إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الآيات القرآنية التي تصرح بعدم إمكان رؤية الله تعالى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الآيات القرآنية التي تصرح بعدم إمكان رؤية الله تعالى

    الآيات القرآنية التي تصرح بعدم إمكان رؤية الله تعالى
    لقد تشدد بعض علماء السنة في مسألة رؤية الله تعالى حتى ذهبوا إلى تكفير مَن لم يؤمن بها،ومِن هؤلاء إمام الحنابلة؛قال الشيخ محمد رشيد Sفَالْإِمَامُ أَحْمَدُ كَفَّرَ مُنْكِرِي الرُّؤْيَةِ R[1].
    ولم يقبلوا في ذلك أيَّ استدلال،بل لم يكن لهم استعداد لسماع أيِّ حديث من الأحاديث التي تنفي الرؤية،فتشدَّدوا في هذا الأمر ولعنوا كلَّ مَن يُحدِّث بحديث ينفي الرؤية،فلم يقبلوا النظر في مِثل هذه الأحاديث مخالفين بذلك المنهج العلمي الصحيح، وفيما يلي نذكر:
    الآيات القرآنية التي تصرح بعدم إمكان رؤية الله تعالى
    لقد ذكر القرآن الكريم آيات عديدة تصرح بعدم جواز رؤية الله تعالى من دون تقييد بمكان أو زمان ، وأن بعضها يفيد بأنَّ طلب الرؤية ذنبٌ يعاقب الله تعالى عليه،وهي كما يلي:
    الآية الأولى:تفيد أن موسى(ع) يتوب إلى الله تعالى مِن طلب الرؤية،وأنّه أول المؤمنين الَّذين يؤمنون بأنَّ الله تعالى لا يُرى، وذلك قوله تعالى:
    (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )[الأعراف/143].
    فلو كانت الرؤية من أفضل نعم الجنَّة كما يزعمون لما تاب موسى من طلب الرؤية لأن طلب نعمة من نعم الجنَّة في الحياة الدنيا لا يعد ذنباً.
    الآية الثانية:تفيد نزول العذاب على مَن طلب رؤية الله تعالى مِن بني إسرائيل، قال الله تعالى:
    ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) [البقرة/55]. فالله تعالى يستعظم الرؤية ويستفظع سؤالها ويقبّحه ويعدّ الإنسان قاصراً عن أنْ ينالها على وجه ينزل العذاب عند سؤالها،فلو كانت الرؤية أمراً ممكناً يوم القيامة ، لتلطّف عليهم الله تعالى، وأخبرهم بأنّهم سيرونه في الحياة الآخرة لا في الحياة الدنيا، ولكن نرى أنّ الله تعالى يقابلهم بنزول الصاعقة فيقتلهم ثمّ يحييهم بدعاء موسى(ع).

    الآية الثالثة:تفيد أن طلب رؤية الله تعالى ذنب يعاقب الله تعالى عليه، وهو أكبر إثماً ممن طلب نزول كتاب من السماء، وذلك في قوله تعالى:
    (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا)[النساء/153]، فلو كانت رؤية الله تعالى ممكنة يوم القيامة لما سمي طلب الرؤية ظلماً، وتعدّياً عن الحدّ و لأُخْبِرَ بنو إسرائيل عن جوازها يوم القيامة، ولما عُوقِبوا على هذا الطلب لاسيما أنَّ بني إسرائيل طلبوا مِن موسى أنْ يجعل لهم صنماً يعبدوه فلم يُعَاقَبوا على طلبهم هذا بل نصحهم موسى،وبين لهم وجه خطئهم كما جاء في قوله تعالى:
    (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * قَالَ أَغَيْرَ الله أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ)[الأعراف : 138 - 140]
    فيقال لمن زعم أن رؤية الله تعالى يوم القيامة من أعظم نعم الجنة : لو كان زعمك صحيحاً لما ذم الله تعالى طلب الرؤية ولما وصفه بالظلم لأنَّ طلب النعمة أو النعيم أو الجنة لا يُسَمَّى ظلماً، فقد طلبت امرأة فرعون قصراً في الجنة، فمدحها القرآن على طلبها هذا فقال: ( وَضَرَبَ الله مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [التحريم/11].
    وقد استنكر القرآن الكريم طلب الرؤية استنكاراً شديداً، ووصفه بِتَبَدُّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ وحذر المسلمين منه فقال: ) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ([البقرة : 108]،قال الثعلبي: S( أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ) محمداً.(كَمَا سُئلَ مُوسَى مِن قَبْلُ) سأله قومه فقالوا : أرنا الله جهرةR[2].
    وقال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى: ( كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ):Sسؤالهم إياه أن يريهم الله جهرةR[3].
    فكيف تكون رؤية الله تعالى من أعظم النعم ووصف الله تعالى طلبها بِتَبَدُّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ وحذر المسلمين منها ؟! خصوصاً وأنَّ القرآن الكريم لم يترك نعمة مِن نعم الجنة إلاَّ ذكرها،فكيف يترك ذكر أفضل نعمة؟!
    فلو كانت رؤية الله تعالى من أفضل نعم الجنَّة كما يزعم مثبتو الرؤية لما تركها القرآن الكريم، فمِن أين لهمبهذا الافتراء على الله تعالى؟!
    الآية الرابعة: تذم الكفار لطلبهم رؤية الله تعالى، وذلك في قوله تعالى:
    (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ) [الفرقان : 21]
    الآية الخامسة:تنفي بصورة مطلقة رؤية الله تعالى بالبصر؛ قال الله تعالى:
    (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[الأنعام/103]
    الآية السادسة:تنفي أن يكون مثيل لله،فهي تنفي الرؤية و الجسمية والتشبيه عن الله تعالى؛ قال الله تعالى:Pلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُO[الشورى : 11]
    وهكذا يُلاحَظ أَنَّ الآيَاتِ المتقدمة تنفِي رؤية الله تعالى بالبصر بصورة صريحة و واضحة بخلاف الآيات التي يستدلون بها على إثبات الرؤية فإنها لا تدلُّ على ما يزعمون بصورة صريحة، كقوله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ) [يونس : 26].



