأحاديث في تفسير القرآن


      91
      تمهيد

      يُعتبر منهج التفسير الروائي من أقدم المناهج التفسيريّة وأكثرها شيوعاً. وهو أحد أقسام "التفسير بالمأثور" أو "التفسير النقلي". وللتفسير الروائي مكانة خاصّة بين المناهج التفسيريّة، وكان دائماً محطّ اهتمام المفسِّرين.

      وقد اتّخذ في بعض الأحيان اتجاهاً متطرِّفاً حيث إنّ بعض المفسِّرين لم يرتضِ إلّا هذا المنهج في التفسير ورفض بقيّة المناهج. وفي الواقع إنّ هناك اتجاهات مُخالفة لهذه الطريقة المتطرِّفة ومُعتدلة في استخدام هذا المنهج.

      وسوف نقوم هنا ببحث بعض الأمور المتعلِّقة بهذا المنهج وهي:

      معنى التفسير الروائي

      الرواية في الأصل تعني "النقل والحمل"، ورواية الحديث بمعنى نقل وتحمّل الحديث. وقد قسّم العلماء التفسير بالمأثور (التفسير النقلي) إلى أربعة أقسام:


      93
      1- تفسير القرآن بالقرآن.

      2- تفسير القرآن بالسُنّة.

      3- تفسير القرآن بأقوال الصحابة.

      4- تفسير القرآن بأقوال التابعين
      1.

      ولكنّ المقصود من التفسير الروائي هو تفسير القرآن بالسُنّة والّتي تعني "قول وفعل وتقرير" المعصوم (النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام )، أي إنّه قد يصدر عن المعصوم كلامٌ في تفسير آية، وقد يقوم بعمل (كالصلاة) يكون تفسيراً للآيات المتعلّقة بالصلاة، وقد يكون تقريراً من المعصوم وذلك فيما إذا صدر عن شخص كلام أو عمل عملاً طبقاً لبعض الآيات في حضور الإمام وأقرّه على ذلك، أي إنّ المعصوم يؤيّد هذا الكلام أو الفعل بسكوته عن ذلك الفعل أو القول.

      والحاصل: إنّ المقصود من منهج التفسير الروائي هنا هو استفادة المفسِّر من سُنَّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام ، والّتي تشمل قولهم وفعلهم وتقريرهم، لتوضيح معاني آيات القرآن ومقاصدها، وهذا المنهج يحقّق نتائج وآثاراً خاصّة أيضاً.

      ملاحظة: رغم أنّه يمكن الاستفادة من روايات الصحابة والتابعين في تفسير القرآن في موارد خاصّة، وأنّ الكثير من أقوالهم في التفسير يُعتبر نافعاً ومفيداً ولكن هناك اختلاف بين علماء المسلمين في حجيّة سننهم ومساحة اعتبار رواياتهم.


      94
      الأدوار التاريخية للمنهج الروائي

      يمكن تقسيم الأدوار التاريخية للتفسير الروائي إلى أربعة أدوار:

      1- عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم

      نشأ التفسير الروائي مُقارناً للوحي: لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هو أوّل مُفسِّر ومُبيِّن للقرآن، وقد جاء الأمر الإلهي بهذا الخصوص في قوله تعالى:
      ï´؟وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْï´¾2. الحقّ أنّ سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبيانهُ يرجع في جذوره إلى الوحي أيضاً، كما روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا وإنّي أُوتيت القرآن ومثله معه"3. فقد كان الصحابة يرجعون إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في تفسير القرآن ويأخذون منه معانيه. روي عن ابن مسعود أنّه قال: "كان الرجل منّا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوزهُنَّ حتّى يعرف معانيهنَّ والعمل بهنّ"4.

      وقد يكون عمله صلى الله عليه وآله وسلم تفسيراً للقرآن، كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال بشأن الصلاة: "صلّوا كما رأيتموني أُصلي"
      5 ، وروي عنه أنّه قال "خذوا عنّي مناسككم"6. وفي هذه الصورة تكون أفعال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تفسيراً لجزئيات الصلاة والحج.

      روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "إنّ الله أنزل على رسوله الصلاة، ولم يُسَمِّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتّى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الّذي فسَّر لهم ذلك"
      7. نعم لقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المسائل الّتي ذُكرت بصورة كليَّة في القرآن الكريم مثل (الصلاة، الصوم، الحج و..)، وكذلك وضّح موارد تخصيص العمومات

      95
      وتقييد المطلقات، وبيَّن الاصطلاحات الجديدة في القرآن، والناسخ والمنسوخ. وجميع هذه الأمور كانت تفسيراً للقرآن وصلتنا بواسطة الروايات والسُنَّة ولا تزال موجودة كمصادر للتفسير الروائي.

