إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل نحشر يوم القيامة بنفس ابداننا؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل نحشر يوم القيامة بنفس ابداننا؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    لقد بلغت مسألة المعاد من التعقيد حدا جعل الكبار من الحكماء عاجزين عن الدخول فيها الا من باب الوحي لذا فقد اوكلوا الكثير من التفاصيل الى ما جاء به الوحي ولم يعقدوا لمثل هذه المسائل بحوثا عقلية مستقلة وان فعلوا فعلى سبيل التكهن والاحتمال فالشيخ الرئيس يعلن ذلك صراحة :[يجب ان يعلم ان المعاد منه ماهو منقول من الشرع ولا سبيل الى اثباته....الا من طريق الشريعة وتصديق خبر النبوة وهو الذي للبدن عند البعث وخيرات البدن وشروره معلومة لاتحتاج الى ان تعلم وقد بسطت الشريعة الحقة التي اتانا بها نبينا وسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه واله حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن ](1).
    اذن فليس كل شؤون المعاد قابلة للبحث العقلي فهذه الابدان ماهو مصيرها بعد الموت ؟هل تعدم او لا وهل تعذب او تنعم ثم ان كانت تحشر وتعذب او تنعم فأي من ابدان الانسان الكثيرة هو الذي يحشر ليعذب او ينعم فهل هو بدنه حال صباه او حال شبابه اوحال كهولته الى اخره من ابدان الانسان المتعددة ؟
    وكل هذه الاسألة لايجيب عنها العقل ؛لان النفس لها ابدان كثيرة طولية والتفاوت بينها بالكمال والنقص .
    الاقوال في المعاد الجسماني :
    لقد تشتت اقوال الحكماء في المعاد الجسماني يمكن ردها الى قولين رئيسيين :الاول ان البدن الاخروي هو بدن عنصري مادي؛والثاني انه بدن مثالي قال ملا هادي السبزواري :[في ان البدن الاخروي هل هو عنصري –كما يظهر من بعض كلمات الغزالي وغيره-او مثالي؟وعلى كلا القوليين هل هو عين البدن الدنيوي او مثله؟ والمثلية هل هي باعتبار كل واحد من الاعضاء والاشكال والتخاطيط ام لا؟](2).
    فالبدن المعاد اما هو عين البدن الدنيوي او مثله وعلى الثاني اي المثلية هل هي بان يكون كل عضو مشابه للعضو المعاد او ان المشابهة والمثلية هي في الجملة؟
    واليك الاقوال من دون الخوض في تفاصيلها لان الغرض هو بيان الرأي المختار فقط:
    1-النظرية الاولى:وهي التي تعتقد انه لا فرق بين الدنيا والاخرة غير الوجود للمرة الثانية .ومعنى كلامهم ان كل ما نراه من شمس وقمر وارض يتكرر على ما هو عليه مرة اخرى بنفس الانظمة والخصوصيات والكلام ذاته ينطبق على الانسان .
    وروح الانسان تنفصل عن بدنه بالموت ثم تعود اليه عند البعث والنشور ؛فبدن الانسان في الاخره هو بعينه بدنه في الدنيا من دون فرق.
    لكن يلاحظ على هذه النظرية انها مخالفة للعديد من الظواهر القرانية وكذا ما ورد من السنة كما في قوله تعالى (على ان نبدل امثالكم وننشأكم في ما لا تعلمون) (3) وقوله تبارك وتعالى (ثم انشأناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين )(4).
    اما السنة فقد ورد ان سن الكافر في تلك النشأة كجبل احد وان المخالف للامام في الصلاة يحشر برأس حمار وغيرها كثير.

