بسم الله الرحمن الرحيم
لقد بلغت مسألة المعاد من التعقيد حدا جعل الكبار من الحكماء عاجزين عن الدخول فيها الا من باب الوحي لذا فقد اوكلوا الكثير من التفاصيل الى ما جاء به الوحي ولم يعقدوا لمثل هذه المسائل بحوثا عقلية مستقلة وان فعلوا فعلى سبيل التكهن والاحتمال فالشيخ الرئيس يعلن ذلك صراحة :[يجب ان يعلم ان المعاد منه ماهو منقول من الشرع ولا سبيل الى اثباته....الا من طريق الشريعة وتصديق خبر النبوة وهو الذي للبدن عند البعث وخيرات البدن وشروره معلومة لاتحتاج الى ان تعلم وقد بسطت الشريعة الحقة التي اتانا بها نبينا وسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه واله حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن ](1).
اذن فليس كل شؤون المعاد قابلة للبحث العقلي فهذه الابدان ماهو مصيرها بعد الموت ؟هل تعدم او لا وهل تعذب او تنعم ثم ان كانت تحشر وتعذب او تنعم فأي من ابدان الانسان الكثيرة هو الذي يحشر ليعذب او ينعم فهل هو بدنه حال صباه او حال شبابه اوحال كهولته الى اخره من ابدان الانسان المتعددة ؟
وكل هذه الاسألة لايجيب عنها العقل ؛لان النفس لها ابدان كثيرة طولية والتفاوت بينها بالكمال والنقص .
الاقوال في المعاد الجسماني :
لقد تشتت اقوال الحكماء في المعاد الجسماني يمكن ردها الى قولين رئيسيين :الاول ان البدن الاخروي هو بدن عنصري مادي؛والثاني انه بدن مثالي قال ملا هادي السبزواري :[في ان البدن الاخروي هل هو عنصري –كما يظهر من بعض كلمات الغزالي وغيره-او مثالي؟وعلى كلا القوليين هل هو عين البدن الدنيوي او مثله؟ والمثلية هل هي باعتبار كل واحد من الاعضاء والاشكال والتخاطيط ام لا؟](2).
فالبدن المعاد اما هو عين البدن الدنيوي او مثله وعلى الثاني اي المثلية هل هي بان يكون كل عضو مشابه للعضو المعاد او ان المشابهة والمثلية هي في الجملة؟
واليك الاقوال من دون الخوض في تفاصيلها لان الغرض هو بيان الرأي المختار فقط:
1-النظرية الاولى:وهي التي تعتقد انه لا فرق بين الدنيا والاخرة غير الوجود للمرة الثانية .ومعنى كلامهم ان كل ما نراه من شمس وقمر وارض يتكرر على ما هو عليه مرة اخرى بنفس الانظمة والخصوصيات والكلام ذاته ينطبق على الانسان .
وروح الانسان تنفصل عن بدنه بالموت ثم تعود اليه عند البعث والنشور ؛فبدن الانسان في الاخره هو بعينه بدنه في الدنيا من دون فرق.
لكن يلاحظ على هذه النظرية انها مخالفة للعديد من الظواهر القرانية وكذا ما ورد من السنة كما في قوله تعالى (على ان نبدل امثالكم وننشأكم في ما لا تعلمون) (3) وقوله تبارك وتعالى (ثم انشأناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين )(4).
اما السنة فقد ورد ان سن الكافر في تلك النشأة كجبل احد وان المخالف للامام في الصلاة يحشر برأس حمار وغيرها كثير.
2-النظرية الثانية:ان تلك الامور الموعودة في الاخرة هي مثل ما يرى في المنام كلها امور خيالية لا وجود لها في الخارج كما لاوجود لما يرى الانسان في منامه من الحيات والعقارب التي تلدغه الا انه كثيرا ما يتالم منها في النوم حتى تراه يصيح في نومه ويعرق وكذا في جهة اللذة فانه ربما التذبشئ في النوم التذاذا شديدا كل ذلك يدركه النائم من نفسه ويتأذى ويلتذ مع ان هذه الامور لا واقع لها خارجا.
ولا داع لذكر الردود على هذه النظرية لانه تنكر المعاد الجسماني من اصله وهذا ما يقطع بخلافه العقل والشرع.
3-النظرية الثالثة:ان الامور الاخروية من الجنة والنار والنعيم والجحيم والاشجار والحور والعقارب والحيات وغيرها كلها امور واقعية خارجية وليست امورا خيالية كما يراه النائم لكن هذه الامور ليست مادية كموجودات هذا العالم ولا محسوسة ومشاهدو بحواس هذه النشأة فهي لا ترى بهذه العين ولا تتذوق بهذا اللسان ؛بل انما هي جواهر غير مادية .
ولم يرتض العلامة محمد تقي الاملي (قدس سره) في تعليقته على شرح المنظومة حيث قال:[هذا غاية ما يمكن ان يقال في هذه الطريقة لكن الانصاف انه عين انحصار المعاد بالروحاني لكن بعبارة اخرى ](5).
وللكلام بقية تاتي ان شاء الله في مشاركة لاحقة في الردود؛والحمد لله رب العالمين.
((1)) الالهيات من كتاب الشفاء الفصل السابع ؛المقالة التاسعة صفحة 423.
((2)) شرح الاسماء والصفات للملا هادي السبزواري (رحمه الله) صفحة 784نشر جامعة طهران.
((3)) الواقعة 61.
((4)) المؤمنون 14.
((5)) درر الفوائد الجزء الخامس صفحة 465.