      2- عصر أهل البيت عليهم السلام


      استمرّت طريقة التفسير الروائي إلى عصر الأئمّة عليهم السلام. وكان الإمام عليّ عليه السلام تلميذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في التفسير يسمع ما يقوله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في تبيين آيات القرآن ويقوم بنقله وروايته، وقد اتّبع أهل البيت عليهم السلام هذا المنهج أيضاً، فكانوا ينقلون الأحاديث للناس عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والإمام عليه السلام ويستدّلون بها، وقد وصل عدد الروايات المرويّة عنهم عليهم السلام إلى بضعة آلاف وقد تصدّى أهل البيت عليهم السلام لتفسير القرآن لاطلاعهم على العلوم الإلهيّة؛ ولذا اعتُبرت سنّتهم (قولهم وفعلهم وتقريرهم) من مصادر التفسير وجزءاً من التفسير الروائي؛ وفي هذا الإطار سأل رجل الإمام الرضا عليه السلام فقال: إنّك لتفسِّر من كتاب الله ما لم يُسمع. فقال: "علينا نزل قبل الناس ولنا فُسِّر قبل أن يُفسَّر في الناس، فنحن نعرف حلاله وناسخه ومنسوخه و.."
      8 وقال في حديث آخر: "فإنّما على الناس أن يقرؤا القرآن كما أُنزل، فإذا احتاجوا إلى تفسيره فالاهتداء بنا وإلينا"9.

      وعلى هذا، قام أهل البيت عليهم السلام بتبيين مسائل متنوّعة في مجال الأمور الكليَّة الّتي وردت في القرآن وآيات الأحكام، المخصِّصات، المقيِّدات، الناسخ والمنسوخ، وكذلك تبيين باطن الآيات وتأويلها ومصاديقها.


      96
      3- عصر الصحابة والتابعين

      حظيت الروايات التفسيريَّة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام باهتمام الصحابة والتابعين، حتّى أنّ بعض الصحابة الكبار أمثال ابن عباس وابن مسعود كانوا لا يروْن أنفسهم مستغنين عن الإمام عليّ عليه السلام ، والاستفادة من علمه. وإنَّ كثيراً من أحاديث التفسير لابن عباس تلقّاها عن الإمام عليّ عليه السلام.

      وفي الحقيقة إنّ الصحابة والتابعين قاموا بتفسير القرآن أيضاً، وقد وصلتنا روايات كثيرة عن ابن عباس وغيره.

      يُذكر أنّ الروايات التفسيريَّة في هذه الفترة جُمعت بصورة تدريجيَّة باسم "كتب التفسير الروائي".

      4- عصر جمع وتأليف الروايات التفسيريَّة


      أوّل تدوين في هذه المجموعة عند الشيعة هو الكتاب المنسوب إلى الإمام عليّ عليه السلام ، والّذي ورد على شكل رواية مفصّلة في بداية تفسير النعماني
      10.
      وهناك كتاب آخر، هو مصحف عليّ بن أبي طالب، الّذي جاء فيه تأويل القرآن والتفسير وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ وهو مرتّب على حسب النزول، وإن كان هذا الكتاب ليس في متناول أيدينا الآن
      11.

      ثمّ التفسير المنسوب إلى الإمام الباقر عليه السلام (57 114هـ) المعروف بتفسير عليّ بن إبراهيم القمّي المنقول عن طريق أبي حمزة الثمالي وأبي الجارود، والتفسير المنسوب إلى الإمام الصادق عليه السلام (83 148هـ)، وتفسير فرات


      97
      الكوفي (كان حيّاً في سنة 307هـ)، والتفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام (232 260هـ).

      وقد جمعت الروايات الفقهيّة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام في مجاميع روائية مثل: الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار؛ كما دُوِّن في هذا الوقت تفسير جامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير الطبري (ت 320هـ)، وكذلك الصحاح الستّة لأهل السنّة.

      ثمّ واجهت حركة تدوين التفاسير ركوداً نسبيّاً من القرن الخامس إلى التاسع الهجري؛ فيما برزت التفاسير العقليّة والاجتهاديّة.

      وفي عصر كتابة التفاسير الجديدة، برز الاهتمام بالروايات التفسيريّة والّتي عادة ما تُبحث خلال التفسير أو بصورة منفصلة؛ كما فعل العلّامة الطباطبائي حيث يذكر البحث الروائي بعد كلّ مجموعة من الآيات.

      ملاحظة: لم تسلم الروايات التفسيريّة في عصر التدوين والجمع من ظاهرة الوضع، ووجود الإسرائيليات وتسلّل بعض الروايات الضعيفة؛ وهذا ما يستوجب الحذر والدقَّة عند الاستفادة من بعض الكتب الروائيّة.

      مكانة الروايات في التفسير

      يمكن تقسيم آراء العلماء حول مكانة وحدود الاستفادة من الروايات في التفسير إلى ثلاثة آراء:

      1- استقلال القرآن وعدم احتياجه إلى الأحاديث في التفسير:

      ومنشأ هذا الرأي هو أنّ القرآن نزل بلسانٍ عربي مبين، وأنّ العقل يكفي لفهم القرآن ولا يحتاج إلى الأحاديث لتفسيره.