    2-النظرية الثانية:ان تلك الامور الموعودة في الاخرة هي مثل ما يرى في المنام كلها امور خيالية لا وجود لها في الخارج كما لاوجود لما يرى الانسان في منامه من الحيات والعقارب التي تلدغه الا انه كثيرا ما يتالم منها في النوم حتى تراه يصيح في نومه ويعرق وكذا في جهة اللذة فانه ربما التذبشئ في النوم التذاذا شديدا كل ذلك يدركه النائم من نفسه ويتأذى ويلتذ مع ان هذه الامور لا واقع لها خارجا.
    ولا داع لذكر الردود على هذه النظرية لانه تنكر المعاد الجسماني من اصله وهذا ما يقطع بخلافه العقل والشرع.

    3-النظرية الثالثة:ان الامور الاخروية من الجنة والنار والنعيم والجحيم والاشجار والحور والعقارب والحيات وغيرها كلها امور واقعية خارجية وليست امورا خيالية كما يراه النائم لكن هذه الامور ليست مادية كموجودات هذا العالم ولا محسوسة ومشاهدو بحواس هذه النشأة فهي لا ترى بهذه العين ولا تتذوق بهذا اللسان ؛بل انما هي جواهر غير مادية .
    ولم يرتض العلامة محمد تقي الاملي (قدس سره) في تعليقته على شرح المنظومة حيث قال:[هذا غاية ما يمكن ان يقال في هذه الطريقة لكن الانصاف انه عين انحصار المعاد بالروحاني لكن بعبارة اخرى ](5).
    وللكلام بقية تاتي ان شاء الله في مشاركة لاحقة في الردود؛والحمد لله رب العالمين.


    ((1)) الالهيات من كتاب الشفاء الفصل السابع ؛المقالة التاسعة صفحة 423.
    ((2)) شرح الاسماء والصفات للملا هادي السبزواري (رحمه الله) صفحة 784نشر جامعة طهران.
    ((3)) الواقعة 61.
    ((4)) المؤمنون 14.
    ((5)) درر الفوائد الجزء الخامس صفحة 465.
    التعديل الأخير تم بواسطة مقداد الربيعي ; الساعة 27-07-2012, 03:13 PM. سبب آخر:

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    النظرية الرابعة:ان الجسم المحشور هو نفس بدن الانسان في الدنيا الا انه يختلف عنه من جهة ان البدن الدنيوي فيه قابلية التغير والاستعداد بخلاف البدن المحشور فانه خالي من حيثية القوة والاستعداد .(1)
    والسبب الذي دعا هؤلاء الحكماء لمنع وجود المادة في الجسم المحشور ان الجسم المحشور لو كان مؤلف من مادة وصورة لكان فيه قابلية التغير والتكامل وبالتالي تكون نشأة الاخرة كنشأة الدنيا نشأة تكامل وعمل مع ان نشأة الاخرة ليس فيها عمل وبالتالي ليس فيها تكامل.يقول المرحوم مطهري:[القدر الثابت ان هذه الحياة الجسمية موجودة في تلك النشأة ولكن ثمة كلام حول المادة وفيما اذا كانت موجودة بهذا المعنى ام لا؛وينبغي ان يقال بعدم وجودها لانه لو كانت موجودة لاصبح العالم ذلك دار عمل .وفي عين كونه جسما فلا امكان له لتغيير نفسه ووضعه ؛وكل ماموجود هناك هو ابداع بمعنى ان بمقدور اي موجود ان يبدع من الاشياء ويوجد بقدر يتناسب مع مرتبته الوجودية الا انه لايستطيع ان يغير ذاته مع وضع لاخر.](2)
    مناقشة النظرية الرابعة:هذه النظرية وان كانت موفقة في بيان ان النشأة الاخروية ليست هي عين النشأة الدنيوية باعتبار ان الاخرة ليس فيها استعداد للتكامل والتغير وهذا –اي الاختلاف بين النشأتين-ثابت في الايات والروايات التي بينت وجود فروق رئيسية بين النشأتين الا ان ذلك لا يعني عدم وجود التغيير والتكامل في ذلك العالم والاكيف نفهم التكامل في عالم البرزخ كما نطقت بذلك جملة من الروايات فعن الامام الصادق عليه السلام:[ست خصال ينتفع بها المؤمن بعد موته ولد صالح يستغفر له ومصحف يُقرأ فيه وقليب يحفره وغرس يغرسه وصدقة ماء يجريه وسنة حسنة يؤخذ بها من بعده .](3)
    فالرواية واضحة في ان الميت يتكامل بحصوله على عمل ولده او صدقة يتركها خلفه وغيرها من الامور لذا قال الشيخ حسن زادة الاملي :[وورود البحث عن تكامل النفس بعد انقطاعها عن هذه النشأة في برازخها في الصحف العقلية انما كان من قبل الشرائع الالهية والا فالعقل وحده لايحكم بذلك وبعدما نطق الشرع به تصدى العقل لاقامة البرهان عليه وتعرض بوجدان السبيل الى دليله.فا لتكامل البرزخي صار من اغمض المسائل العقلية لان الاستكمال لايتحقق لا بالحركة والاستعداد والخروج من القوة الى الفعل وبعد انقطاع النفس عن نشأة الحركة كيف يتصور فيها الاستكمال.](4)
    [بل كيف يمكن ان نفهم مسألة تجدد الاحوال والافعال لاهل الجنة والنار مع ان الاخرة كما يقول اعلام الحكمة هي دار الصور الصرفة ولامادة ولاقوة هناك.كقوله تعالى[وبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الانهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل واتوا به متشابها ولهم فيها ازواج مطهرة وهم فيها خالدون](5)وقوله تعالى [ان الذين كفروا بأياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب].(6)
    فكل هذه وغيرها كثير شواهد دالة علىه ان ذلك العالم يقع فيه التغيير والتبديل والاستكمال ومن الواضح ان ذلك لايتحقق الا من خلال القوة والاستعداد .
    واما ما ذكروه من ان وجود القوة والمادة في الجسم يستلزم عدم وجود الفرق بين النشأتين فذلك ممنوع لان هذا العالم الدنيوي مع انه متفق على ان الجسم فيه مادي الا انه متعدد النشات كما يبينه قوله تعالى[وننشأكم فيما لاتعلمون]فتبين الاية ان الانسان في هذه الحياة يمر بعدة نشات منها وهو جنين ومنها غير ذلك مع ان بعضها فيها عمل حساب دون الاخرى فلا تنافي بين وجود المادة وقابلية التغير وعدم وجود حساب هذا اولا ثم انه لم يقم اي دليل على استحالة وجود المادة في تلك النشأة .

    ((1)) ذكر الفلاسفة ان الجسم وهو ماله طول وعرض وعمق فيه جهتان او قل يتركب من جزئين الاول المادة وهي حيثية التغير وقابلية الاستعداد فاننا نجد ان كل جسم قابل لان يتغير لشئ اخر والجزء الثاني هو الصورة وهي مابه الشئ بالفعل فمثلا الورقة هي ورقة بالفعل لكن فيها استعداد ان تكون رماداً والبذرة هي بذرة بالفعل وفيها استعداد ان تكون شجرة فأذن البذرة فيها جانبان مختلفان الاول جهة الصورة والثاني جهة الاستعداد .
    فالجسم المحشور خالي من جهة المادة صورة فقط بحسب هذه النظرية.
    ((2)) المعاد مرتضى مطهري صفحة 296.
    ((3)) تسلية الفؤاد في بيان الموت والمعاد للسيد عبد الله شبر صفحة 134.
    ((4)) عيون مسائل النفس صفحة685
    ((5)) البقرة25
    ((6))النساء56