لقد بلغت مسألة المعاد من التعقيد حدا جعل الكبار من الحكماء عاجزين عن الدخول فيها الا من باب الوحي لذا فقد اوكلوا الكثير من التفاصيل الى ما جاء به الوحي ولم يعقدوا لمثل هذه المسائل بحوثا عقلية مستقلة وان فعلوا فعلى سبيل التكهن والاحتمال فالشيخ الرئيس يعلن ذلك صراحة :[يجب ان يعلم ان المعاد منه ماهو منقول من الشرع ولا سبيل الى اثباته....الا من طريق الشريعة وتصديق خبر النبوة وهو الذي للبدن عند البعث وخيرات البدن وشروره معلومة لاتحتاج الى ان تعلم وقد بسطت الشريعة الحقة التي اتانا بها نبينا وسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه واله حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن ](1).
اذن فليس كل شؤون المعاد قابلة للبحث العقلي فهذه الابدان ماهو مصيرها بعد الموت ؟هل تعدم او لا وهل تعذب او تنعم ثم ان كانت تحشر وتعذب او تنعم فأي من ابدان الانسان الكثيرة هو الذي يحشر ليعذب او ينعم فهل هو بدنه حال صباه او حال شبابه اوحال كهولته الى اخره من ابدان الانسان المتعددة ؟
وكل هذه الاسألة لايجيب عنها العقل ؛لان النفس لها ابدان كثيرة طولية والتفاوت بينها بالكمال والنقص .
الاقوال في المعاد الجسماني :
لقد تشتت اقوال الحكماء في المعاد الجسماني يمكن ردها الى قولين رئيسيين :الاول ان البدن الاخروي هو بدن عنصري مادي؛والثاني انه بدن مثالي قال ملا هادي السبزواري :[في ان البدن الاخروي هل هو عنصري –كما يظهر من بعض كلمات الغزالي وغيره-او مثالي؟وعلى كلا القوليين هل هو عين البدن الدنيوي او مثله؟ والمثلية هل هي باعتبار كل واحد من الاعضاء والاشكال والتخاطيط ام لا؟](2).
فالبدن المعاد اما هو عين البدن الدنيوي او مثله وعلى الثاني اي المثلية هل هي بان يكون كل عضو مشابه للعضو المعاد او ان المشابهة والمثلية هي في الجملة؟
واليك الاقوال من دون الخوض في تفاصيلها لان الغرض هو بيان الرأي المختار فقط:
1-النظرية الاولى:وهي التي تعتقد انه لا فرق بين الدنيا والاخرة غير الوجود للمرة الثانية .ومعنى كلامهم ان كل ما نراه من شمس وقمر وارض يتكرر على ما هو عليه مرة اخرى بنفس الانظمة والخصوصيات والكلام ذاته ينطبق على الانسان .
وروح الانسان تنفصل عن بدنه بالموت ثم تعود اليه عند البعث والنشور ؛فبدن الانسان في الاخره هو بعينه بدنه في الدنيا من دون فرق.
لكن يلاحظ على هذه النظرية انها مخالفة للعديد من الظواهر القرانية وكذا ما ورد من السنة كما في قوله تعالى (على ان نبدل امثالكم وننشأكم في ما لا تعلمون) (3) وقوله تبارك وتعالى (ثم انشأناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين )(4).
اما السنة فقد ورد ان سن الكافر في تلك النشأة كجبل احد وان المخالف للامام في الصلاة يحشر برأس حمار وغيرها كثير.
2-النظرية الثانية:ان تلك الامور الموعودة في الاخرة هي مثل ما يرى في المنام كلها امور خيالية لا وجود لها في الخارج كما لاوجود لما يرى الانسان في منامه من الحيات والعقارب التي تلدغه الا انه كثيرا ما يتالم منها في النوم حتى تراه يصيح في نومه ويعرق وكذا في جهة اللذة فانه ربما التذبشئ في النوم التذاذا شديدا كل ذلك يدركه النائم من نفسه ويتأذى ويلتذ مع ان هذه الامور لا واقع لها خارجا.
ولا داع لذكر الردود على هذه النظرية لانه تنكر المعاد الجسماني من اصله وهذا ما يقطع بخلافه العقل والشرع.
3-النظرية الثالثة:ان الامور الاخروية من الجنة والنار والنعيم والجحيم والاشجار والحور والعقارب والحيات وغيرها كلها امور واقعية خارجية وليست امورا خيالية كما يراه النائم لكن هذه الامور ليست مادية كموجودات هذا العالم ولا محسوسة ومشاهدو بحواس هذه النشأة فهي لا ترى بهذه العين ولا تتذوق بهذا اللسان ؛بل انما هي جواهر غير مادية .
ولم يرتض العلامة محمد تقي الاملي (قدس سره) في تعليقته على شرح المنظومة حيث قال:[هذا غاية ما يمكن ان يقال في هذه الطريقة لكن الانصاف انه عين انحصار المعاد بالروحاني لكن بعبارة اخرى ](5).
وللكلام بقية تاتي ان شاء الله في مشاركة لاحقة في الردود؛والحمد لله رب العالمين.
((1)) الالهيات من كتاب الشفاء الفصل السابع ؛المقالة التاسعة صفحة 423.
((2)) شرح الاسماء والصفات للملا هادي السبزواري (رحمه الله) صفحة 784نشر جامعة طهران.
((3)) الواقعة 61.
((4)) المؤمنون 14.
((5)) درر الفوائد الجزء الخامس صفحة 465.
تعليق