      98
      وهذا الرأي يتعارض مع ما جاء في قوله تعالى: ï´؟وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْï´¾12 ، وكذا حديث الثقلين، ويمكن أن يقال بأنّ الجذور التأريخية لهذا الرأي ترجع إلى شعار "حسبنا كتاب الله"، الّذي رُفع في عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والّذي أصرّ على فصل القرآن عن أهل البيت عليهم السلام.

      2- عدم جواز تفسير القرآن إلّا بالروايات:


      وهو الرأي المتطرِّف المنسوب إلى الأخباريين، وقد ناقشناه في مبحث تفسير القرآن بالقرآن.

      3- اتخاذ الروايات وسيلة وقرينة لتفسير آيات القرآن:


      وهو الرأي المعتدل والمختار، والّذي يعتبر الروايات الشريفة قرائن لتفسير القرآن، وأدوات لتوضيح معاني ومقاصد الآيات، ولها استخدامات متنوّعة في التفسير، كما هو الحال بالنسبة إلى القرائن العقلية وآيات القرآن. فأحاديث أهل البيت عليهم السلام لا يمكن أن تفترق عن القرآن لأنّه الأصل والروايات هي الفرع لذلك الأصل.

      وفي الختام يُمكن أن يُقال إنّ سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام تعتبر مصدراً لتفسير القرآن من جهة، ومن جهةٍ أخرى تكون قرينة ووسيلة للتفسير ولا يوجد تنافي بين الإثنين.

      تعليق


      • #4
        الدرس التاسع: ملاحظات على التفسير الروائي
        أهداف الدرس

        1 ـ
        أن يتعرّف الطالب إلى آفّات التفسير الروائي
        2- أن يطّلع على بعض كتب التفسير الروائي
        3- أن يطّلع على نموذج من أصحاب التفسير الروائي


        101
        تمهيد

        علمنا أنّ التفسير النقليّ يشمل ما كان تفسيراً للقرآن بالقرآن، وما كان تفسيراً للقرآن بالسنّة، وما كان موقوفاً على الصحابة، أو المرويّ عن التابعين، أمّا تفسير القرآن بالقرآن بعد وضوح الدلالة فهو ممّا لا خلاف فيه، وكذلك بما ثبت من السنّة الصحيحة.

        وأمّا ما أُضيف إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أو إلى أحد الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، وكان في سنده ضعف أو في متنه وهن، فذلك مردود غير مقبول، ما دام لم تصحّ نسبته إلى المعصوم عليه السلام.

        وأمّا تفسير القرآن بالمروي عن الصحابة والتابعين، فقد تسرّب إليه الخلل، وتطرّق إليه الضعف والوهن الكثير، إلى حدّ كاد يفقدنا الثقة بكلّ ما روي من ذلك.

        أسباب الوهن في التفسير الروائي

        وعلى أيّ تقدير فأسباب الوهن في التفسير الروائي تعود إلى الأمور الثلاثة التالية:


        103
        1- ضعف الأسانيد

        ممّا يوجب الوهن في التفسير الروائي، ضعف الأسانيد بكثرة المجاهيل أو ضعاف الحال أو الإرسال أو حذف الإسناد رأساً، وما إلى ذلك ممّا يوجب ضعف الطريق في الحديث المأثور.

        2- الوضع في التفسير

        كان الوضع والدسّ من أهمّ أسباب الوهن في التفسير الروائي، وكانت الدواعي متوفّرة للدّسّ والاختلاق في المأثور من التفسير، إلى جنب الوضع في الحديث، فهناك أسباب سياسيّة وأخرى: مذهبيّة وكلاميّة، وربّما عاطفيّة.

        وقد تفعّل ذلك على يد معاوية، حيث كان يجعل الجعائل على وضع الحديث أو قلبه تمشية لسياسته الغاشمة ذلك الحين، وراج ذلك طوال عهد الأمويّين وبعدهم في عهد العبّاسيين.

        وأمّا أهم أسباب الوضع بشكل عامّ:

        وهذه الأسباب الّتي سنوردها لها تأثير بشكل ولو غير مباشر على الأحاديث الّتي تفسّر القرآن الكريم أو ترتبط به بوجه، وهي:

        1ـ ما وضعه الزنادقة اللابسون لباس الإسلام غِشّاً ونفاقاً، وقصدهم بذلك إفساد الدِّين وإيقاع الخلاف والافتراق بين المسلمين، قال حمّاد بن زيد: وضعت الزنادقة أربعة آلاف حديث
        1 ، وروى ابن الجوزيّ بإسناده إلى حمّاد بن زيد، يقول: وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعة عشر ألف حديث2.

        وهذا يعني أن هناك عدداً من الأحاديث لا يمكن الاستدلال بها في التفسير.


        104
        2ـ الوضع لنصرة المذاهب في أصول الدِّين وفروعه، فقد جعل العديد من أصحاب المذاهب يستفرغ ما بوسعه لإثبات مذهبه ودعم عقيدته.