    [1]تفسير المنار لمحمد رشيد:9/118[سورة الأعراف/آية: 144].


    [2]الكشف والبيان للثعلبي:1/257[سورة البقرة،الآيات: 107-109].




    [3]الجامع لأحكام القرآن للقرطبي:2/49[سورة البقرة/آية:108].

  • #2
    وفقكم الله سيدنا الجليل في هذا الموضوع القيم في ميزان حسناتك
    sigpic

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة العلوية مشاهدة المشاركة
      وفقكم الله سيدنا الجليل في هذا الموضوع القيم في ميزان حسناتك
      أشكر الأخت العلوية على تصفحها، وإبداء رأيها الكريم، وعلى دعواتها المباركة.

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        اللهم صل على محمد وال محمد

        حفظكم الله سيدنا الجليل ووفقكم لكل خير موضوع رائع وقيم جزاكم الله خير الجزاء
        sigpic

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة فراس الحلفي مشاهدة المشاركة
          بسم الله الرحمن الرحيم
          اللهم صل على محمد وال محمد

          حفظكم الله سيدنا الجليل ووفقكم لكل خير موضوع رائع وقيم جزاكم الله خير الجزاء


          أشكر الأخ فراس الحلفي على حسن اهتمامه ومتابعته، وشكراً لإطرائه الكريم، أسأل الله تعالى أن يتقبل أعمالكم ويضاعف لكم الأجر والثواب.

          تعليق


          • #6
            بسم الله الرحمن الرحيم
            شكرا سيدنا المفدى موضوع قيم ومهم على مدى عصر الغيبه وماقبلها
            ولا ادري لماذا كفر امام الحنابله من يدعي موافقته للقران (عدم امكان الرؤيه )
            بينما الموافقون للقران لم يكفروا من كفرهم ولم يلعنوهم ؟؟
            ولا ادري ماهو سبب التمسك العنيد لابن حنبل بهذا الرأي هل هو للايات المتشابهه التي امرنا بردها الى محكمها ام عنده المتشابه محكم والمحكم متشابه (أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)
            سددكم الله لما فيه خير الدنيا والاخره بمحمد وعترته الطاهره

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة علاء الربيعي مشاهدة المشاركة
              بسم الله الرحمن الرحيم
              شكرا سيدنا المفدى موضوع قيم ومهم على مدى عصر الغيبه وماقبلها
              ولا ادري لماذا كفر امام الحنابله من يدعي موافقته للقران (عدم امكان الرؤيه )
              بينما الموافقون للقران لم يكفروا من كفرهم ولم يلعنوهم ؟؟
              ولا ادري ماهو سبب التمسك العنيد لابن حنبل بهذا الرأي هل هو للايات المتشابهه التي امرنا بردها الى محكمها ام عنده المتشابه محكم والمحكم متشابه (أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)
              سددكم الله لما فيه خير الدنيا والاخره بمحمد وعترته الطاهره


