الفصل الخامس
عقدها ÷ في الأرضإنَّ النبي ’ قال لفاطمة: إن علي بن أبي طالب ممن قد عرفت
قرابته وفضله من الإسلام، وإني سألت ربي أن يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً، فما ترين؟ فسكتت، فخرج
رسول الله ’ وهو يقول: الله أكبر، سكوتها إقرارها[1].
قال ابن أبي الحديد: وإن عقدها على علياً إياها ما كان إلا بعد أن عقدها الله تعالى إياها في السماء بشهادة الملائكة.
وكان بين تزويج أمير المؤمنين بفاطمة في السماء وبين تزويجها في الأرض أربعون يوماً.
عن رسول الله ’ قال: أتاني ملك فقال: يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: إني قد زوجت فاطمة ابنتك من علي بن أبي طالب في الملأ الأعلى، فزوجها منه في الأرض[2].
عن جابر قال: لما أراد رسول الله أن يزوج فاطمة علياً قال له: اخرج يا أبا الحسن إلى المسجد فإني خارج في إثرك، ومزوجك بحضرة الناس، وذاكر من فضلك ما تقر به عينك. قال علي ×: فخرجت من عند رسول الله ’ وأنا ممتلئ فرحاً وسروراً، فاستقبلني أبو بكر وعمر فقالا: ما وراك: يا أبا الحسن؟ فقلت: يزوجني رسول الله فاطمة، وأخبرني أن الله زوجنيها، وهذا رسول الله خارج في إثري ليذكر بحضرة الناس، ففرحا وسرا ودخلا معي المسجد، فو الله ما توسطناه حتى لحق بنا رسول الله وإن وجهه ليتهلل فرحاً وسروراً.
فقال ’: أين بلال؟ فقال: لبيك وسعديك، فقال: وأين المقداد؟ فلباه، فقال: وأين سلمان؟ فلباه، فلما مثلوا بين يديه قال: انطلقوا بأجمعكم إلى جنبات المدينة واجمعوا المهاجرين والأنصار والمسلمين. فانطلقوا لأمره، فأقبل حتى جلس على أعلى درجة من منبره، فلما حشد المسجد بأهله قام ’ فحمد الله وأثنى عليه وقال: الحمد لله الذي رفع السماء فبناها، وبسط الأرض ودحاها، وأثبتها بالجبال فأرساها، وتجلل عن تحبير لغات الناطقين، وجعل الجنة ثواب المتقين، والنار عقاب الظالمين، وجعلني رحمة للمؤمنين، ونقمة على الكافرين. عباد الله! إنكم في دار أمل، بين حياة وأجل، وصحة وعلل، دار زوال متقلبة الحال، جعلت سبباً للارتحال، فرحم الله امرئ قصر من أمله، وجد في عمله، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوته، فقدمه ليوم فاقته، يوم تحشر فيه الأموات، وتخشع فيه الأصوات، وتنكر الأولاد والأمهات، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، يوم يوفيهم الله دينهم الحق، ويعلمون أن الله هو الحق المبين، يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، يوم تبطل فيه الأنساب وتقطع الأسباب، ويشتد فيه على المجرمين الحساب، ويدفعون إلى العذاب، فمن زحزح عن النار وأدخل في الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. (......إلى الخ) الكلام الباقي في الخطبة الرابعة في المسجد.
[1] _ ذخائر العقبى: ص27. 2- شرح النهج: ج9، ص193. 3- الجنة العاصمة: ص104./ 4- ذخائر العقبى: ص31 ـ32.
[2] _
تعليق