        3ـ وضع الحديث تزلّفاً لدى الأمراء، فمثلاً كان الرشيد يعجبه الحمام واللهو به، فأُهدي إليه حمام، فروى له أبو البختريّ عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا سبق إلّا في خفّ أو حافر أو جناح. فزاد جناح
        3.

        4ـ الوضع نزولاً مع سياسة الطغاة، فقد حثّ معاوية قوماً من الصحابة والتابعين، على رواية أخبار قبيحة في الإمام عليّ عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم أموالاً طائلة مقابل ذلك، ومن هؤلاء: أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين عروة بن الزبير.

        5ـ الوضع نزولاً مع رغبة العامّة، ورغبة في ما بأيديهم من حطام الدنيا. وهذه مهنة القصّاصين. وفي الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "قد كثرت عليّ الكذّابة وستكثر. فمن كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار. فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنّتي، فما وافق كتاب الله وسنّتي فخذوه، وما خالف كتاب الله وسنّتي فلا تأخذوا به"
        4.

        3- الإسرائيليات

        كانت العرب منذ أوّل يومها تزعم أنّ أهل الكتاب، ولا سيّما اليهود القاطنين بين أظهرهم، أهل دين وثقافة ومعرفة بشؤون الحياة، ومن ثمّ كانوا يراجعونهم فيما تتوق إليه نفوسهم في معرفة شؤون الخليقة وتواريخ الأمم السالفة والأنبياء وما إلى ذلك.


        105
        وبعد ظهور الإسلام حثّ القرآن الكريم العرب على مسائلة أهل الذكر والكتاب بالنسبة إلى علامات نبوّة النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم. قال تعالى: ï´؟فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَï´¾5.

        وقد حسب بعض المسلمين الأوائل، أنّ ذلك تجويز لهم أيضاً في مراجعة اليهود، وسؤالهم عن بعض شؤون الشريعة ومعارفها.

        من هنا جاء النهي عن مراجعة أهل الكتاب من القرآن والسنّة
        6.

        ومن أشهر من روى الإسرائيليات:

        1ـ عبد الله بن سلام:
        كان حبراً من أحبار اليهود، فأسلم عند مقدم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، وكان عبد الله بن سلام ممّن يحوك الأحاديث ليستجلب أنظار العامّة ليرفع منزلته لديهم، من ذلك ما حاكه حول صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التوراة، فكان يذكر من أوصاف الرسول الراهنة، ويقول: وجدتها كذلك في التوارة
        7 ، وكان يدّعي أنّه أعلم اليهود وأخبرهم بكتب السالفين.

        2ـ تميم بن أوس الداريّ:
        جاء مع عشرة نفر من بني عبد الدار على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد منصرفه من تبوك سنة (9هـ) فأسلم مع أخيه وكانا نصرانيّين، وقيل عنه: كان تميم راهب عصره وعابد فلسطين وقد بالغ أصحاب التراجم بشأنه وذكروا له كرامات ومناقب من نسج الخيال، وهذا الكاهن المسيحي والّذي بقيت معه نزعته المسيحيّة إلى ما بعد إسلامه هو أوّل من سنّ القصّ في المسجد، وذلك على عهد عمر بن الخطاب.

        3ـ كعب الأحبار:
        من كبار أحبار اليهود، كان أبوه كاهناً، ولد قبل الهجرة


        106
        باثنتين وسبعين سنة، وأسلم بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أوائل خلافة عمر، وهلك أيّام عثمان سنة (32هـ).

        اصطفاه معاوية وجعله من مستشاريه، وأمره أن يقصّ في بلاد الشام، وبذلك أصبح أقدم الأخباريين في موضوع الأحاديث اليهوديّة والمتسرّبة إلى الإسلام والّتي تحتوي على طائفة من أقاصيص التلمود الإسرائيليّات وما لبثت هذه الروايات أن أصبحت جزءاً من الأخبار التفسيريّة والتاريخيّة في حياة المسلمين.

        4ـ عبد الله بن عمرو بن العاص: أسلم قبل أبيه عمرو، وعمرو أسلم قبل الفتح سنة ثمان، ولد عبد الله قبل الهجرة بسبع سنين، ومات سنة (65هـ).

        هو أوّل من أشاع الإسرائيليّات بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ويبرّر ذلك بما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: "حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"
        8.

        5ـ أبو هريرة: لم يُعرف أصله ولا نسبه ونشأته، ولا شيء من تاريخه قبل إسلامه، غير ما ذكر هو عن نفسه، من أنّه كان يلعب بهرّةٍ صغيرة وأنّه كان معدماً فقيراً، يخدم الناس على شبع بطنه.

        أخذ العلماء على أبي هريرة كثرة حديثه عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، مع قلّة صحبته وقلّة بضاعته حينذاك، ومن ثمّ رموه بالتدليس والاختلاق. كان يسمع الحديث من أحد الصحابة ثمّ يدلّس، فيرفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

        وكان كثيراً ما يسمع الحديث من أهل الكتاب ولا سيّما كعب الأحبار، فيسنده إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد كبار صحابته تدليساً وتمويهاً على العامّة.