              شكراً للأخ علاء الربيعي على المساهمة الفعالة و الاضافة المفيدة، أسأل الله تعالى أن يتقبل أعمالكم ويضاعف لكم الأجر والثواب.
              نعم أخي العزيز يحرمون رواية أية رواية تنفي رؤية الله تعالى، فقد قيل لأحمد بن حنبلS في رجل يحدث بحديث عن رجل عن أبي العطوف أن الله لا يُرَى في الآخرة فقال: لعن الله من يحدث بهذا الحديث اليوم، ثم قال أَخْزَى الله هذاR[1] .
              ولم يكتفوا باللعن والشتم،فقد وصل ببعضهم الحال إلى إصدار حكم القتل ضدَّ كلّ مَن لم يؤمن برؤية الله تعالى إذ ذكروا أنه قيل لمالك: إنهم يزعمون أن الله لا يُرى, فقال مالك: السيف السيف!!
              واستمرَّ هذا الجمود والتطرُّف الفكري منذ القِدَم وحتَّى عصرنا الحاضر،فقد غالى مفتي السعودية عبد العزيز بن باز في فتواه فأفتى: بأن مَن ينكر رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة لا يُصَلَّى خلفه، وهو كافر ،واستدلّ لذلك بما ذكره ابن القيم في كتابه «حادي الأرواح»: ذكر الطبري وغيره أنه قيل لمالك: إنّ قوماً يزعمون أنّ الله لا يُرى يوم القيامة، فقال مالك: السيف السيف.
              وقد تنبَّه بعض علماء السنَّة لهذا الجمود الفكري والتطرّف،فراح يناقش المسألة بروح علمية كما فعل الشيخ محمد رشيد، فأخذ يعلل سبب تكفير أحمد بن حنبل لمنكري الرؤية فقال:
              S لِاعْتِقَادِهِ فِيمَا نَرَى أَنَّهَا صَادِرَةٌ عَنْ زَنْدَقَةٍ ، لَا لِأَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ نَفْسَهُ زَنْدَقَةٌ ، بِحَيْثُ يَرْتَدُّ الْمُسْلِمُ الْمُؤْمِنُ بِالنُّصُوصِ كُلِّهَا بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَعَمَلِهِ إِذَا فَهِمَ أَنَّ آيَاتِ نَفْيِ الرُّؤْيَةِ هُوَ الْأَصْلُ الْمُحَكَّمُ الَّذِي يُرَدُّ إِلَيْهِ مَا وَرَدَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ فِي إِثْبَاتِهَا ؛ إِذِ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْعَقْلِ وَالنَّقْلِ وَهُوَ التَّنْزِيهُ ، دُونَ الْآخَرِ الْمُسْتَلْزِمِ عِنْدَهُ لِلتَّشْبِيهِ الْوَاجِبِ تَأْوِيلُهُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ النُّصُوصِ لَا لِرَدِّ شَيْءٍ مِنْهَا .
              وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَعْذُرُونَ الْمُتَأَوِّلَ وَكَذَا الْجَاحِدَ لِمَا لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا يُكَفِّرُونَهُ بِمُخَالَفَتِهِ لِلظَّوَاهِرِR[2].
              وقال أيضاً في سياق تضعيف حجة تلك الفتاوى التكفيرية فقال:
              Sالرُّؤْيَةُ لَيْسَتْ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ الْقَطْعِيَّةِ.
              قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الرُّؤْيَةِ الْبَصَرِيَّةِ نَصٌّ أُصُولِيٌّ وَلَا لُغَوِيٌّ مُتَوَاتِرٌ قَطْعِيُّ الرِّوَايَةِ وَالدَّلَالَةِ يَجْعَلُهَا مِنَ الْعَقَائِدِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا الْمَعْلُومَةِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ، وَلَيْسَتْ مِمَّا كَانَ يُدْعَى إِلَيْهِ فِي تَبْلِيغِ الدِّينِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ مَنْ يَجْهَلُهَا أَوْ يُنْكِرُهَا كَافِرًا ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ غَرِيبِ الْعِلْمِ إِلَّا عَلَى الَّذِي يَسْتَنْبِطُهُ مِنَ الْقُرْآنِ كِبَارُ الْعَارِفِينَ ، وَرُبَّمَا كَانَ فِتْنَةً لِمَنْ دُونَهُمْ - وَكَذَلِكَ كَانَ - حَتَّى إِنَّ كِبَارَ النُّظَّارِ وَعُلَمَاءَ الْبَيَانِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي كُلٍّ مِنَ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ الْوَارِدَةِ فِيهَا : فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ[3]،وَالْأَعْرَافِ[4]، وَالْقِيَامَةِ[5] . فَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ مُثْبِتَةً وَبَعْضُهُمْ نَافِيَةً،وَالْقَاعِدَةُ فِي دِينِ الرَّحْمَةِ وَالشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ أَنَّ الْحُجَّةَ لَا تَقُومُ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ إِلَّا فِيمَا كَانَ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ لُغَةً ، وَأَنَّهُمْ يُعْذَرُونَ بِاخْتِلَافِ الْأَفْهَامِ فِي غَيْرِهِR[6].