    تعليق


    • #3
      سم الله الرحمن الرحيم
      النظرية الخامسة:وهي ان البدن المحشور يوم القيامة هو من سنخ البدن الدنيوي وان كانت الهيئة والصورة مختلفة اي ان البدن المحشور ايضا يتالف من مادة وصورة غاية الامر ان صورة الانسان قد تختلف هناك نظرا لما ورد في الروايات من كون اهل الجنة جرداً مرداًوكون ضرس الكافر مثل جبل احد وكذا ماروي عن النبي صلى الله عليه واله (يحشر بعض الناس يوم القيامة على صورة يحسن عندها القردة والخنازير )وقوله تعالى (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها) (1)
      وهذه الرواية هي التي تنسجم مع ماورد من الشرع فمن الروايات ماورد عن هشام من الحكم انه قال الزنديق للصادق (عليه السلام) انى للروح بالبعث والبدن قد بلي والاعضاء قد تفرقت !فعضو في بلدة تأكلها سباعها وعضو باخرى تمزقه هوامها وعضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط ؟
      قال:ان الذي انشأه من غير شئ وصوره على غير مثال كان سبق اليه قادر ان يعيده كما بدأه .
      قال:اوضح لي ذلك؟
      قال (عليه السلام) ان الروح مقيمة في مكانها ؛روح المحسنين في ضياء وفسحة ؛وروح المسئ في ضيق وظلمة.والبدن يصير ترابا كما منه خلق وما تقذف به السباع والهوام من اجوافها ؛فما اكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لايعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الارض ويعلم عدد الاشياء ووزنها.وان تراب الروحانيين بمنزلة الذهب من التراب فأذا كان حين البعث مطرت الارض فتربو الارض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب اذا غسل بالماء ؛والزبد من اللبن اذا مخض فيجتمع تراب كل قالب فينقل بأذن الله تعالى الى حيث الروح فتعود الصور بأذن المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فأذا قد استوى لاينكر من نفسه شيئاً.((2))
      والرواية واضحة في ان النفس تعود الى البدن وان البدن بعد تحلله وصيرورته ترابا وتفرق اجزائه يبقى محفوضا في علم الله تبارك وتعالى وذا قامت الساعة فان الله يُمطرالسماء ويُعيد ذرات كل بدن اليه فيعود البدن كما كان وهذا لا يعني اعادة المعدوم لان ذلك ممتنع كما هو مبين في محله بل حالها حال الطابوقة اذا أُذيبت ثُم أُعيدت مرة اخرى فهي هي وهي ليست هي .
      وينقل‌ المجلسيّ هذه‌ الرواية‌ في‌ « بحار الانوار » عن‌ تفسير علي‌ّبن‌ إبراهيم‌، عن ابي عمير وفي‌ تتمّتها يقول‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: أتي‌ جبرائيلُ رسولَ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ فأخذه‌ فأخرجه‌ إلی‌ البقيع‌ فانتهي‌ به‌ إلی‌ قبر فصوّتَ بصاحبه‌ فقال‌: قُم‌ بإذن‌ الله‌! فخرج‌ منه‌ رجلٌ أبيض‌ الرأس‌ واللحية‌ يمسح‌ التراب‌ عن‌ وجهه‌ وهو يقول‌: الحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَهُ أَكْبَرُ. فقال‌ جبرائيل‌: عُدْ بإذن‌ الله‌. ثمّ انتهي‌ به‌ إلی‌ قبر آخر فقال‌: قُم‌ بإذن‌ اللهِ! فخرج‌ منه‌ رجل‌ مسودّ الوجه‌ وهو يقول‌: يَا حَسْرَتَاهُ! يَا ثُبُورَاهُ!ثمّ قال‌ له‌ جبرائيل‌: عُد إلی‌ ما كنت‌ بإذن‌ الله‌. فقال‌: يامحمّد! هكذا يُحشرن‌ يوم‌ القيامة‌، والمؤمنون‌ يقولون‌ هذا القول‌، وهؤلاء يقولون‌ ما تري‌؟((3))
      والرواية ايضا واضحة في عودت الروح الى بدن عين البدن الدنيوي.
      والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين.


      ((1)) النساء 56
      ((2)) بحار الانوار ج7ص37الحديث رقم5
      ((3)) بحار الانوار ج7ص39الحديث رقم8

      تعليق

      يعمل...
      X