        6ـ وهب بن منبّه: ولد سنة (34هـ) ومات سنة (110هـ).


        107
        7ـ محمّد بن كعب القرطبي: ولد سنة (39هـ) ومات سنة (117هـ).

        8ـ ابن جريج: من أصل رومي نصراني (80ـ 150هـ)
        9.

        أهمّ كتب التفسير الروائي

        أمّا عند الشيعة - غير ما تقدّم في ص 99- 100, تفسير فرات الكوفي (كان حيّاً سنة 307هـ)، وتفسير العيّاشي (ت: حوالي 320هـ)، تفسير النعماني (ت: 342هـ)، وتفسير الصافي (للفيض الكاشاني، ت: 1091هـ)، والبرهان (السيد هاشم البحراني، ت: 1107هـ)، ونور الثقلين (لعلي بن جمعة الحويزي، ت: 1112هـ).

        أمّا عند السنّة فهناك جامع البيان لإبن جرير (ذهب البعض إلى كونه من الشيعة) (ت: 310هـ)، والدّر المنثور في التفسير بالمأثور (لجلال الدِّين السيوطي، ت: 911هـ)، وهذان التفسيران يحتويان على روايات ضعيفة وموضوعة فضلاً عن الإسرائيليات، وتفسير ابن كثير (ت: 774هـ).

        نموذج عن أصحاب التفسير بالمأثور

        الطبري صاحب جامع البيان


        هو أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (224 310هـ) نسبة إلى طبرستان، ولد بآمل من بلاد مازندران إيران، رحل إلى بغداد واستقرّ بها ونشر علمه هناك حتّى توفّاه الله.

        يعتبره بعضهم أباً للتفسير وكذلك للتاريخ لجامعيّة تفسيره واستقصائه لآراء السلف وأقوالهم وعلى الرغم من ذكره للإسرائيليّات، واحتوائه على الروايات الضعاف،


        108
        يُعدّ من أهمّ المراجع التفسيريّة الجامعة لآراء السلف عند السنّة، ولولاه لربّما ضاعت أكثر تلكم الآراء.

        منهجه في التفسير ونقد الآراء

        إنّه يذكر الآية أوّلاً ثمّ يعقّبها بتفسير غريب اللغة فيها، أو إعراب مشكلها، وربّما يستشهد بأشعار العرب وأمثالهم، وبعد ذلك يتعرّض لتأويل الآية، أي تفسيرها على الوجه الراجح، فيأتي بحديث أو قول مأثور إن كان هناك رأي واحد، وأمّا إذا ازدحمت الآراء، فعند ذلك يذكر كلّ تأويل على حدة، وربّما رجّح لدى تضارب الآراء أحدهما وأتى بمرجّحاته.

        موقفه تجاه أهل الرأي في التفسير

        إنّه يقف في وجه أهل الرأي في التفسير موقفاً عنيفاً، ويرى ذلك مخالفة بيّنة لظاهر دلائل الشرع، ويشدّد في ضرورة الرجوع إلى العلم المأثور عن الصحابة والتابعين، وأنّ ذلك وحده هو علامة التفسير الصحيح.

        موقفه تجاه أهل الظاهر

        كان الطبري إذا رأى من ظاهر النقل ما يتنافى مع العقل، يعمد إلى التأويل بوجهٍ مقبول، ويستنكر على أولئك الّذين يقتنعون بظاهر التعبير من غير تعقّل أو تحصيل.

        نراه عند تفسير الاستواء من سورة البقرة
        10 يواجه آراءً يستنكرها ويؤوّل الآية بما لا يستدعي التحيّز في ذاته تعالى، الأمر الّذي استنكره عليه مشايخ الحنابلة ببغداد.

        109
        موضع ولائه لآل البيت عليهم السلام

        لم نجد علماً من أعلام الأمّة إلّا وهو خاضع لولاء آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لذا يقول عنه الذهبي: الإمام الجليل المفسّر، ثقة صادق، فيه تشيّع وموالاة لا تضر
        11 ّ أي تشيّع من غير مغالاة. ومن ثمّ فآثار هذا التشيّع والولاء بادية أثناء تفسيره الجامع وكذا تاريخه الكبير، ومن الشواهد على ذلك تفسيره لآية التطهير (الأحزاب: 33) حيث يروي ستّة عشر حديثاً مسنداً مؤكّداً أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين خاصّة12 ، وصنّف كتاباً في مجلّدين بشأن حديث الغدير، وله تأليف آخر بشأن حديث "الطير المشوي" في فضل الإمام عليّ عليه السلام.

        وذُكر أنّه دُفن ليلاً خوفاً من العامّة، لأنّه كان يُتّهم بالتشيّع، ومع ذلك اجتمع على جنازته من لا يُحصى عددهم.