              وقال أيضاً:
              S لَوْ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ عَقِيدَةً عَامَّةً وَرُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ لَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي آيَةٍ صَرِيحَةٍ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ ، نَاطِقَةٌ بِأَنَّهُ يُرَى بِالْأَبْصَارِ عِيَانًا بِلَا كَيْفٍ وَلَا إِحَاطَةٍ وَلَا تَمْثِيلٍ ، وَلَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) حِينَ عَرَّفَ الْإِيمَانَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ بَعْدَ قَوْلِهِ : " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " : وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ بِأَبْصَارِهِمْ عِيَانًا بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ ، وَلَأَمَرَ بِتَلْقِينِ هَذَا لِكُلِّ مَنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَلَتَوَاتَرَ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ الْجَرْيُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ، وَإِذًا لَمَا وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ ، وَلَمَا اسْتَنْكَرَتْ عَائِشَةُ سُؤَالَ مَسْرُوقٍ إِيَّاهَا عَنْ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) لِرَبِّهِ حَتَّى قَفَّ شَعْرُهَا مِنِ اسْتِعْظَامِ ذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّ الرُّؤْيَةَ تَكُونُ فِي الْآخِرَةِ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ لَمَا اسْتَنْكَرَتْ وَاسْتَكْبَرَتْ حُصُولَهَا لِلنَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) فِي الدُّنْيَا امْتِيَازًا لَهُ ؛ لِأَنَّ رُوحَهُ فِيهَا أَقْوَى مِنْ أَرْوَاحِ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ فَيَطِيقُ مَا لَا يُطِيقُهُ غَيْرُهُ حَتَّى مُوسَى - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَقَاسَتْ هَذَا الِامْتِيَازَ عَلَى النَّاسِ بِامْتِيَازِهِ - عَلَيْهِ صَلَوَاتُ الله - عَلَيْهِمْ بِالْوَحْيِ وَرُؤْيَةِ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ ؛ عَلَى أَنَّهُ (صلى الله عليه وآله) كَانَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فِي ذَلِكَ الْعَالَمِ لَا فِي عَالَمِ الْأَرْضِ R[7].
              فمسألة رؤية الله تعالى من المسائل الكلامية التي اختلفت فيها آراء علماء المسلمين ،ولكلِّ فريق منهم أدلته وحججه الخاصة التي تستند إلى الكتاب والسنة،فلا يجوز تكفير منكري الرؤية إذا كان سبب إنكارهم يستند إلى الآيات القرآنية،والأحاديث الشريفة إضافة إلى استلزام الرؤية إثبات الجسمية لله تعالى،وتشبيه الخالق بالمخلوق،وعدم القول بالرؤية يؤدِّي إلى تنزه الخالق من صفات المخلوقين.




              [1]معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول للحافظ بن أحمد حكمي:1 / 341، تحقيق : عمر بن محمود أبو عمر،دار ابن القيم ،الدمام- السعودية،ط.الأولى؛1410 هـ- 1990 م.


              [2]تفسير المنار لمحمد رشيد:9/118[سورة الأعراف/آية: 144]، الهيئة المصرية العامة للكتاب،سنة النشر : 1990 م.

              [3]يعني قوله تعالى:Pلَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُO[الأنعام:103].

              [4]يعني:قوله تعالى:P وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ O[الأعراف/143].

              [5]يعني قوله تعالى: Pوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ Q إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ O[القيامة/22، 23].


              [6]تفسير المنار لمحمد رشيد:9/137[سورة الأعراف/آية: 144]، الهيئة المصرية العامة للكتاب،سنة النشر : 1990 م.

              [7]تفسير المنار لمحمد رشيد:9/137[سورة الأعراف/آية: 144]، الهيئة المصرية العامة للكتاب،سنة النشر : 1990 م.



              تعليق

              يعمل...
              X