        تعليق


        • #5
          الدرس العاشر: التفسير في عهد الصحابة (ابن عباس نموذجاً)
          أهداف الدرس

          1-
          أن يعدِّد الطالب إلى أهمّ الصحابة المعروفين في التفسير
          2- أن يطّلع على ابن عباس نموذجاً في التفسير


          113
          تمهيد

          لا شكّ أنّ الصحابة، ممّن
          ï´؟رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُï´¾1 كانوا هم مراجع الأمّة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إذ كانوا حاملي لوائه ومصادر شريعته إلى الملأ، نعم كانوا على درجات من العلم والفضيلة، ولا يشكّ أحد بأنّ الإمام عليّ عليه السلام الّذي ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير2 كان في صدارة هؤلاء الصحابة والتلامذة النجباء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعرف من أسباب النزول ما لا يعرفه أحد لملازمته للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

          المفسّرون من الصحابة

          اشتهر بالتفسير من الصحابة أربعة، لا خامس لهم في مثل مقامهم في العلم بمعاني القرآن، وهم؛ عليّ بن أبي طالب عليهما السلام: وكان رأساً وأعلم الأربعة، وعبد الله بن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وعبد الله بن عباس، كان أصغرهم وأوسعهم باعاً في نشر التفسير.

          ولهذا نرى أنّه من الضروري الإطلالة الإجمالية على دور هذه الشخصيّات في علم التفسير، ونختم الكلام بنموذج شبه تفصيلي.


          115
          من أعلم الصحابة بمعاني القرآن

          1ـ الإمام عليّ بن أبي طالب عليهما السلام

          قال ابن عباس: جلّ ما تعلّمت من التفسير، من عليّ بن أبي طالب عليه السلام. وقال: عليٌّ عَلِمَ علماً علّمه رسول الله، ورسول الله علّمه الله فعِلم النبيّ من عِلم الله، وعلم عليّ من علم النبيّ، وعلمي من علم عليّ عليه السلام. وما علمي وعلم أصحاب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم في علم عليّ إلّا كقطرة في سبعة أبحر3.

          وقال ابن مسعود: إنّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلّا وله ظهر وبطن، وإنّ عليّ بن أبي طالب عنده من الظاهر والباطن4.

          ويصف الإمام عليه السلام نفسه وموضعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: "سلوني عن كتاب الله، فإنّه ليست آية إلّا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أو جبل"5. "والله ما نزلت آية إلّا وقد علمت فيمَ نزلت، وأين نزلت إنّ ربّي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً"6.

          2ـ عبد الله مسعود


          هو من السابقين إلى الإيمان، وأوّل من جهر بالقرآن بمكّة، وأوذي في الله من أجل ذلك، وكان من أحفظ الناس لكتاب الله، وكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يُحبُّ أن يسمع القرآن منه، وكانت له مكانة سامية في التفسير لذا كان يقول: "والّذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله إلّا وأنا أعلم فيم نزلت وأين نزلت" وروي عنه الكثير لا سيّما من قبل كبار المفسِّرين من التابعين، والمتّفق عليه أنّه أخذ العلم من عليّ عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس من غيره بتاتاً. وكان ابن مسعود ممّن


          116
          شدّ وثاقه بولاء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لم يشذّ عن طريقتهم المُثلى منذ أوّل يومه إلى آخر أيّام حياته7.

          3ـ أُبيّ بن كعب

          أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجّار.

          عدّه الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله8 بهذا العنوان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال يكنّى أبا المنذر شهد العقبة مع السبعين وكان يكتب الوحي، آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. شهد بدراً والعقبة وبايع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ومثله بحذف اسم آبائه إلى كنيته ما في الخلاصة في قسم المعتمدين9 ، وقد نقل عنه في التفسير الكثير.

          4ـ عبد الله بن عباس

          حبر الأمّة وترجمان القرآن وأعلم الناس بالتفسير تنزيله وتأويله تلميذ الإمام عليّ عليه السلام ، وقد بلغ من العلم مبلغاً قال في حقّه الإمام عليّ عليه السلام: "كأنّما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق"10. ولا غرو في ذلك فإنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد دعا له بقوله: "اللهم فقّهه في الدِّين وعلّمه التأويل"11 وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ولكلّ شيء فارس، وفارس القرآن ابن عباس"12.

          ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وتربّى في حِجر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ الإمام عليّ عليه السلام ،


          117
          ومن ثمّ كان من المتفانين في ولاء الإمام عليه السلام.

          وكان يراجع سائر الاصحاب ممّن يحتمل عنده شيء من أحاديث الرسول وسُننه، فكان يأتي أبواب الأنصار ممّن عنده علم من الرسول، ويستطرق الأبواب لكبار الصحابة ليسأل عمّا يريد. قيل لطاووس13: لزمْتَ هذا الغلام يعني ابن عباس لكونه أصغر الصحابة يومذاك وتركْتَ الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال: "إنّي رأيت سبعين رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس"14.

          وله في فضائل أهل البيت ولا سيّما الإمام عليّ عليه السلام أقوال وآثار باقية، إلى جنب مواقفه الحاسمة، ويكفيك أنّه من رواة حديث الغدير، مفسِّراً له بالخلافة والوصاية بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكان الإمام الباقر عليه السلام يحبّه حبّاً شديداً، وقد كُفّ بصره بعد واقعة الطّف، لكثرة بكائه على مصائب أهل البيت عليهم السلام ، وكانت وفاته سنة (68هـ)15.

          أ- توسّعه في التفسير

          لم تمض العشرة الأولى من وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلّا ونرى ابن عبّاس قد تفرّغ للتفسير واستنباط معاني القرآن. بينما سائر الصحابة كانت قد أشغلتهم شؤون شتّى، نراه صارفاً همّته في فهم القرآن وتعليمه واستنباط معانيه وبيانه، فكان يستطرق أبواب العلماء من الصحابة الكبار ولا سيّما من الإمام عليّ عليه السلام باب علم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان يعقد الحلقات القرآنية في مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من الإمام عليّ عليه السلام.

          لكن بموازاة انتشار العلم منه في الآفاق، راج الوضع على لسانه ونسبت إليه


          118
          الكثير من الروايات، لمكان شهرته ومعرفته في التفسير. ومن ثمّ فإنّ التشكيك في أكثر المأثور عنه أمر محتمل.

          ب- منهجه في التفسير

          أخذ ابن عباس العلم عن الإمام عليّ عليه السلام وتتلمذ على يديه وتلقّى التفسير عنه سواء في أصول مبانيه أم في فروع معانيه. وسار على منهج مستقيم في استنباط معاني القرآن، ولم يَحد عن منهج السلف الصالح في تفسير القرآن وفهم معانيه.

          وحدّد ابن عباس معالم منهجه في التفسير بقوله: "التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعذَر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلّا الله"16.

          فالقرآن فيه مواعظ وتكاليف يجب على المسلمين معرفتها والعمل بها، وفيه غريب اللغة ومشكلها، ممّا يمكن فهمها وحلّ مُعضلِها، بمراجعة الفصيح من كلام العرب، وفيه مسائل عن المبدأ والمعاد وفلسفة الوجود لا بدّ من الرجوع في تفسيرها إلى أهل العلم والمعرفة، وبقي المتشابه ما لا يعلمه إلّا الله أو من أطلعهم الله عليها وهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والصفوة من أهل بيته عليهم السلام.

          وعلى ضوء هذا التقسيم الرباعي يمكننا الوقوف على مباني التفسير الّتي استند إليها ابن عباس في تفسيره للقرآن الكريم:

          1- مراجعة ذات القرآن في فهم مراداته


          إذ خير دليل على مراد أيّ متكلّم، هي القرائن اللفظيّة الّتي تحفّ كلامه، والّتي جعلها مسانيد نطقه وبيانه، وهكذا بالنسبة إلى القرائن المنفصلة (من دلائل العقل..)، والقرآن فيه من العموم ما كان تخصيصه في بيان آخر، أو


          119
          تقييد لمطلقاته، وليس لأيّ مفسِّر أن يأخذ بظاهر آية ما لم يفحص عن صوارفها وسائر بيانات القرآن الّتي جاءت في غير آية.

          ومن هذا القبيل ما رواه السيوطي عن ابن عباس، في قوله تعالى:
          ï´؟رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِï´¾17 قال: "كنتم أمواتاً قبل أن يخلقكم؛ فهذه ميتة، ثمّ أحياكم؛ فهذه حياة، ثمّ يميتكم فترجعون إلى القبور؛ فهذه ميتة أخرى، ثم يبعثكم يوم القيامة؛ فهذه حياة. فهما ميتتان وحياتان، فهو قوله تعالى: ï´؟كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونï´¾18.

          2- رعايته لأسباب النزول

          والّتي لها دورها الخطير في فهم معاني القرآن؛ حيث الآيات والسور نزلت نجوماً، وفي فترات وشؤون يختلف بعضها عن بعض، ولولا الوقوف على تلك الأسباب الواردة في شأن النزول لما أمكن فهم مرامي الآيات. ولهذا اهتمّ ابن عباس واعتمد لفهم معاني القرآن على معرفة أسباب النزول، وكان يسأل ويستقصي عن الأسباب والأشخاص الّذين نزل فيهم قرآن وسائر ما يمسّ شأن النزول.

          عن ابن عباس قال: لم أزل حريصاً أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم اللّتين قال الله تعالى بشأنهما:
          ï´؟إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا.....ï´¾19 حتّى حجّ عمر وحججت معه... فقال: واعجباً لك يا ابن عباس! هما: عائشة وحفصة20.

          وبلغ به الأمر في تقصّيه لأسباب النزول أن يعرف الحضريّ من السفريّ، والنهاريّ من الليليّ، وفيم أُنزل، وفيمن أُنزل، ومتى أُنزل، وأين أُنزل، وأوّل ما نزل، وآخر ما نزل...21


          120
          3- اعتماده المأثور من التفسير المرويّ

          وهذا واضح من خلال تتبّعه آثار الرسول وأحاديثه، واستطراقه لأبواب الصحابة العلماء، ليأخذ منهم ما حفظوه من سنّة النبيّ وسيرته الكريمة، وقوله: "ما أخذت من تفسير القرآن فعن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام "، إنّما يعني اعتماد المأثور من التفسير22.

          4- اضطلاعه بالأدب الرفيع


          فقد نزل القرآن بالفصحى من لغة العرب، فما أشكل من فهم معاني كلماته، لا بدّ لحلّها من مراجعة الفصيح من كلام العرب المعاصر لنزول القرآن.

          وكان ابن عباس صاحب ذوق أدبي رفيع وثقافة لغويّة عالية، فكان يقول: الشعر ديوان العرب، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن، الّذي أنزله الله بلغة العرب، رجعنا إلى ديوانها، فالتمسنا معرفة ذلك منه23. فقد سُئِل ابن عباس عن قوله تعالى:
          ï´؟عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَï´¾24. قال: العزون: الحِلَق الرقاق، وعن قوله تعالى: ï´؟إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهï´¾25 قال: نُضجه وبلاغه، وعنï´؟الْفُلْكِ الْمَشْحُونï´¾26 ، قال: السفينة الموقرة الممتلئة، وعن ï´؟جَدُّ رَبِّنَاï´¾27 ، قال: عظمة ربّنا، وفي كلّ ذلك استشهد بقول الشعراء28.

          تفسير ابن عباس

          هناك تفاسير منسوبة إلى ابن عباس، منها: ما رواه مجاهد بن جبر برواية


          121
          حميد بن قيس، وأبي نجيع يسار الثقفي، وقد طُبع أخيراً باهتمام مجمع البحوث الإسلامية بباكستان سنة (1367هـ)، والثاني: تفسير ابن عباس عن الصحابة، لأبي أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلوديّ المتوفى سنة (332هـ)، والثالث: تفسير ابن عباس الموسوم بـ "تنوير المقباس" من تفسير عبد الله بن عباس، في أربعة أجزاء، من تأليف محمّد بن يعقوب الفيروز آباديّ صاحب القاموس (729 817هـ)29.
          هوامش
          1- أنظر سور: المائدة، الآية:119، المجادلة، الآية: 22، البيّنة، الآية:8، التوبة، الآية:100.
          2- نهج البلاغة، الخطبة: 3 (الشقشقية).
          3- بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 89، ص 105 106.
          4- الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، ج 2، ص 509، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415هـ.
          5- تفسير العيّاشي، محمّد بن مسعود العيّاشي، ج 8، ص 283، المكتبة العلمية الإسلامية، طهران.
          6- أنظر: التفسير والمفسّرون، الشيخ محمّد هادي معرفة، ج 1، ص 190.
          7- التفسير والمفسّرون، الشيخ محمّد هادي معرفة، ج 1، ص 193.
          8- رجال الطوسي، ص22، مؤسّسة النشر الإسلامي، 1415هـ.
          9- خلاصة الأقوال، العلّامة الحلّي، ج1، ص66، مؤسّسة نشر الفقاهة، ط1، 1417هـ.
          10- م. ن، ج 3، ص 19.
          11- م. ن.
          12- بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 22، ص 343.
          13- هو طاووس بن كيسان اليماني، وروي أنّه أدرك خمسين من الصحابة. عدّة الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب السجّاد عليه السلام، مات رحمه الله تعالى سنة 106 هـ. أنظر: رجال الطوسي، ج3، ص 94.
          14- أنظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، ج 2، ص 330 334 رقم: 4781.
          15- أنظر: التفسير والمفسّرون، الشيخ محمّد هادي معرفة، ج 1، ص 198ـ 203.
          16- تفسير الطبري، أبو جعفر بن جرير الطبري، ج 1، ص 26.
          17- سورة غافر، الآية: 11.
          18- سورة البقرة، الآية: 28، وراجع الدّر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي: ج5، ص347، دار الفكر، ط1، 1403هـ.
          19- سورة التحريم، الآية: 4.
          20- الدّر المنثور، جلال الدين السيوطي، ج 6، ص 242.
          21- أنظر: الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، ج 1، ص 51ـ 57 و60ـ 64، و68ـ 76 وغير ذلك.
          22- أنظر: التفسير والمفسّرون، الشيخ محمّد هادي معرفة، ج 1، ص 210.
          23- م. ن، ص 212.
          24- سورة المعارج، الآية:37.
          25- سورة الأنعام، الآية: 99.
          26- سورة الشعراء، الآية: 119.
          27- سورة الجن، الآية: 3.
          28- أنظر: الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، ج 2، ص 56ـ 88.
          29-أنظر: التفسير والمفسّرون، الشيخ محمّد هادي معرفة، ج 1، ص 254ـ 256.

          تعليق

          يعمل...
          X